الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا المتحدة.. إوزّة تبيض ذهباً!

21 يناير 2015 23:12
هذه القصة تلقي بعض الضوء على الأسباب التي تجعل الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في مركز محصن كحاكم لبلاده وصانع القرارات المصيرية الوحيد. وهي أيضاً تتعلق بالثروة الهائلة التي يقال إن بعض حلفائه الأقل تأثيراً -ناهيك عن دائرته الداخلية- من جمعها أثناء وجوده في السلطة. ولا تزال الصحيفة اللندنية الصغيرة «ديلي ميل» تكتب منذ 2012 عن الفيلا، التي يزعم أن الرئيس الروسي يمتلكها في إسبانيا، عندما عزا مقاول بريطاني يعمل في منطقة «ماربيلا» الأنيقة المبنى الفخم، الذي كان تحت الإنشاء في ذلك الوقت، لبوتين. وقد سمع قراء الصحيفة اللندنية عن هذه الفيلا قبل أسبوع عندما قيل إن الرئيس كان يزرع كرمة عنب في المزرعة! كما سخرت الصحافة الإسبانية، أيضاً، من قصة قصر بوتين! والآن، يبدو أن هذا البيت وكرمة العنب لا علاقة لهما ببوتين: فقد أظهر تحقيق أجراه فريق الناشط الروسي في مجال مكافحة الفساد «أليكسي نافالني» أن هذا المنزل مملوك لـ«زويا بونوماريف»، ابنة «فاليري بونوماريف» عضو البرلمان الروسي بمنطقة «كامتشاتكا» النائية، الذي لم يعلن عن حيازته لأية ممتلكات في الخارج، ما أثار تساؤلات في البلاد التي تعتقد أن ساستها يمتلكون أصولًا في روسيا فقط. وعلى رغم ذلك، فهو رجل ثري: فشركته تصنع لوحات السيارات وكافة الأدوات المكتبية التي تستخدمها الهيئات الحكومية الروسية. ولا يعد «بونوماريف» مع ذلك أغنى رجل في روسيا، ولا حتى ضمن أغنى الـ15 مسؤولًا حكومياً الذين تُنشر أسماؤهم سنوياً في مجلة «فوربس». وربما كان هذا أمراً جيداً بالنسبة له: فبعض الأشخاص الذين تضمهم هذه القائمة موجودون أيضاً على قوائم العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا. ولا تتطلب أعمال «بونوماريف» الرئيسية، التي تعتمد بشكل كامل على سخاء الحكومة، الوصول بشكل خاص لبوتين. ويكفي أن «بونوماريف» يؤيد حزب «روسيا المتحدة» الموالي لبوتين، كما أن شركة الأسماك الخاصة به في «كامتشاتكا» هي المانح الرئيسي للحزب في هذه المنطقة. أما مقعد البرلمان، فهو مجرد علامة ملموسة على أهميته النسبية في المؤسسة الروسية. وعلى رغم ذلك، فإن منزله في «كوستا ديل سول» بإسبانيا يعد، في أعين السكان المحليين والصحفيين البريطانيين، «مناسباً لملك.. أو رئيس روسي»، بحسب ما كتبت «ديلي ميل»! وهناك الآلاف من الرجال أمثال «بونوماريف»، وبالكاد تظهر أسماؤهم في الصحف. والعديد من أزواج «أغنى 50 زوجة لمسؤولين روس» هم من الرجال الغامضين من الطبقة المتوسطة من التسلسل الهرمي للحكومة الروسية، وهم، وفقاً لبيانات دخولهم، ليسوا أغنياء على الإطلاق (فامتلاك العقارات هو ما تسعى إليه الزوجات والأبناء والأقارب). ولا تزال سياراتهم التي تحمل ماركات «بنتليز» و«بورش» تنساب في شوارع موسكو في هذه الأوقات الصعبة، وفيلاتهم هي التي يجدها محررو التحقيقات في المنتجعات الأوروبية وفي مجمعات محوطة بالجدران خارج العاصمة الروسية. والسبب الذي يجعلهم يعملون كبيروقراطيين متواضعين أو يجلسون في المجالس التشريعية الإقليمية، ويهدرون الوقت الذي يمكنهم استثماره في جمع المال، هو أن الجزء المخصص في حياتهم لتحقيق الثروة يعتمد على الجزء البيروقراطي أو السياسي. وفي دولة تكون فيها الثروات الخاصة في حماية إذا كان فقط مالكها في موقف جيد مع الأشخاص المناسبين، وحيث تتزايد أهمية الدولة باعتبارها المنظم والمالك لأكثر الأصول ربحاً، يدرك هؤلاء الرجال أنهم يجب أن يكونوا جزءاً من النظام للحفاظ على ثرواتهم وزيادتها. وبعد 14 عاماً من حكم بوتين، لدى هؤلاء المواطنين البيروقراطيين شعور قوي بالاستحقاق. ويوم الأحد الماضي ذكر فلاديمير ياكونين، وهو صديق لبوتين يدير احتكار سكك حديد روسيا، أنه قد يستقيل من منصبه ويبدأ عملًا خاصاً به إذا ما واصلت الحكومة تهديدها بأن تجعل كافة الشركات المملوكة للدولة تنشر الدخول الخاصة بكبار المديرين. وذكرت تحقيقات «نافالني» أن أبناء «ياكونين» يسيطرون على شبكة من الشركات لديها أعمال مع احتكار السكك الحديدية. وإنه لأمر مغرٍ أن نقول نظرياً إن هؤلاء الأشخاص يمكنهم الإطاحة بالنظام في انقلاب للقصر الآن وقد أصبحت روسيا دولة فقيرة! وأن العقوبات الغربية تهدد ثرواتهم! وعلى رغم ذلك، فإن كل شيء يمتلكونه هو ملكهم فقط لأن الدولة سمحت لهم بامتلاكه. وأي تغيير قد يخل بتوازن الدولة سيعني عقد صفقات جديدة، وتشكيل ولاءات أخرى. إن حشد «روسيا المتحدة» مشغول بالفعل في الحفاظ على امتيازاته ومكاسبه. ولهذا السبب فإنه لن يكون هناك انقلاب في القصر حتى وإن استولى الأوروبيون المعادون لبوتين على كل «قصوره». إن حزب بوتين هو الإوزة التي تضع بيضاً من الذهب، وبدونه، من يدري ماذا سيحدث؟ ليونيد بيرشيدسكي * * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©