الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسعود برويز: «البورتريه» يكتب السير بالفرشاة ويتقصى ما وراء الملامح

مسعود برويز: «البورتريه» يكتب السير بالفرشاة ويتقصى ما وراء الملامح
19 نوفمبر 2010 19:57
إبداع الفنان العالمي مسعود برويز بأنامله ليس في إتقان تصوير تفاصيل ملامح الشخصيات فحسب، وإنما بما أضفاه على اللوحات من نظرة فلسفية تجاوزت حدود الملامح لتترجم أبعاد الشخصيات والتي لا يصلها إلا فنان «تفوق على الكاميرا»، وبلور بحرفية رصيده من تراكمات التفكير العميق، واستشعار التواصل مع الشخصيات قبل الشروع في تصويرها بريشته وقلمه. بين قسمات الوجوه وتعابيرها راحت أصابع مسعود برويز تسطّر صفحات التاريخ الإماراتي، مسلطاً الضوء عبر جماليات فن البورتريه على ملامح شخصيات ساهمت وتساهم في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تم عرض هذه الأعمال في معرض «وجوه إماراتية»، الذي يمتد حتى الرابع عشر من نوفمبر الجاري في مركز وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بجانب مسرح أبوظبي الوطني. دهشة عائلية تحدث برويز إلى «الاتحاد» عن مسيرته في عالم الرسم، قائلاً إنه ورث الاهتمام الشديد بدراسة الوجوه من والده الذي كان هو الآخر رساما هاويا لفن البورتريه وبطبيعة الحال انتقلت إليه العدوى، وأدهشت موهبته العائلة والأصدقاء مذ كان يافعا؛ غير أنه بدأ الرسم كمهنة في سن الخامسة والعشرين. وعما جذبه إلى فن البورتريه وجعله من عشاقه، يوضح أن البورتريه تمثيل فني للشكل الجسدي والنفسي للإنسان، وتتنوع أهداف رسم الوجوه من ثقافة إلى أخرى كما يتباين الطموح من هذا الرسم؛ فيرى شخص ما أنه إظهار للحب والولاء، بينما يجده آخر رمزاً للعظمة والسلطة، في حين يعني لثالث أنه تحقيق الخلود؛ موضحا «أنا أعشق هذا الفن وأعتبره مثل كتابة السير الذاتية، ولكن باستخدام الفرشاة أو القلم الرصاص». وعن الصعوبات التي يواجهها أثناء رسم وجه ما، وكيفية التغلب عليها، يوضح أنه يحتاج إلى كثير من الصور للرجوع إليها عند رسم البورتريه والكثير من المعلومات عن الشخصية لفهمها، وأحيانًا لا تتوافر مثل هذه الصور أو المعلومات؛ ما يجعل الأمر صعبا بالنسبة له، وهنا يعتمد على تفسيره الفني الخاص وأحياناً يحيد عن الواقع ويعتمد على البديهية بحسبما يمكن رؤيته. وفي هذا السياق، يلفت إلى أن أبرز الألوان والخامات التي يستخدمها هي الألوان الداكنة والقلم الرصاص وورق الرسم المتوسط، كما يستخدم الألوان الزيتية في اللوحات الزيتية المرسومة على القماش، مبيناً أن أفضل الأوقات التي يمارس فيها الرسم عادة ما تكون بعد النوم الجيد ليلاً وتناول وجبة الإفطار، ولكن عندما يكون في الحالة المزاجية يمكن أن تكون ساعات العمل مرنة، وأحيانًا يعمل في أوقات متأخرة من الليل، ومن هواياته إلى جانب الرسم الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية، وسيمفونيات بيتهوفن وموتسارت وهاندل. المثل الأعلى عن حول تطلعاته في المرحلة القادمة، يذكر أن مجموعة البورتريهات المرسومة بقلم الرصاص لوجوه الزعماء تعتبر استهلالاً لمجموعة كبيرة من البورتريهات الزيتية الضخمة لشيوخ الإمارات، كما تمنى أن يرى أعماله في الأرشيف والمتاحف الوطنية بالإمارات، كاشفاً عن رغبته في تأسيس استوديو تعليمي في الدولة يشارك فيه جيل الشباب بخبراته وينقل إليهم معارفه. ويلفت إلى أن مثله الأعلى ليوناردو دا فينشي ورامبرانت وفيرمير وباكستون وبوجورو، حيث ألهمته أعالمهم الكثير عن عوالم الفن الخفية. ورداً على سؤال حول أبرز ملامح الوجوه العربية لو أراد التعبير عنها في كلمات، يقول «هذه الوجوه تتميز بعيون آسرة وتتمتع بملامح متعددة مفعمة بالحيوية والنشاط، ويمكن الشعور بالطاقة الكامنة بداخلها». وعرّف برويز فن (البورتريه) بأنه «محاكاة وتصوير لشكل الشخص الخارجي وحالته النفسية، وتختلف أغراض هذا الفن باختلاف الثقافات. وتنطق هذه اللوحات بمشاعر وطموحاتٍ عديدة، إذ يمكن أن تبوح بمشاعر الحب والإخلاص لأحدٍ ما، وقد تكون رمزاً لإظهار سلطة وعظمة البعض الآخر، إن هذا الفن يخلد ذكرى الشخصيات». وعادةً ما يدور في خلد فناني لوحات «البورتريه» أثناء رسمهم إياها، وفق برويز، هدفان غايةً في الاختلاف، فقد يقوم البعض برسم الوجه تماماً كما هو، مفسحاً المجال للمشاهدين بأن يكونوا انطباعهم الخاص، بينما يحاول آخرون أن يضيفوا على اللوحة ما هو أكثر من مجرد تمثيلٍ دقيقٍ للوجه وكأنهم بذلك