السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

من يحمي التراث الإنساني مـن الضياع؟!

من يحمي التراث الإنساني مـن الضياع؟!
25 ديسمبر 2017 23:08
أحمد عبدالعزيز (أبوظبي، طوكيو) تعاني منطقة الشرق الأوسط العديد من المشكلات التي طفت إلى السطح بقوة خلال السنوات العشر الماضية وأبرزها تهريب التراث الإنساني من أعمال فنية تاريخية أو آثار دول احتضنت لآلاف السنين حضارات جسدتها هذه الآثار، وأبرز هذه النماذج في العراق الذي فقد العديد من الآثار والأعمال التراثية التاريخية بعد الغزو الأميركي في 2003، وباتت هذه الظاهرة أكثر حضوراً منذ ست سنوات مضت وتحديداً بعد اندلاع أولى شرارات ما يسمى بـ«الربيع العربي» الذي خلف العديد من التوترات والنزاعات المسلحة في عدة دول عربية، وأدى إلى دول فاشلة في المنطقة، مع اعتلاء بعض الجماعات الإرهابية للحكم في بعض دول الربيع العربي. وتفتح «الاتحاد» ملف حماية الآثار والتراث الإنساني المهدد بسبب النزاعات، وتدق ناقوس الخطر بعد أن بادرت الإمارات بالتنبه لهذا الخطر الحقيقي وقامت بدور «مهم» في هذا الشأن. تقارير أممية ويقول جورج باباجينايس المتحدث الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» لـ «الاتحاد»: «إن الاتجار غير المشروع وغير القانوني بالآثار في سوريا والعراق واليمن لا توجد له إحصاءات دقيقة، وعلى الجهات المسؤولة في هذه الدول التعاون في تسجيل الإحصاءات المتعلقة بضبطيات الآثار المهربة إذا كانت لديهم نية لفعل ذلك»، إلا أن التقديرات على الأرض ومن خلال الصور التي تم التقاطها بوساطة الأقمار الصناعية تؤكد أن هناك دماراً واضحاً لمئات من المواقع الأثرية في (سوريا والعراق واليمن)، علاوة على سرقات لآلاف القطع الأثرية والتراثية، ونعمل حالياً في المنطقة والعالم من دون دليل واضح أو شهادات تصدير أو أساليب صحيحة للتتبع. ويضيف أن هناك بعض التقديرات عن التجارة غير المشروعة فيما يتعلق بمقتنيات الآثار والتراث الإنساني وفق تقارير صدرت عن الأمم المتحدة وتحديداً تقرير «السلامة المالية العالمية 2017» الذي يشير إلى أن سوق الآثار غير القانوني يقدم أرباحاً من 6 إلى 8 مليارات دولار أميركي سنوياً، لكن معظم ما يرتبط بهذه السوق السوداء قطع مزيفة، مضيفاً أن التقرير ذاته شمل التجارة غير المشروعة للممتلكات الفنية ربما ترواح بين 1.2 و1.6 مليار دولار أميركي سنوياً. ما يجب فعله؟ ويوضح المتحدث الرسمي لليونيسكو أن هناك خطوات وقائية هي الأفضل لحماية التراث والآثار، لذا نوصي بأن تصدق الدول الأعضاء على الاتفاقيات ذات الصلة مثل ميثاق 1970 لليونيسكو واتفاقية المؤسسة الدولية لتوفيق القوانين الخاصة مع القوانين الدولية UNIDROIT لعام 1995، وذلك لمزيد من الحماية. خطر حقيقي ويشير تقرير، أصدرته الأمم المتحدة في نهاية عام 2014، إلى أن انفجار الأوضاع بسوريا في مارس 2011 أدى إلى عمليات نهب وتدمير للكنوز الأثرية، وأن نحو 300 موقع أثري سوري تم تخريبها وفي مقدمتها الآثار الإسلامية في جميع المناطق السورية والمدينة الأثرية في تدمر والتي تعد من أهم المواقع الأثرية في العالم، علاوة على الآثار اليونانية والرومانية بأفاميا. وتم إدراج ستة مواقع أثرية سورية على لائحة التراث العالمي وهي أحياء دمشق القديمة وحلب القديمة التي تعتبر أقدم تجمع بشري بالعالم وأحد أكبر المراكز الدينية بالعالم القديم ومدينة بصرى القديمة ومدينة