الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالرحيم سالم: التطور في المشهد التشكيلي الإماراتي يعتبر مذهلاً ونوعياً

عبدالرحيم سالم: التطور في المشهد التشكيلي الإماراتي يعتبر مذهلاً ونوعياً
12 أغسطس 2012
(الشارقة)- يعد الفنان عبدالرحيم سالم أحد رموز الحركة التشكيلية في الإمارات، وكان لمساهماته القوية والمؤثرة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي وحتى الآن، دور في صياغة حراك فني مختلف، وخلق مناخ متجاوز يتعانق فيه قلق الفنان مع الهاجس التعبيري المتأني في خطوطه وألوانه وتكويناته، وفي بحثه أيضا عن طرائق متعددة تعالج الموضوع الواحد من خلال أنماط واقتراحات وتنويعات بصرية لا تهجر ولا تقطع الخيط الأصيل الذي يجمعها بهذا الموضوع. وسالم الذي كان أحد المؤسسين الأوائل لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية يتفرد بأسلوب خاص ومميز، مقارنة بمجايليه من الفنانين المخضرمين أمثال الدكتور محمد يوسف وحسن شريف ونجاة مكي ومنى الخاجة ومحمد القصاب وعبدالقادر الريّس وغيرهم من الفنانين الذين حملوا منذ البدايات همّ إنشاء قاعدة راكزة للفن التشكيلي في الإمارات. وعرف عبدالرحيم سالم بخوضه تجربة الأداء الجسدي والطقوسي الذي يقوم على التجريب والارتجال واستدعاء اللحظة الإشراقية الصانعة للشكل الفني في أقصى درجاته خفة وتجلياً وتذويباً للفكرة وسط أنساق لا نهائية من الأشكال والتكوينات اللونية المدهشة، ولعل انشغاله بأسطورة (مهيرة) التي اصابها مس العشق والانقياد لسحر غامض ومهلك، هو انشغال مبني على تجريد الحكاية من سطوتها وتجريد الشخصية أيضا من مأساتها، للدخول والتماهي مباشرة مع الخرافة الشعبية القائمة على استحضار لحظة العشق تلك، والامتزاج الكلي مع مهيرة في كونها حالة لونية فائرة بالعنف والجمال واللعنة والجنون والأنوثة المتوحشة والمحاطة أيضاً بإغواء ماكر وعذوبة عصية على التفسير. في الحوار التالي يتحدث عبدالرحيم سالم عن إسهاماته الفنية المبكرة، وعن عمله التشكيلي الأول الذي استطاع من خلاله أن يؤكد شرارة الموهبة المتقدة التي طبعت اسمه وحضوره في المشهد التشكيلي المحلي، كما يقارن في هذا الحوار بين البدايات الأولى التي تمخض فيها الفن التشكيلي في المكان، وبين الزمن الراهن الذي يشهد قفزات وتطورات ملحوظة فيما يقدم من أعمال حديثة ومعاصرة ومن اهتمام رسمي واتساع أفقي وعمودي على مستوى الكم والنوع، وعلى مستوى المناهج والمدارس العديدة المنتشرة تحت سماء الفن في الدولة. البدايات يشير سالم إلى أن بداياته الفنية تشكلت من خلال تجارب ومراحل متدرجة، انطلقت أولا من قاعات الدراسة في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ثم اتضحت ملامحها مع أول معرض جماعي شارك به في عام 1981 بقاعة أفريقيا بالشارقة، عندما قدم في المعرض منحوتة خزفية تعكس صورة امرأة بلا ملامح وتمتزج فيها عباءتها مع جسدها في كتلة واحدة، في وقت ــ كما يشير سالم ــ كان فيه المناخ العام متحفظا بشأن الأعمال النحتية، ولكن العمل ــ كما قال ــ كشف عن نضج في التعامل مع الخامة وتحويل الفكرة إلى شكل مجسّد ومعبّر عن عاطفة الفنان، وكيفية إبراز طاقته ورؤيته للموضوع الفني. ووصف سالم عمله النحتي ذاك بأنه أشبه بنقطة انطلاق نحو منطقة جديدة تتجاوز الانطباعية أو المباشرة في