الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زينب الدمرداش: الفنون الإسلامية عطاء وثراء بلا نهاية

زينب الدمرداش: الفنون الإسلامية عطاء وثراء بلا نهاية
22 أغسطس 2011 22:41
تحاول الفنانة التشكيلية زينب الدمرداش تخطي الموروث التقليدي عن طريق إدخال عناصر جديدة في شكل الحرف التصميمي، في خطوة بدأتها منذ كانت طالبة في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1987، حيث وجدت في الحرف العربي مادة فنية تستند إلى عالم من الخطوط والعلامات تثري العمل الفني الابداعي بنزعته التجريبية وحققت إيقاعات جمالية تكسب العمل بعداً حضارياً حديثاً وخصائص تحمل معاني صوفية، فكان اتجاهها الاستلهام من الخط العربي، إلى أن استخدمته متداخلاً مع الرموز الشعبية والفرعونية في أعمالها الأخيرة، وهناك تأثير استمدته من تجربة والدتها الفنانة الراحلة مريم عبدالعليم التي اتجهت عقب عودتها من الحج عام 1969 إلى المضامين الصوفية في أعمالها وأبدعت مجموعة “البسملة” و”الكعبة المشرفة”. وتقول زينب إن الخط العربي ينطوي بطبيعته الداخلية على نزعة زخرفية، وتبعا لتعريف كاندنيسكي وبول كليه، ومن قبلهما الفلاسفة العرب هو عنصر هندسي وتشكيلي عُرف أنه حركة للنقطة في اتجاه ما. دلالات الحروف وتضيف أن الشيخ محيي الدين بن عربي أوضح دلالات الحروف العربية من الناحية التشكيلية والصوتية والمعنوية والرمزية، ووضع أحكاماً خاصة لذلك، معتبراً أن الحرف شكل هندسي يستقيم على أساس أن النقطة هي بداية الحرف وانتهاؤه، كما أن الخط العربي بجمالياته كافة التي تشكل بها عبر العصور ومنذ نشأته الأولى أحد أهم معالم التراث الإسلامي، وقد تم تجميله وتجويده والعناية به على مراحل وفي مراكز متعددة، كان أولها في بلاد الحجاز في عصر النبوة لشدة لزومه لتدوين القرآن الكريم، وأن أول من أجاد الخط هو خالد بن أبي الهياج الذي كتب بالذهب على محراب مسجد النبي في المدينة سورة “الضحى”، وبعده مالك بن دينار، ثم خشنام البصري، فمهدي الكوفي وشراشير المصرى وأبو محمد الأصفهاني. وتوضح أن الخط العربي هو كتابة صور الألفاظ المنطوقة سمعاً لتبليغ المعاني الكامنة فيها، وعند التأمل في الكتابة العربية نرى الارتباط بين الخط العربي كعنصر هندسي والخط ككتابة مدونة يدوياً أو “الكاليجراف”، وهو ما يعني به الفنان العربي والمسلم اعتزازه بوحدة شخصيته، وترابطها الديني والدنيوي وخوفه على تراثه وهويته من الضياع، لذلك عكف على تطوير وحفظ حروفه وقدراتها الذاتية. الإنسيابية وأكدت أن الخط العربي يمتلك قدرة على التشكيل والتنوع والمرونة والإنسيابية، وأن الفنان التشكيلي يستخدم الحرف العربي كعنصر تشكيلي بصري في ترابط متكامل مع الزخارف الإسلامية بأنواعها، فالحروف العربية لها مضامين ودلالات قدسية أشار إليها أئمة التصوف الديني، حيث رأوا فيها أسراراً ومقومات وخصائص تصل بها إلى مقام التقديس وهو مقام تشرفت به هذه الحروف مما حملها به رب العزة سبحانه من آيات القرآن الكريم، وهو ما يحتاج إلى الاستيعاب الجمالي لطاقاته وغنائياته المباشرة والمستترة. وقالت إن الحرف أو مجموعة الحروف حينما تنفصل عن المعنى تبقى