تدمر والقرى الأثرية شمالي وشمال غربي البلاد حيث المناطق الواقعة شمال الهضبة الكلسية والتي تضم مئات الأديرة والكنائس التاريخية، علاوة على قلعة المضيق وقلعة الحصن. كنوز في قبضة الإرهاب ويشير الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقاله بصحيفة الإندبندنت البريطانية: «إلى أن كنوز سوريا الأثرية مثل قلاع الصليبيين والكنائس والمساجد العتيقة العتيقة وفنون التزيين باستخدام الفسيفساء الرومانية والمدن القديمة في المناطق الشمالية بسوريا والمتاحف المليئة بالآثار النادرة والتاريخية، أضحت عرضة لأيدي اللصوص وفريسة للمليشيات الحكومية السورية والإرهابيين». الإمارات استشعرت الخطر ويقول السفير عبد الله، علي مصبح النعيمي المندوب الدائم للإمارات لدى اليونيسكو: «إن قيادة الإمارات الرشيدة استشعرت حجم المخاطر الجسيمة الناجمة عن الحروب والنزاعات المسلحة وخطورتها على الآثار وكنوز الماضي، إضافة إلى قيام شبكات تهريب للقطع الفنية والاتجّار بها، بسبب الفوضى السياسية وانهيار مؤسسات بعض دول المنطقة. لذلك بادرت إلى الدعوة لتحالف دولي لحماية التراث في مناطق النزاع، بالشراكة مع الجمهورية الفرنسية، في ضوء علاقات ممّيزة ووطيدة بينهما. ويعتبر هذا التحالف تتويجاً للمؤتمر الدولي لحماية التراث الثقافي المهدد بالخطر في مناطق النزاع، الذي احتضنته أبوظبي في ديسمبر 2016»، وانبثق منه إعلان أبوظبي كنواة أولى لمشروع طويل الأجل. وبعد ذلك استضاف متحف اللوفر في باريس مؤتمراً للمتبرعين برئاسة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وجسد المؤتمر خطوة تأسيسية أولى في مشروع إنشاء صندوق مخصّص لحماية التراث المهدد بالخطر، وتوفير الدعم المالي الضروري لتنفيذ المشاريع الوقائية ومهمات التدّخل السريع وبرامج ترميم الممتلكات التراثية المعرضة لخطر التدمير أو التلف أو التهريب، تحت وطأة الصراعات المسلحة». ويضيف: «لا شك في أن هذه المبادرة أحدثت أصداء إيجابية في الدوائر الإقليمية والدولية. وسارعت منظمة اليونيسكو إلى الدخول كشريك فيها. وكذلك دول عربية وعالمية تبرعت للصندوق الدولي، على غرار المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين والكويت وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا. ثم انعقد أول اجتماع لـ «مجلس إدارة التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع» في مدينة بيرن السويسرية في مايو الماضي، برئاسة مشتركة إماراتية-فرنسية. وجرى التأكيد خلاله حول انضمام 35 دولة والالتزام بميثاقه الذي ينّص على تمويل العمليات الوقائية والطارئة، ومكافحة الاتجار غير المشروع في القطع الثقافية الأثرية، وإنشاء ملاذات آمنة للآثار في دول الجوار، وإعادتها إلى أمكنتها الأصلية عندما يزول الخطر الذي يتربص بها ويتهدّدها». جهود مستقبلية ويشير السفير النعيمي إلى أن دولة الإمارات أثبتت أنها مهيأة وقادرة على المساهمة الفعّالة، ليس فقط في حماية وصون مخزونها الحضاري من الآثار، بل أيضاً مخزون المنطقة العربية والعالم. سواء عبر كشف تهريب القطع أو حتى ترميمها وصونها. وكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - رائداً في هذا الاتجاه، عندما بادر إلى تمويل عمليات ترميم وصون مواقع أثرية في اليمن. والقيادة الحالية مستمرة في هذا النهج ذاته. وليس التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع بالشراكة مع