الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رسائل نصية ملغومة

رسائل نصية ملغومة
19 نوفمبر 2010 20:13
حصل أن تعرفت إلى امرأة في عمل مشترك، وجرت بيننا عدة مكالمات هاتفية بريئة، لكنني فوجئت بها ترسل رسالة فارغة عند منتصف إحدى الليالي، ثم حصل هذا أكثر من ليلة. ومع كل رسالة تزداد شكوكي وأسئلتي: ترى ماذا تريد تلك المرأة؟ وما هو القصد؟ ألا تعـرف أننـي متزوج وأنـني أخاف من زوجتي كما الفأر من القط؟ وماذا عليّ فعله بالضبط؟ وهل بدر مني شيء يوحي بالاهتمام؟ عموماً هي جميلة، فهل أبادر إلى طلب يدها وأفتح بيتاً جديداً على أنقاض بيتي الحالي وأشرّد عيالي من أجل صاحبة الرسائل الفارغة؟ بالطبع لم أكن أمتلك الشجاعة لأردّ برسالة فارغة، ولا أن أسألها، فليس هناك في تصرفاتها الواقعية ما يريب، وكل الذي كان بمقدوري فعله هو الغوص في أعماق شخصيتها، ووضع سيناريوهات للأمور المحتملة، وتحليل العبارات التي لم ترد في رسائلها التي صنّفتها ضمن السكوت الذي هو أبلغ من الكلام. وفي إحدى المرات وصلتني الرسالة نفسها نهاراً، وبقيت ساعة أفكر إلى أن دفعني الفضول لمعرفة خبايا تلك المرأة للاتصال بها بعد أن هيأت جوّي النفسي وجهّزت بعض العبارات «الاستهبالية»، وعرفت منها وهي تضحك أن طفلها الصغير لا يهدأ إلا إذا أعطته جوّالها ليلعب به، وأن اسمي يأتي في أول قائمة الأسماء المخزنة، فأكون دائماً الضحية الأولى.. إذن هي متزوجة ولديها طفل تعطيه هاتفها، وهي غافلة عن طريقة تفكير مَن تلعب الأوهام في عقولهم، وهم باعتقادي الأغلبية الساحقة من الرجال. ويحدث أن يرسل إليك أحدهم نكتة سمجة ولا تجد الفرصة لمسحها من جوّالك. وفي وقت لاحق وبينما الجوّال في جيبك وأنت في السيارة، تضغط أردافك على الأزرار وتنطلق النكتة إلى جوّال حماتك.. فماذا سيكون موقفك منها، فأنت في كل الأحوال شخص قليل الذوق والأدب، لأنك إذا كنت متعمداً الإرسال فأنت تستحق ذلك الوصف، وإذا لم تكن متعمداً فأنت مستحق أيضاًَ لأنك تصادق شخصا قليل الذوق والأدب تتبادلان مثل تلك النكات. ويحدث أن يكون مديرك في العمل امرأة، ويحدث أيضاً أن تكتب رسالة نصية لزوجتك تبث فيها أشواقك الوهمية، ويحدث أيضاً أن تخطئ في الإرسال فتصل الرسالة إلى المديرة، فماذا تفعل حينها؟ فإذا التزمـت الصمت فأنت تثبت الجريمة على نفسك، وإذا تكلمت فأنت تثبت الجريمة أيضاً، لأنها ستقول إنك ثعلب ماكر وابتكرت هذه الطريقة لترى ردة فعلها، أي أنك رميت الصنارة لتصطاد سمكة بحجم المديرة. على مجانين التكنولوجيا الذين فكّروا في كل شيء أن يفكّروا قليلاً في طريقة تُبطئ أو تلغي مفعول تقنياتهم، بأن يفسحوا لمستخدم جوّالاتهم الفرصة للتراجع، أو التفكير، أو طرح أسئلة في الجوّال تتأكد من الرغبة في الإرسال من عدمه، خصوصاً أن ربع الخيانات الزوجية، سواء كانت حقيقية أو مفترضة، تكتشف من خلال الرسائل النصية بحسب استطلاع للرأي أجري على عملاء شركة اتصالات أسترالية.. وإلى أن يحدث ذلك، على البشرية أن تتحلى بالمزيد من حسن الظن بالآخرين. أحمد أميري Ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©