مجردة بالدرجة الأولى، ورمزا من الرموز الدنيوية، وفي هذه الحال تتحول إلى مجموعة مجردة من الدلالات والعلامات التي تشير إلى بعض المعاني والأفكار أو التصورات التي تعبر عن معتقدات الإنسان، وأن الحرف العربي يعطي الشكل التجريدي المتكامل والرمز المعنوي للعالم الداخلي والخارجي للفنان، فهو يمنح العمل طاقات بصرية وإضافات دلالية وجمالية قد تحمل معاني روحية وسيكولوجية أكثر مما لو استعملت مكتوبة. فنون بصرية وأشارت إلى أن استخدام الحرف العربي ممزوجاً مع الزخارف الإسلامية المختلفة في الفنون البصرية من أكثر الفنون ارتباطاً بالمنطلقات الفكرية والجمالية الوثيقة الصلة بالفكر العربي لدى الفنان المسلم، إضافة إلى ما يحمله من نقاط التقاء وتقاطع مع الفكر الغربي من حيث المفهوم الفكري والجمالي النفعي أو التطبيقي. وقالت إن الحرف العربي تتنوع علاماته وطاقاته التعبيرية، بما تحتويه من ديناميكية إبداعية، وقدرة على التطور تبعاً لطبيعة العصر والبشر، والتقدم الاجتماعي والتقني، فالفنان يشكل الكتابات العربية بحسب ميوله النفسية والشخصية، ومفهومه الخاص، وأن كون الفنان تجريدياً لا يعني تحويل التطابق الاحتمالي بين الأشكال الطبيعية إلى تجريديات، ولكنه يعني التحرر بغض النظر عن التطابق الاحتمالي للعلاقات القائمة بين الأشكال الطبيعية. وأضافت أنه بالتأمل والنظر إلى بعض أعمال الفنانين الغربيين نجد أنهم استلهموا من الخط العربي والزخارف الإسلامية الكثير سواء من الناحية الشكلية فقط أو الناحية الفلسفية، وأن الفنانين الغربيين نقلوا بعض العبارات في كثير من الأحيان نقلاً صادقاً من دون أن يعلموا ما تحمله تلك العبارات من معانٍ. وتؤكد أن الحضارة والفنون الإسلامية ما زالت بما فيها من ثراء وفيض روحي منبعاً ينهل منه الفنان المبدع قيما تشكيلية بارزة تظل عبر العصور قادرة على إمداد الفنان بالعطاء والثراء الفني، وأن الحرف العربي يعد أحد أبرز الفنون الابداعية التي توجت الحضارة الإسلامية، وهو يختلف عن الخطوط الأخرى اللاتينية بتجاوزه لمهمته الأولى في نقل المعنى إلى المضمون، باعتباره مادة تنبض بالحياة يمكن تداولها كمفردة تشكيلية معاصرة، وشحنة مرئية لها حضورها في المحتوى البصري، وأنه يحقق الحركة ليس من خلال الشكل فقط، ولكن من خلال المضمون أيضاً للوصول إلى معناه كقيمة تشكيلية جمالية تتسم بالفيض الروحي لكل معطيات الفن وتأكيداً للأصالة الفنية. ديناميكية الحرف العربي تشير زينب الدمرداش إلى دور الفنان ماهر رائف وأبحاثه المهمة في مجال الخط العربي، وكذلك الفنان صبري حجازي حينما عرض دراسته البحثية عام 1989 تحت عنوان “ديناميكية الحرف العربي في الاتصال الجماهيري المطبوع”، وأيضاً بحث الفنانة أميرة عبد الله عام 2010 المعنون “رؤية مستحدثة للإمكانات البنائية والجمالية في استخدام العناصر الثيوجرافية والحروفية في تصميم الوثائق التذكارية بمصر”، مؤكدة أن الفن الإسلامي هو مصدر خصب وتراث إنساني ثري، استقى منه الفن العربي المعاصر الفكر والأساليب الفنية من دون أن تتغير مدارس أو تتبدل كما في النموذج الغربي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©