فرنسا، سوى علامة من علامات الحرص على الحفاظ على الآثار في العالم كهوية وذاكرة. الإمارات اليونيسكو ويقول السفير النعيمي: «إن الدور الذي يقوم به الوفد الدائم لدولة الإمارات لدى منظمة اليونسكو، يمثل حلقة وصل بين الجهات والهيئات المعنية في الدولة ومركز التراث العالمي التابع للمنظمة الأممية، في كل ما يتعلق بمسائل التراث، بشقيه المادي والطبيعي. ويمكن توصيف دور حلقة الوصل حيث شغلت دولة الإمارات مقعد العضوية في لجنة التراث العالمي طوال ولاية كاملة من 4 سنوات، في الفترة من 2009 إلى 2013. وكانت المشاركة إيجابية جداً واستفدنا من تجربة غنية ومتعددة الجوانب والأبعاد في لجنة التراث العالمي. وانعكس ذلك نجاحاً في تسجيل اول مواقع للإمارات على لائحة التراث العالمي. وكانت الدولة قد شغلت عضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي بين 2006-2010. ونجد بين هذه الآثار الفريدة أضرحة دائرية الشكل، مصنوعة من حجارة، وآباراً، ومجموعة عمارات من الطوب، تتوزع على مساكن، وأبراج، وقصور، ومراكز إدارية. ونعثر في موقع هيلي على أقدم نظام أفلاج، وهو نظام معّقد للرّي، يرقى إلى العصر البرونزي. ويشهد على انتقال المنطقة من ثقافة الصيد والقطاف، إلى الحالة الحضرية...). ويشير السفير النعيمي إلى أن الوفد الدائم لدى اليونيسكو يسعى لدعم الملفات الجديدة المرشحة للإدراج على قائمة التراث العالمي، مثل خور دبي ويتواصل في هذا الإطار مع المجالس الدولية ذات الصلة، مثل المجلس الدولي للمعالم والمواقع المخول تقييم الممتلكات المرشحة للائحة التراث العالمي وتفحص مقدار استجابتها للمعايير والشروط التي تقتضيها، إضافة إلى الجهود التي تركز على زيادة تسجيل المواقع الأثرية على لائحة التراث العالمي، الأمر الذي يفرض إعداداً جيداً ودقيقاً للملفات بهدف الفوز بنوع من الإجماع على القيمة الإنسانية والفريدة لهذه المواقع. ويوضح المندوب الدائم للإمارات لدى اليونيسكو، «أن الدولة تنبهّت مبكراً إلى تنّوع وثراء مخزونها الحضاري من الآثار والمواقع العائدة إلى تاريخ تليد، يرقى إلى العصر الحجري القديم، قبل آلاف السنين، مروراً بالحقب التالية، ووصولاً إلى المرحلة الراهنة الحديثة التي تزخر بدورها بالقلاع والحصون والأسوار وقنوات الريّ والمباني التاريخية. ولذلك صاغت منذ زمن التأسيس، عام 1971، استراتيجية شاملة للمسح الأثري، ورسم الخرائط والتنقيب، والعثور على قطع وتحف تحولت إلى مقتنيات متحفية، ذات رموز ودلالات بعيدة المدى. وأمام هذا الحصاد الوفير من كنوز الماضي، كان لابدّ من إدارته، وحمايته، وصونه من عوادي الأيام. فأقيمت المتاحف الوطنية والمتخصّصة، كإنجاز حضاري وعامل جذب سياحي». حق الأجيال القادمة ويؤكد سيف سعيد غباش، مدير عام دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، أن جهود دولة الإمارات وفرنسا اجتمعت في ديسمبر 2016، لإطلاق مؤتمر «الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر»، بهدف حماية وصون المواقع الثقافية في مناطق الصراع. وأقيم المؤتمر تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (اليونسكو)، وجمع قادة ورؤساء دول ووفوداً رسمية، تمثل أكثر من 40 دولة وجهة ومؤسسات حكومية وخاصة من المجتمع الدولي وخبراء عالميين معنيين بالحفاظ على التراث العالمي. ويقول: «إن هذه الجهود من شأنها الحفاظ على التاريخ والتراث، ونقله للأجيال التالية، وهو أمر من