الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو الدرداء الأنصاري حكيم الأمة وسيد القراء

23 أغسطس 2011 22:40
عمرو أبو الفضل (القاهرة) - الإمام أبوالدرداء من قراء الصحابة الذين حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أخذ القرآن منهم، كان من الحكماء والفرسان والقضاة، ولعلمه وورعه لقب بحكيم الأمة والإمام القدوة وسيد القراء. ويقول الدكتور حامد أبو طالب - الأستاذ بجامعة الأزهر - هو مكبر بن قيس بن زيد بن أمية بن مالك الخزرجي الأنصاري، والملقب عويمر، والدرداء ابنته كُني بها فقامت الكنية مقام اسمه حتى لا يكاد يعرف إلا بها. كان تاجراً ناجحاً من تجار المدينة النابهين المعدودين قبل أن يسلم، وقيل إنه أسلم يوم بدر، وذكرت كتب السير أنه كان يعبد صنماً، فدخل ابن رواحة، ومحمد بن مسلمة بيته فكسرا صنمه، فرجع فجعل يجمع الصنم، ويقول: «ويحك هلا امتنعت، ألا دفعت عن نفسك»، فقالت أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دفع عن نفسه، ونفعها. فقال أبو الدرداء: اعدي لي ماء في المغتسل، فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليه ابن رواحه مقبلاً، فقال: يا رسول الله، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا؟، فقال - عليه الصلاة والسلام: «إنما جاء ليسلم، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم»، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة، وكان ملازما للرسول - صلى الله عليه وسلم - وحفظ القرآن الكريم في حياته - عليه الصلاة والسلام - وقال أبو الزاهرية: كان أبو الدرداء من آخر الأنصار إسلاما، وعن خثيمة: قال أبو الدرداء:» كنت تاجراً قبل المبعث، فلما جاء الإسلام، جمعت التجارة والعبادة، فلم يجتمعا، فتركت التجارة، ولزمت العبادة». شجاعته وشهد أحداً وحضر الغزوات والمشاهد كلها، وظهرت شجاعته، وقال عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم: «ونعم الفارس عويمر» و»عويمر حكيم أمتي». وكان معدوداً فيمن تلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن القلائل الذين استطاعوا أن يحفظوا القرآن كاملاً في صدورهم، ولم تذكر المصادر أبداً أنه قرأ على غير النبي - عليه الصلاة والسلام - وذكر أنه قال: «لو أنسيت آية لم أجد أحداً يذكرنيها، إلا رجلاً ببرك الغماد، رحلت إليه»، وهو معدود فيمن كتب الوحي، إذ جمع القرآن في حياة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وعن الشعبي: جمع القرآن على عهد رسول الله ستة، وهم من الأنصار: معاذ، وأبو الدرداء، وزيد، وأبو زيد، وأبي، وسعد بن عبيد». وكان من أشهر علماء المدينة وأنشط الصحابة في تعليم أهلها مختلف العلوم الدينية والتاريخية والأدبية، وروى الليث بن سعد عن عبد الله بن سعيد قال: «رأيت أبا الدرداء دخل مسجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومعه من الأتباع مثل ما يكون مع السلطان بين سائل عن فريضة وسائل عن حساب، وسائل عن شعر وسائل عن حديث وسائل عن معضلة». تقواه وورعه وكان من العابدين الزاهدين يحب العيش الخشن، ويجتهد في العبادة، يصوم النهار، ويقوم الليل، ويكثر من الذكر وتلاوة القرآن، قيل له كم تسبح كل يوم؟، قال: «مئة ألف إلا أن تخطئ الأصابع»، وروى عون بن أبي جحيفة، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بين سلمان وأبي الدرداء، فجاءه سلمان يزوره، فإذا أم الدرداء متبذلة، فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك لا حاجة له في الدنيا، يقوم الليل، ويصوم النهار، فجاء أبو الدرداء فرحب به، وقرب إليه طعاماً، فقال له سلمان: كل. قال: إني صائم، قال: أقسمت عليك لتفطرن، فأكل معه، ثم بات عنده، فلما كان من الليل، أراد أبو الدرداء أن يقوم، فمنعه سلمان، وقال: إن لجسدك عليك حقا ولربك عليك حقا ولأهلك عليك حقاً، وصم وافطر، وصل، وائت أهلك، وأعط كل ذي حق حقه، فلما كان وجه الصبح، قال: قم الآن إن شئت، فقاما، فتوضأ، ثم ركعا، ثم خرجا إلى الصلاة، فدنا أبو الدرداء ليخبر رسول الله بالذي أمره سلمان: فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم: «أبا الدرداء، إن لجسدك عليك حقاً، مثل ما قال لك سلمان». وحين زاره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في بيته فلم ير فيه غير فراش من جلد، وكساء رقيق لا يحميه من البرد، فقال له: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟ فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثا حدثناه رسول الله؟، قال عمر: أي حديث؟ قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب». قال: نعم، قال أبو الدرداء: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟. صفاته اشتهر أبو الدرداء بالعفو والسماحة والتقوى، ورزق الحكمة وحسن الفهم، وعرف بالحرص على العلم ويربطه بالعبادة وكان عمله بما يعلم أقوى وأشد، وقال عنه الصحابة: «أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء»، ويذكر انه لما حضرت الوفاة معاذا بن جبل - رضي الله عنه - قال لأصحابه: «التمسوا العلم عند أربعة: أبو الدرداء، وسلمان الفارسي، وابن مسعود، وعبد الله بن سلام»، وقال عنه أبو ذر: «ما حملت ورقاء، ولا أظلت خضراء، أعلم من أبي الدرداء». ويحكى انه عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب إلى المدينة، وشوهد أبو الدرداء وهو يبكي، فسأله جبير بن نفير: «يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله»، فأجاب أبو الدرداء: «ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة، لها الملك، تركت أمر الله، فصارت إلى ما ترى». وفى خلافة عمر - رضي الله عنه - كتب إليه يزيد بن أبي سفيان: إن أهل الشام قد كثروا، وملؤوا المدائن، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم، فأعني برجال يعلمونهم. فدعا عمر معاذ، وعبادة بن الصامت، وأبا الدرداء، وأبي، وأبا أيوب، فقال: إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن، ويفقههم في الدين، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم إن أحببتم، وإن انتدب ثلاثة منكم فليخرجوا، فقالوا: ما كنا لنتساهم، هذا شيخ كبير لأبي أيوب، وأما هذا فسقيم لأبي، فخرج معاذ وعبادة وأبو الدرداء. حلقات تعليم القرآن في دمشق تصدر أبو الدرداء لتعليم القرآن والفقه والإقراء في دمشق في خلافة أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - وبين المؤرخون أنه كان أول من نظم حلقات تعليم القرآن، فكان يجتمع في حلقته أكثر من ألف رجل، فيجعل لكل عشرة منهم ملقناً، فإذا أتقن الرجل القراءة قرأ عليه. وروى أبو الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مئة وتسعة وسبعين حديثاً، وروى عنه من الصحابة أنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو، كما روى عنه من التابعين سعيد بن المسيب، وابنه بلال وغيرهم. وتوفي - رحمه الله - سنة 32 هـ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©