الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خالد الراشد يجوب فضاءات الخيال والذاكرة

خالد الراشد يجوب فضاءات الخيال والذاكرة
12 أغسطس 2012
عمر شبانة (دبي)- يكتب الشاعر خالد الراشد كتابه “مزراب الشمال” بتدفق متصل، منذ جملة البداية “عادتي هكذا/ وهكذا كما تركتها”، حتى عبارته “لا الورد يثنيني/ لا الماء الذي منه أمرّ/ كان الكلام في قارب”. التدفق هنا يتضمن الصور والتأملات والعبارات الخارجة على قوانين اللغة والتراكيب المألوفة لها، تدفق للخيال والذاكرة في آن، يستحضر من خلالهما حياة وعلاقات ذات مذاق خاص، بحثا عما يشكل تجربته في العيش بعيدا ووحيدا “في الهيمالايا، مقره فيها، بين أشجار التفاح على الجبال، وسعيداً يجول العالم”. المجموعة الشعرية الجديدة، التي هي عبارة عن قصيدة طويلة للشاعر خالد الراشد هي الخامسة بعد “كله أزرق”، و”ضواحي الجنة” و”منمنم” و”راما روز”. قصيدة واحدة في كتاب يعني عالما واحدا تتلاقى فيه المناخات والعوالم المختلفة عند نقطة بملامح مميزة. وهو ما تعثر عليه في نص الراشد هنا، فهو نص يرتكز إلى رسم معالم من روح الشاعر في تطوافه، بل تشرد المقصود، في ما يمكن تسميته “الحج الروحاني” في عالم الروح والجسد معا، وهذه هي الصوفية الأرضية التي تجمع الأعالي والعالم الأرضي، بين الروحاني والمادي. منذ البداية يفاجئنا الشاعر بذاته المتمثلة في قوله “أنا الغرام يحملني الغيم”، ثم نراه محمولا نحو عالمه الأثير “مطلع الجبال وأناشيد المعابد”، ثم نرى “هذي الجبال التي شربت ماء روحي في الظلام”، وتتصاعد الحالة حتى يعلن “أنا الحلاج لم أنم”. هي أيضا صوفية من مختلف يرتبط بالمرأة ذات المواصفات المختلفة: هذه المرأة تستبيح روحي الآن لا بد لها من رقصة صوفية رقص الشجر في الغابات التي تشتعل سدى. مفردات الشاعر هنا مستلهمة من العالم الذي يعيشه، فالصمت والسكون والسماء المفتوحة والشجر والطير والغابات من جهة، والحنين والغربة والمتاهة من جهة أخرى. فإذا كانت الروح “متاهة رياح” فالجسد “متاهة صحراء”، وهو الموزع الذي يجمع بينهما سعيا إلى أن “الروح الغجرية لا تتعب من الرقص”. وتشعر معه كأنه ابن هذه العوالم الطبيعية التي تغيب عنها مظاهر التصنيع والتصنع: هذا أنا هذا الغروب من ساحلي هذا الشروق من الجبل بينهما أسير حاملا ظلامي وما أحتاج من النجوم يتركني الهواء على حالي صور المرأة في هذه القصيدة المطولة تتعدد ما بين “الرحمة هكذا في هيئة امرأة”، وبين “امرأة تمر هكذا بكل مرارة”. وبعد رحلة عسيرة يرى نفسه: حطامي كان متعسرا في المجيء حتى يلتقيك أنت كم تمطرين على الشجر أنا لم أترك طريقا بنيته فقط أترك فيه ملحا وشيئا من الملوحة هي شعرية خاصة تتكئ على مصادرها ومفعولاتها وتفاعلها مع العالم الذي اختاره الشاعر بعيدا عن الصخب والضوضاء، بعيدا عن المادة المكشوفة بحثا عن “فردوسه المفقود”، مرتكزا إلى البحر والسماء “هذا البحر قميصي والساحل رفيق درب/ السماء متاهي”. لكنها المتاهة اللذيذة التي جاءت باختيار الشاعر، بطل القصيدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©