الضروريات الملحّة، خصوصاً خلال هذه الفترة التي يمر بها عالمنا، الذي تتعاظم فيه الحاجة إلى التسامح بين كل شعوب الأرض والتعايش بسلام ووئام. ولهذا فمن الضروري أن تعمل دولة الإمارات مع باقي دول العالم المعنية بهذا الأمر لحماية تراثنا الإنساني من أجل الأجيال القادمة». خطط مستقبلية وعن الخطوات التي يجب اتباعها في المستقبل لإنقاذ المواقع الأثرية في الشرق الأوسط، يقول غباش: «إنه سيتم الاستفادة من الدعم المالي المقدم لصالح تحالف «ألف» لتفعيل الإجراءات الأساسية لجهود حماية التراث، والتي تتضمن جرد الممتلكات الثقافية ورصد حالة المحافظة عليها، فضلاً عن تعزيز إجراءات الاستجابة السريعة والفعالة للتهديدات التي تهدد الممتلكات الثقافية، بالإضافة إلى التدريب والدعم اللوجستي على المستوى المحلي، واتخاذ التدابير الوقائية للحماية، والتنسيق وتنفيذ برامج إعادة تأهيل الممتلكات الثقافية التالفة، والتي سيتم تنفيذها جميعاً بما يتماشى مع مبادئ واتفاقيات اليونيسكو». مخاطر تؤكد الدكتورة إنجريد بيرسيه - فاليرو، رئيسة قسم علوم الآثار وتاريخ الفن ومديرة برنامج ماجستير تاريخ الفن ودراسات المتاحف في جامعة السوربون أبوظبي، مخاطر تدمير التراث والآثار في عدة بلدان عربية نتيجة التوترات السياسية والنزاعات، حيث تعرضت مناطق أثرية بأكملها في سوريا والعراق واليمن لحالات من التدمير والتخريب والسرقة، مما يعني تأثر الأجيال القادمة، بما يحدث من تدمير للآثار وسرقتها وتخريبها. وتقول الدكتورة فاليرو: «ذهبت منذ ثلاث سنوات إلى العراق وسوريا، ورأيت العديد من المواقع الأثرية التي تهدمت، والدمار في هذه المواقع 20 أو 30%»، إلا أن الأكثر أهمية من التدمير السطحي هو السرقة من تحت الأرض لهذه المواقع، حيث يتم التدمير للمواقع الأثرية لإخفاء السرقة التي تمت. وإذا نظرنا إلى بالميرا عبر جوجل سنجد أنه كان هناك تدمير ممنهج وكذلك حفريات بجانب الموقع وتمت سرقة حوائط من الفسيفساء في العراق وسوريا، بالإضافة إلى مواقع رومانية وبيزنطية كانت تشمل بيوتا أثرية وبها حوائط مطعمة بالفسيفساء وفقدت هذه القطع منذ عام 2011، والان لا يمكن الرجوع إلى الوراء حيث إن ما تم من تدمير قد وقع بالفعل. وتشير إلى أنه من الصعوبة البالغة معرفة حجم التدمير والآثار المسروقة خاصة في الدول التي ما زالت تعاني التوترات السياسية والنزاعات المسلحة، حيث لا يمكن زيارة بعثات متخصصة في الآثار إلى هناك، لافتة إلى أنه في 2016 وبعد مغادرة داعش لمدينة «تدمر» السورية فإن الأثريين يتابعون الموقف عن طريق لبنان ولا يمكن الوصول إلى هذه المناطق الأثرية، إلا أن هذه المواقع يمكن زيارتها والوصول إليها بعد توقف النزاع المسلح، مثلما الحال في لبنان، حيث توجهت البعثات الأكاديمية إلى لبنان بعد توقف الحرب الأهلية به والتي استمرت نحو 20 عاماً. تطهير عرقي وتلفت إلى أنه حتى الآن لا يوجد إحصاء دقيق للمواقع الأثرية التي وقع لها تدمير إلا أن التقديرات المبدئية تشير إلى أن هناك عشرات المناطق التاريخية في هذه البلدان تتعرض للمخاطر، حيث إن هناك مواقع شهيرة مثل تدمر بسوريا وبابل بالعراق تحوي عشرات المتاحف أيضاً والمواقع الأثرية التي تعرضت للسرقة والتخريب. وهنا يطفو على السطح سؤال مهم وجدير بوضعه أمامنا وهو ما سبب تدمير المواقع والآثار؟ والهدف لهذه المنظمات الإرهابية ليس ما هو معلن لتدمير أصول الحضارة وجذورها، فهناك أمر غائب وهو طمس التاريخ العرقي والإثني لهذه المناطق وهو نوع من أنواع التطهير العرقي للآثار وتاريخ المنطقة وهذا أمر يمكن التفكير فيه إلا أن ذلك لم يكن السبب الوحيد لتدمير المواقع الأثرية، فهذه الجماعات الإرهابية تمارس سرقاتها للآثار لبيعها وتمويل عملياتها ويشغلون الرأي العام العالمي بالتدمير ويتبعون أساليب خبيثة في تهريب هذه الآثار للبيع في السوق السوداء في بعض الدول في أوروبا وأميركا في الوقت الذي شددت فيه اليونيسكو على ضرورة وقف التعامل مع الآثار وعدم شرائها لغلق هذه الممارسات وتجميد الأسواق التي تمول الإرهاب وتضيع التراث الإنساني. وتوضح أن العديد من المناطق الأثرية في سوريا تم تدميرها وعلى سبيل المثال معبد «بل»، حيث قام داعش بتدميره وتصوير فيديوهات لإرسالها للرأي العام العالمي ولكنهم لم يظهروا تدمير أحد أهم الأحجار الأثرية التي تعد جدارية هي الأكثر أهمية في المعبد، وتضم شرحاً لتاريخ المعبد، وبالتالي هذا دليل على أن هذه القطعة تمت سرقتها والتدمير الذي وقع للأعمدة التي تحيط المعبد جاء لإلهاء المجتمع الدولي عن هذه السرقة التي تسبق عمليات التدمير لإخفاء جرائم السرقة للقطع الأثرية لبيعها بشكل غير قانوني والحصول على أموال طائلة من الاتجار بها. وأكدت أن إنقاذ الآثار أمر ضروري وحتمي وعلى الدول في منطقة الشرق الأوسط التحرك واتخاذ خطوات باستضافة الآثار التي تعرضت لحالات تدمير أو محاولة إعادة الآثار التي تمت سرقتها وذلك بشكل مؤقت لردها إلى بلدانها الأصلية التي تعاني من التوترات بعد انتهاء الصراعات المسلحة. ولفتت إلى أن المتاحف أيضاً عليها مسؤولية لاسيما المتاحف الكبرى مثل اللوفر أبوظبي والذي أصبح من المتاحف العالمية التي يمكن أن تأوي الآثار التي تعرضت للخطر في المنطقة والإمارات لديها الكفاءات للعب ذلك الدور الذي ينقذ الآثار والتراث الإنساني. تهديد ويقول اللورد بروفيسور كولين رينفرو استاذ بمعهد ماكدونالد للبحوث الأثرية في جامعة كامبريدج البريطانية: «إنه وفق دراسة تمت في عام 2005 وتبين أن الآثار في العالم تقع تحت تهديد حقيقي من التدمير بسبب الحفريات التي تهدف إلى ترميم الآثار للبيع غير القانوني. وهذه الآثار يتم بيعها خارج منشأها لذا فإن طبيعتها الحقيقية من الصعب تمييزها ويتم الحصول علي العديد منها في نهاية المطاف من قبل المتاحف الكبرى في أوروبا وشمال أميركا. وتبنت منظمة اليونيسكو في عام 1970 ميثاق «طرق تجريم ومنع التصدير والاستيراد غير القانونيين ونقل الملكية الثقافية للمقتنيات الأثرية»، والذي خلق بيئة أخلاقية أدت لاعتماد المتاحف والجمعيات الممثلة لها سياسات تم وضعها لحماية القطع الأثرية من الاستحواذ المجهول المصدر وعلي الأرجح تكون آثاراً مسروقة. ولسوء الحظ، على مدار العقد الماضي كانت المتاحف تتخذ مواقف أكثر تساهلاً، كما أن مجتمعات علوم الآثار والإنثربولوجي (العلوم الإنسانية) كانت مسؤولة إلى حد كبير لأنها لاذت بالصمت. ويؤكد أن مجتمع الأكاديميين، وتحديداً الأثريين وطلبة التاريخ، فشلوا في مسؤولياتهم إقناع الآخرين بحماية التراث العالمي من الآثار، والذي يتم تدميره بوتيرة ومعدلات لا تتجه إلى الانخفاض، وبعض حالات التدمير تنتج عن العوامل الطبيعية مثل التآكل أو الغمر، وبعض الحالات من جراء الأعمال الزراعية مثل حرث الأرض أو من استخراج المعادن أو من التنمية الحضرية مثل البناء والتشييد والطرق، وأغلب حالات التدمير للتراث