يقدمون للمشاهدين فكرةً مسبقةً عن شخصية هذا الإنسان. محاكاة الجوهر في رأيه، يمكن بالفعل محاكاة جوهر الشخص من خلال رسم الوجه بدقةٍ كما هو، وما ذلك إلا للحصول على ترجمةٍ دقيقةٍ له. إلا أنني أخشى أن تفضي محاولة اللجوء إلى إدخال إضافاتٍ تتجاوز التصوير الدقيق للوجه مهما كانت محدودة، إلى ارتكاب لغطٍ في ترجمة تاريخ الشخص. ويقول «يجب ألا ننسى أن هذه البورتريهات هي لأبرز شخصيات الإمارات المحبوبين، وستنظر إليهم أجيال المستقبل بلا ريب على أنهم القدوة والمثل الأعلى، تماماً كما ننظر إلى صور آبائنا وأمهاتنا، ننظر إليها والنفوس ملتهبةٌ بمشاعر الحب والإخلاص». ويبين أن معرض «وجوه قيادية» تضمن 85 بورتريه. في قسمين الأول رئيسي «وجوه قيادية» ويضم 39 بورتريه احتفالاً بالعيد الوطني التاسع والثلاثين لدولة الإمارات العربية المتحدة، والقسم الثاني فرعي بعنوان «انطباعات» للوجوه القيادية ويضم 46 بورتريه. وتمتلك هذه الوجوه والعيون طيفاً كبيراً من الملامح العربية، وتتميز هذه الشخوص بوضعيتها العادية وغير المتكلفة أثناء الرسم، الأمر الذي يساهم، بمنح المشاهد انطباعاً صافياً وذاتياً بشكلٍ أكبر، إذ يراهم المرء وهم مرتدون الزي الإماراتي التقليدي ورسوماتهم ملأى بالتعابير المختلفة دون إغفال الاحترام المستوجب لشخصياتهم. دوافع الإنجاز تتميز بعض لوحات برويز بواقعيتها والبعض الآخر يتجاوز هذه الواقعية لتتناسب مع الوضع السياسي والاجتماعي لبعض القادة البارزين، وعن دوافعه لإنجاز مشروع «وجوه قيادية»، يقول «حظيت لوحاتي الأولى بآراء نقدية جيدة من عائلتي وأصدقائي. وكانوا يشجعونني باستمرار لأرسم مجموعة من البورتريهات بقصد عرضها. وهو ما ألهمني وساندني في مسيرتي لأرسم مجموعة هائلة من اللوحات التصويرية للقادة التاريخيين والمعاصرين في الإمارات». ويتابع «بعد إنجازي لمجموعة «وجوه قيادية» التي احتوت على خمس وثمانين لوحة خلال سنة واحدة تقريباً، كانت أمنيتي هي إثبات أنني واحد من أكثر رسامي لوحات البورتريه إنتاجاً في العالم». وعن خطط العمل، يقول «كل وضعية وكل تعبير تستلزم دراسة لعدد من الصور المرجعية لموضوع اللوحة، فأحياناً أرى الوجه من إحدى الزوايا وأضطر لرسمه من زاوية أخرى. وأضطر لتعديل تعبير الوجه دون تغيير الشخصية العامة». ويتابع «يستلزم التكوين مراعاة وضع العناصر المتنوعة للوحة وفقاً لأهميتها، وإدراك الرقي الذي تتحرك به عين المشاهد في جوانب اللوحة، وكيف تتبع عين الوجه في اللوحة المشاهدَ في أنحاء الغرفة عندما تلتقي أعينهما، بالإضافة إلى خاصية الضوء والعمق التي تتركها الخلفية ومدى تأثيرها على الوجه، ومقارنة درجة لون البشرة وإحساسها مع الملابس، وعلاوة على ذلك، التشابه حيث ينبغي تمييز كل وجه عن الآخر بكل يسر، مؤكدا «أنا شخص منفتح الذهن وأرحب بالنقد، ولكن أؤمن بأن النقد يجب أن يكون مطراً رقيقاً، يغذي النبتة ولا يدمر جذورها». لمحة ذاتية ولد الفنان مسعود برويز وترعرع في باكستان وقضى 14 عاما في الولايات المتحدة الأميركية وعمل فيها أستاذاً للفن لمدة عامين، وحصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من مدرسة هوفبيرجر للرسم بمعهد ماريلاند بكلية الفن، وإلى جانب دراسته فقد كانت تجتذبه أعمال فناني البورتريهات الكبار أمثال ريمبرانت ووليم باكستون وبوجورو. كما سافر إلى فرنسا ودرس الإبداعات الفنية بمتحف اللوفر بباريس. وتم اقتناء أعماله من قبل مؤسسات حكومية مهمة مثل البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية وجامعة كارولينا والجيش الباكستاني. معارض فنية حول العالم نظم مسعود برويز العديد من المعارض من بينها سلسلة معارض «تيار الوعي» التي أقيمت في قاعة مجموعة وليامز في نيوجيرسي بالولايات المتحدة، ومعرض «الأعمال الفرضية إم إف أيه» في ماريلاند بالولايات المتحدة، ومعرض «بورتريه الجنرال ألكسندر هيك» في فيرجينيا وواشنطن العاصمة، ومعرض «رسومات واسكتشات» في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة الأميركية، ومعرض «الأساطير المرسومة» (الميثولوجيا الإغريقية المرسومة على إناء فخاري) في إسلام آباد بباكستان، ومعرض «السفن الطويلة» (لوحات مرسومة بالزيت عن التاريخ البحري) في إسلام آباد وكراتشي بباكستان، ومعرض «كنوز الخليج» (لوحات مرسومة بالزيت عن التراث الثقافي العربي) في إسلام آباد وفي المجمع الثقافي في أبوظبي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©