إعداد - عدنان عضيمة:
ماذا تفعل لو كنت تمتلك مجموعة ضخمة من مصانع السيارات تشغّل ربع مليون عامل وموظف وخبير وتنتج خمسة ملايين سيارة في العام لكن خسائرك تزيد عن خمسة مليارات دولار سنوياً؟
إذا كان يبدو أن هذا السؤال يحمل في مضمونه الكثير من المتناقضات، إلا أنه أصبح كابوساً حقيقياً يؤرق العشرات من كبار مصنعي السيارات في العالم· وأصبح صنّاع السيارات يدورون في حلقة مفرغة وهم يبحثون عن أسباب الظاهرة وحلولها· ولا يكاد ينتهي أحد أرباع السنة، وتعلن هذه الشركات عن أدائها المالي حتى يظهر التزايد في معدل الخسائر·
ويمكن أن يتبيّن المرء خطورة هذه الظاهرة من خلال قراءة سريعة لبيانات الأداء المالي للشركات خلال الربع الثالث من السنة الجارية الذي انتهى مع نهاية شهر سبتمبر الماضي وأعلن عنه قبل أيام· وجاء في بيان الأداء المالي لعملاقة صناعة السيارات في العالم جنرال موتورز أن خسائرها في الربع الثالث بلغت 115 مليون دولار· وعلى الرغم من هذا، فإن بعض مسؤولي الشركة عبّروا عن رضاهم عن هذه النتيجة لأنها تعني تراجع معدل الخسائر بشكل كبير عما كانت عليه خلال الفترة ذاتها من العام الماضي· ولا يزال البعض الآخر من كبار أصحاب القرار في الشركة مستاءين من هذه النتائج طالما أنها تندرج في إطار الخسائر بدلاً من تسجيل الأرباح·
وتبقى شركة فورد الخاسر الأكبر فعلى الرغم من أن معدل عوائد عملياتها في آسيا وأوروبا سجّل تحسنا طفيفاً خلال الربع الثالث من العام الجاري، إلا أنها تربعت على قمة الشركات الخاسرة لهذا العام بعد أن بلغت خسائرها 7,24 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري؛ ويقول الخبراء إنها مرشحة لتسجيل المزيد من الخسائر خلال الربع الرابع من هذا العام· ويعود السبب الرئيسي لهذه الخسائر إلى التراجع الحاد في عوائد الشركة خاصة في شمال أميركا بسبب انخفاض مبيعات الشركة من سيارات الاستخدامات الرياضية (رباعيات الدفع) والشاحنات الخفيفة (البيك آب) حيث كانت فورد الشركة الرائدة عالمياً في إنتاج وبيع هذه الفئة من السيارات والعربات· وكان لهذه النتائج أن تدفع دون لوكلير المدير المالي للشركة للإشارة إلى أن الشركة سوف تعاني وضعاً صعباً خلال السنة المقبلة·
وأعلنت مجموعة دايملر كرايسلر عن تراجع كبير في عوائدها خلال الربع الثالث بلغ معدله 37 بالمئة أو ما يعادل 1,5 مليار دولار· وقال بودو أوبير المدير المالي للمجموعة إنها تدرس الآن كافة الأفكار الممكنة لمراجعة استراتيجياتها الإنتاجية· وذكر تقرير لمجلة ''دير شبيجل'' الألمانية في عددها الصادر أمس أن دايملر كرايسلر تدرس جدياً الانفصال عن شركة كرايسلر الأميركية المثقلة بالأزمات المالية حيث إن هناك دلائل واضحة تشير إلى أن كرايسلر قد تتمكن من إعادة ترتيب أوراقها بعد سنوات من عمليات الإصلاح الشاقة·
وكانت الشكوك تزايدت بشأن احتمال بيع كرايسلر أو إمكانية عقد تحالف مع شركات أخرى وذلك عقب الاستياء الذي أصاب بودو أوبير من خسائر كرايسلر في الربع الثالث إلا أن دايملر أوضحت أنه لا توجد خطط للانفصال عن شركة كرايسلر· يذكر أن الخسائر الفادحة في كرايسلر ترجع للهبوط الحاد في المبيعات مما أدى إلى تخفيض الإنتاج· ومن ناحية أخرى أعلنت المجموعة أن إجراءات تحسين الوضع المتأزم تتم دراستها في الوقت الراهن على المستوى الداخلي ومن المنتظر أن تطرح نتائجها العام المقبل· وقام ديتر زيتشه قبل سنوات بإغلاق الكثير من المصانع وإلغاء نحو 26 ألف منصب لدى شركة كرايسلر عندما كان في منصب رئاسة الشركة·
وأضاف التقرير أن دايملر تفكر في الانفصال عن كرايسلر وطرح أسهمها في البورصة؛ وقد يكون من الممكن أن تستقبل كرايسلر شريكاً آخر مثل مجموعة فولكسفاجن يقوم بابتكار طرازات جديدة من السيارات خاصة في المصانع الأميركية·
عدد اليوم