الإنساني على يد السارقين بدوافع التجارة ممن يمولون بشكل غير مباشر. سرقة الآثار والتراث على الصعيد العالمي ويسلط البروفيسور رينفرو الضوء على حالة العراق وما يحدث فيه من تدمير مستمر للتراث الأثري وخاصة الموثق من هذا الإرث الإنساني، وبين نهاية حرب الخليج بين 1991 و1994، تم تدمير 11 متحفاً إقليمياً لنحو 3000 قطعة أثرية و484 مخطوطة وتم إنقاذ 54 مخطوطة فقط. والأماكن المرتبطة بالحضارة الآشورية في شمال العراق التي تم استهدافها، وعلى الأقل 14 لوحاً مجسماً من قصر سنحاريب في مدينة نينوي الأثرية. وكشف بروفيسور رينفرو عن أن بعض المعلومات عن دورة الآثار ودخولها في دائرة التجارة غير المشروعة جاءت من أرقام وإحصاءات رسمية لأجهزة الشرطة، ففي تركيا مثلا، كان هناك أكثر من 17 ألفاً و500 تحقيق رسمي للشرطة في آثار مسروقة، وذلك في الفترة من 1993 - 1995. وكذلك الشرطة اليونانية، سجلت أنه بين 1987 وحتى 2001 أعادت 23 ألفاً وسبع قطع أثرية. وبين أعوام 1969 حتى 1999 ضبطت الشرطة الإيطالية 326 ألف قطعة أثرية جاءت من حفريات غير قانونية، منها نحو 100 ألف تم إعادتها بين الأعوام 1994-1999. وفي عام واحد وتحديداً في 1997، أعادت الشرطة الألمانية في ميونيخ 50-60 صندوقا تضم 139 أيقونة و61 لوحة جدارية، وأربع لوحات فسيفساء تم تمزيقها من حوائط الكنسية القبرصية، إضافة إلى أن الشرطة السويسرية ضبطت 10 آلاف قطعة أثرية من أربعة مستودعات في الميناء الحر بجنيف والتي تعود إلى تاجر آثار إيطالي وكانت الشرطة الإيطالية قد ألقت القبض عليه كان يقتني بشكل غير قانوني ما بين 10 آلاف إلى 30 ألف قطعة أثرية. دور المتاحف وتحدث البروفيسور رينفرو عن الدور الذي يجب أن تضطلع إدارات المتاحف والمسؤولية التي تقع على عاتقها، قائلاً: «سعينا دائماً إلى القول بأنه على الرغم من أن السرقات تحدث في المناطق البعيدة وأحياناً في الدول المتقدمة، فإن على المتاحف مسؤولية كبيرة. والحوافز التي تدفع لسرقة الآثار تأتي من السوق والتي تباع فيها القطع الأثرية لتحقيق الربح الكبير. ويؤكد أن تجار الآثار ليسوا وحدهم من يحرك السوق بل إن هناك عناصر مثل التجار عابري الحدود وصالات المزادات. تكاتف دولي يؤكد باحثون من جامعة كانساي في مقاطعة أوساكا اليابانية أهمية التكاتف والعمل على إيجاد وسائل حديثة تساعد في ضبط القطع الأثرية والتراثية قبل تهريبها، مشيرين إلى ضرورة إيجاد وسائل تقنية لمنع السرقات والاتجار غير المشروع مثل خاصية التتبع لهذه القطع في حال سرقتها. والتقت «الاتحاد»، خلال زيارة قامت بها لمدينة أوساكا مؤخراً، الدكتور نيشيورا تادوكي أستاذ علوم الآثار بجامعة كانساي باليابان نائب رئيس منظمة حماية الممتلكات الثقافية وعضو المجلس الاستشاري الفخري بمعهد الممتلكات الثقافية باليابان رئيس فخري لجمعية حفظ التراث الثقافي لشرق آسيا، للحديث عن الوضع الراهن، وقال: «إن هناك مخاطر أخرى تحيط بالآثار في الشرق الأوسط حيث تم تدمير مواقع كثيرة في عدة بلدان عربية، وهذا في حد ذاته أمر غريب ويثير الريبة وجدير بالبحث والمتابعة إلا أننا كباحثين وأكاديميين لا يمكننا عمل شيء الآن بسبب تردي الأوضاع في مناطق النزاعات، ولكننا في مصر قمنا بالعديد من الجهود بالتعاون مع جامعة القاهرة لترميم بعض الآثار». ويضيف أن تخريب الآثار من الأفعال الغريبة والتي لا نجد لها مبرر وعلى الدول والحكومات أن تعمل على اتخاذ إجراءات لحماية