الطرح، وتدخل في نطاق التجريد وترجمة الانفعالات الداخلية التي لا يمكن لها أن تتحول إلى نمط فوتوغرافي وواقعي صرف. وحول المقارنة التي يمكن أن يعقدها بين فترة إنتاجه لعمله الأول في عام 1981 وبين الزمن الحاضر، يشير سالم إلى أنه وعلى المستوى الشخصي فإن المراحل الفنية التي اختبرها تعتبر سلسلة متماسكة وليست منفصلة عن بعضها، فمنذ المرحلة الأولى وحتى المرحلة التي يمكن وصفها الآن بالمرحلة رقم (خمسين) ــ كما قال ــ فإن التطور هو سمة هذا الانتقال وليس القطع أو الانقطاع عن المراحل التي تسبقها، وأوضح سالم أنه يستعد للانتقال للمرحلة التالية بأساليب فنية جديدة، ولكنها تتمتع بذات “الروحية” التي أنتج فيها عمله الأول قبل سنوات طويلة. تطور وبالنسبة للمشهد التشكيلي العام يشير سالم بأن التطور الذي لامس هذا المشهد يعتبر مذهلا ونوعيا خصوصا مع ازدياد رقعة الاهتمام بالفن التشكيلي على مستوى الأفراد والمؤسسات، وعلى مستوى الجمهور أيضا الذي بات أكثر وعيا بقيمة وأهمية الفنون بشكل عام، واوضح سالم أن الجمهور في الماضي كان قليلا ولكنه في الوقت ذاته كان متعطشا للتواصل، والتعرف إلى هذا الفن الجديد الذي يحمل خصوصيته وفضاءه المختلف عن الأنماط الفنية والثقافية الأخرى المجاورة له، مثل المسرح والدراما والموسيقا. وأكد سالم أن تواصل الفنانين في السابق كان قائما في الأساس على الألفة والحميمية والترابط والحماس المشترك، على عكس ما يحدث اليوم، حيث تحول الفنانون ورغم وفرة المؤسسات والمعاهد والجاليريهات إلى ما يشبه الجزر المعزولة والمنفصلة، وغابت ثقافة النقاش والجدل وإثارة الأسئلة التي كانت سائدة في المرحلة التأسيسية والتي كان الفنانون فيها، حسب قول سالم “ يبحثون عمن يحاورهم وينتقدهم ويضيء لهم مسارات جديدة تتعلق بتطوير تجربتهم وإثراء أسلوبهم الفني”. وأضاف “العلاقة بين أغلب الفنانين في الفترة الراهنة بات يقوم ــ للأسف ــ على النزاع والغيرة والتنافس غير الصحي، بحيث ظهرت الشللية في الوسط الفني وتم تقسيم الفنانين حسب اتجاهاتهم وأساليبهم، فهناك التقليديون أو الكلاسيكيون، وهناك الحداثيون أو المعاصرون، وهناك أيضا الجيل السابق والجيل الجديد، رغم أنها توصيفات وتقسيمات واهية وغير منصفة لجهود وعطاءات الفنانين الرواد والمؤسسين للحركة التشكيلية”. ونوه سالم بأن المنتصرين للفن المفاهيمي أو التركيبي مثلا يعتقدون أن اللوحات التجريدية أو السوريالية تنتمي للحقبة الكلاسيكية في المشهد التشكيلي العربي، بينما هي في الأصل ــ كما قال ــ تنتمي للمدرسة الغربية ــ وأضاف “لا يوجد فن عربي خالص سوى فن المنمنمات الذي ابتدعه الواسطي وانتشر بعد ذلك مع فني الخط والزخرفة في الحواضر العربية والإسلامية”. وأوضح عبدالرحيم سالم أن هناك فنانين مثل حسن شريف ومحمد كاظم وبعض الفنانين الشبان والموهوبين الذين يتعاملون مع الفنون المعاصرة بوعي مختلف وبرؤية متجددة وهو تيار ــ كما وصفه سالم ــ يكمل منظومة التيارات والأنساق الفنية المختلفة والمتجاورة في المشهد التشكيلي الآن والتي تهدف جميعها ــ كما أشار ــ إلى إيصال قيمة وحجم المنجز الفني الإماراتي إلى الآخر وإلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، سواء في الداخل أو في المعارض والمشاركات الخارجية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©