هذه المناطق التاريخية والحفاظ على ما تبقى من آثار. وعن الوضع في سوريا واليمن والعراق، يقول: «إن الوضع في هذه البلدان صعب للغاية وإنه في حال توقف العنف الدائر هناك لا يمكن للحكومات إعادة ترميم الأماكن المدمرة ولكن يمكن تتبع المسروقات»، ويجب أن ندرك أهمية التراث الثقافي والآثار التي تمنح الشعوب معرفة تاريخها وماضيها وبالتالي يمكنهم أن يرسموا طريق المستقبل، مضيفاً أن الأماكن التي تم تخريبها أو هدمها لا يمكن إعادتها كما كانت ولكن يمكن عمل نماذج منها لتأريخ هذه الآثار المدمرة لتعريف الأجيال القادمة بالأحداث التي دارت في وقتنا هذا». قال الدكتور زكي أصلان الممثل الإقليمي للمنظمة الدولية لحماية وصون التراث «إيكروم»: «إن الإمارات قامت بجهود كبيرة في حماية التراث الثقافي والإنساني في الأَولى الأخيرة وهذا يتمثل منذ تم دعائم إنشاء مبنى هذا المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي التابع لمنظمة إيكروم بدعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة له منذ عام 2008م، وقد تم إنشاء المبنى بهذا المركز ضمن معهد الشارقة للتراث في ديسمبر 2014م، وكذلك فإن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإطلاق صندوق حماية التراث العالمي العام الماضي بإشراكه مع الجمهورية الفرنسية هو دليل آخر على مساهمة الدولة على المستوى العالمي في حفظ التراث الذي يتعرض للتدمير والنهب والسرقة، كما نلاحظ في السنوات الأخيرة بأن الأنشطة الثقافية والتراثية في تزايد مستمر في إمارات عدة. وتقوم وزارة الثقافة وتنمية المعرفة في الدولة بالمساهمة في الحفاظ على المواقع والمباني الأثرية نذكر منها موقع الدور الأثرية في إمارة أم القيوين وهو موقع على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي، كما أنه هناك جهودٌ دولية عديدة مع المنظمات مثل إيكروم التي تستضيفها دولة الإمارات، لتخدم احتياجات المنطقة العربية والمنظمات الأخرى مثل:- الانتربول واليونسكو». وعن الجهود المبذولة لحماية التراث الإنساني، يضيف «ذكرنا في هذا السياق الأعمال المختلفة التي تقوم بها منظمة «إيكروم» من خلال مكتبها في إمارة الشارقة من أجل التعاون مع جميع المؤسسات الثقافية والمتاحف المحلية في الدولة وتقديم أنشطة متنوعة ضمن برامج محكمة تهدف إلى تحسين الكفاءات والقدرات المؤسساتية والنشر المعرفي في مواضيع الحماية والإدارة وحفظ التراث الثقافي في المنطقة العربية، وزيادة الوعي بأهمية موضوع الحفاظ على التراث الثقافي الذي يتعرض للتهديد كل يوم بأعمال نهبٍ وتدمير في المنطقة العربية فيما يخص أيضاً الأساليب والأسس والمعايير الدولية في أعمال الصيانة والترميم وتوفير الحماية». ويشير إلى أنه تم إعداد أكثر من دليل في هذا السياق ودراسات لمناطق أخرى مرت بظروفٍ مشابهة تمر بها بعض هذه الدول فكان لنا تعاون مع متحف اللوفر، ومؤخراً عقدنا في مدينة روما مؤتمراً يُعنى بهذه المجالات، والتي يعتبر توثيق التراث فيها من أهم الإجراءات التي تحول دون ضياع هذا التراث، كما قمنا بإعداد دراسات مختلفة مع مؤسسات شريكة مثل الانتربول واليونسكو، وتقديم مواد تعليمية للعاملين في هذه الدول المنكوبة». اليونيسكو: قلق بالغ على آثار اليمن قال جورج باباجينايس المتحدث الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» إن التراث اليمني والآثار تأثرت بشكل حاد، حيث إن المواقع التاريخية والأثرية ومقتنيات المتاحف دمرت في مختلف المناطق.وكشف باباجيناس أن النزاعات أثرت على أربعة مواقع للتراث العالمي (ثلاثة مواقع ثقافية وهي المدينة القديمة في شبام، ومدينة صنعاء القديمة، ومدينة زبيد التاريخية بالإضافة إلى موقع طبيعي تاريخي واحد في أرخبيل سقطري) وموقعين اثنين في صنعاء وزبيد تأثرا بسبب النزاعات، ومن بين 10 مواقع أخرى في القائمة المؤقتة للمواقع الأثرية، تضم مأرب والمدينة التاريخية في صعدة وعدداً من المواقع المهمة أيضاً سجلت أنها تأثرت في براقش وقلعة القاهرة في تعز ومسجد الإمام الهادي في صعدة ومتحف ذمار ومسجد الأشرفية والأضرحة في حضرموت. وعن التصدير والاستيراد غير المشروعين، قال باباجيناس: «إن هذا النوع من الاتجار يهدد التراث الثقافي والإنذار الوحيد الذي تم إبلاغه لليونيسكو من السلطات السويسرية في جنيف، حيث تم مصادرة عدد من المقتنيات تم انتزاعها من اليمن بشكل غير قانوني، وقد تحققنا من صحتها مع السلطات المحلية في الجمارك السويسرية التي طلبت منها اليونيسكو الاحتفاظ بالأشياء حتى تحين اللحظة المناسبة لإعادتها». وأضاف أن مكتب اليونيسكو المسؤول عن الخليج واليمن يعمل بالقرب من السلطات اليمنية لجمع معلومات عن ثلاثة متاحف تم تدميرها والمقتنيات في المواقع الأثرية لمنع السرقات المحتملة والاتجار غير المشروع لهذه الأعمال الأثرية. ماريا بولنر لـ«الاتحاد»: دور الإمارات مهم في مكافحة الاتجار غير المشروع بالتراث والآثار عن دور الإمارات في مكافحة الاتجار غير المشروع وغير القانوني بالآثار، تحدثت مع «الاتحاد» ماريا بولنر خبيرة السياسات في منظمة الجمارك العالمية، قائلة: «إن دور الإمارات غاية في الأهمية، حيث إنها شريك لنا في مكافحة الاتجار غير المشروع ونقل الأهداف الأثرية والثقافية والتراثية عبر البلدان»، مضيفة «أن الإمارات تعتبر سوقاً ناشئة في مجال التحف الفنية وخاصة الفن الإسلامي، لذا فإن الدولة حريصة ولديها مسؤولية جادة في منع هذا النوع من التهريب والاتجار غير المشروع لهذه الأهداف وأظهرت بالفعل دولة الإمارات التزاماً بموقفها. وهناك العديد من الأشخاص في المنطقة بدأوا مؤخراً في تكوين المقتنيات الفنية، لذا فإنه من المهم جداً أن يضمنوا شراء قطع فنية مرخصة قانوناً في إطار البيع وألا تكون آثار أو تراث إنساني تم جلبها من مناطق النزاعات». وتضيف «أن هناك شواهد عديدة على جهود الإمارات في صون التراث الإنساني وحماية الآثار ولعل أهمها في ديسمبر العام الماضي حينما أطلقت دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية مبادرة مهمة للغاية بإعلان «صندوق حماية التراث الثقافي والذي يبلغ 100 مليون دولار أميركي، حيث جاءت المبادرة برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبحضور فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي السابق، وذلك لحماية التراث الثقافي». وتشير بولنر إلى أن المنظمة تقدر جهود الإمارات ورجال الجمارك في إمارة الشارقة، حيث إنهم نجحوا في ضبط 354 قطعة أثرية تاريخية مصرية، وقام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بإعادتها إلى جمهورية مصر العربية، مؤكدة أن منظمة الجمارك العالمية على استعداد لتدعيم جهود القائمين على الجمارك في الإمارات وتطوير الأدوات والمعدات، وتزويد الضباط في الجمارك بالتدريب اللازم والمعرفة الضرورية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©