الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تُطلق خطة جديدة لتنشيط القطاع الصناعي

مصر تُطلق خطة جديدة لتنشيط القطاع الصناعي
12 أغسطس 2012
(القاهرة) - انتهت هيئة التنمية الصناعية المصرية من وضع مبادرة جديدة تستهدف تنشيط القطاع الصناعي والمساهمة في ضخ استثمارات جديدة لتعزيز معدلات النمو في القطاع وزيادة صادراته. وترتكز المبادرة على مشاركة الهيئة بجزء من رأسمال المشروعات الصناعية الجديدة التي يعتزم القطاع الخاص إقامتها في المرحلة المقبلة سواء كان القطاع الخاص محلياً أو أجنبياً. وحسب المبادرة التي جرت صياغتها في مشروع مقدم إلى مجلس الوزراء لاعتماده، فإن مساهمة هيئة التنمية الصناعية في المشروعات الجديدة تتراوح بين 10 و20% من رأسمال المشروعات ولن تسدد الهيئة قيمة هذه المساهمات نقداً، بل ستكون في صورة حصص عينية في شكل أصول من الأراضي التي تقدمها الدولة للمستثمرين لإقامة مشروعاتهم أو احتساب قيمة رسوم التراخيص ضمن رأسمال المشروع وتحويل قيمة هذه الرسوم إلى حصة مباشرة تعود ملكيتها لهيئة التنمية الصناعية. مشروعات استراتيجية وحسب هذا المشروع، فإن هيئة التنمية الصناعية سوف تركز في المرحلة الأولى على المشروعات ذات الطابع الاستراتيجي مثل إنتاج الإسمنت والسكر والأسمدة والحديد وغيرها من السلع التي تؤثر سلباً وإيجاباً في العديد من القطاعات الاقتصادية، وذلك في إشارة إلى عودة قوية للدولة في المجال الاقتصادي. وتسعى الهيئة إلى السيطرة الجزئية على أسعار السلع ومواجهة التكتل والاحتكار والاتفاقات السعرية بين الشركات المنتجة للسلع الرئيسية عبر وجود تصويتي مؤثر في مجالس إدارات الشركات. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن المشروع الجديد سوف يجري تطبيقه في تراخيص الأسمنت الجديدة التي تستعد هيئة التنمية الصناعية لطرحها خلال الفترة المقبلة ويبلغ عددها 13 رخصة لإنتاج 20 مليون طن إسمنت إضافية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة. والمنتظر أن توفر هذه التراخيص ستة مليارات جنيه تمثل 20 و25% من الاستثمارات المتوقع رصدها لبناء 13 مصنع إسمنت جديداً حيث تتراوح تكلفة إنشاء المصنع الواحد من 1?8 إلى ملياري جنيه بطاقة إنتاجية 1?5 مليون طن سنوياً، وفي حالة نجاح تجربة مساهمة هيئة التنمية الصناعية في مصانع الأسمنت الجديدة سوف يجري تطبيقها في قطاعات صناعية أخرى، وسوف يكون قطاع الأسمدة هو الثاني الذي سيشهد تطبيق التجربة نظراً لوجود طلبات عديدة من مستثمرين محليين وعرب لبناء مصانع جديدة لإنتاج الأسمدة الأزوتية ـ التي تعتمد على الغاز الطبيعي ـ حيث توجد فجوة بين الإنتاج والاستهلاك تدور حول مليوني طن سنوياً، بالإضافة إلى وجود فرص تصديرية كبيرة في هذا القطاع لعدد من الأسواق العربية، الأمر الذي يجعل هناك جدوى اقتصادية كبيرة من إنشاء مصانع جديدة للأسمدة في السوق المصرية. مساهمات عامة وحسب هذه المعلومات، فإن المستشارين القانونين لمجلس الوزراء يعكفون حالياً على دراسة الوضع القانوني حال وجود مساهمات عامة في مشروعات خاصة لا سيما أن هذه المساهمات لن تمثل حصصاً حاكمة، وبالتالي سوف تظل لممثلي القطاع الخاص في هذه المشروعات اليد العليا في الإدارة واتخاذ قرارات الاستثمار الاستراتيجية في المشروع، ومن ثم يمكن أن يكون تأثير حصص المال العام ضعيفاً في تسعير المنتجات أو الرؤية الاستثمارية الاستراتيجية لهذه المشروعات. أما النقطة الثانية التي تجري مناقشتها حالياً، فهي المتعلقة بكيفية الرقابة على حصص المال العام في هذه المشروعات خاصة في ظل وجود نص قانوني لا يجيز للجهاز المركزي للمحاسبات ممارسة رقابته أو مراجعة ميزانيات المشروعات التي تقل مساهمة المال العام فيها عن 25%، وبالتالي فإن تطبيق المشروع من دون وضع ضوابط لحصص المساهمة العامة يمكن أن يعرض هذه المساهمات للإهدار إذا قلت عن 25%. ويرى خبراء اقتصاديون أن مشروع هيئة التنمية الصناعية ينطوي على العديد من النقاط الإيجابية التي ستعود بالفائدة على القطاع الصناعي المصري لا سيما، وأضافوا أن الصناعات التحويلية تمثل ركيزة النمو الاقتصادي. وفي مقدمة هذه الإيجابيات، إعفاء المشروعات الجديدة من سداد رسوم التراخيص مما يوفر سيولة كبيرة لهذه المشروعات تمنحها قوة دفع تنفيذية جيدة وبالتالي تضمن دخول هذه المشروعات حيز الإنتاج في أقرب مدى زمني ممكن خاصة أن العديد من هذه المشروعات كانت تسدد رسوم التراخيص من قيمة قروض مصرفية تحصل عليها من البنوك أي أن تكلفة الأموال كبيرة، وهذا كله يتحمله المشروع وينعكس سلبا على تسعير المنتجات في المرحلة الأخيرة أي أن المستهلك النهائي هو الذي كان يسدد الفاتورة كاملة. أما النقطة الثانية، فإن المشروع في صورته الراهنة يتيح للدولة العودة مجدداً إلى إنتاج السلع الرئيسية والتأثير في خريطة إنتاج هذه السلع بما يمنع عودة الاحتكار خاصة في مجالات الحديد والأسمنت والسكر والأسمدة والزيوت وبعض الصناعات البتروكيماوية، وكلها سلع ذات تأثيرات كبيرة على حركة السوق والاقتصاد مما يصحح أخطاء السياسات الاقتصادية وخصخصة الشركات لا سيما بعد أن أسفرت خصخصة شركات الحديد والإسمنت والأسمدة عن ارتفاع أسعار المنتجات وحدوث تكتلات احتكارية أضرت بالأسواق والمستهلكين وحركة الاقتصاد الكلي. ويرى الخبراء أنه حتى ولو كانت حصص المال العام غير كبيرة في رؤوس أموال المشروعات، فإن وجود ممثلين لهذه الحصص في مجالس إدارات الشركات سوف يوفر نوعاً من الرقابة على أعمال الشركات وسياساتها التسعيرية ويحد من جموح بعض الشركات التي ترغب في استرداد استثماراتها في سنوات قليلة وتسعى إلى زيادة أسعار منتجاتها بحثا عن الربح بغض النظر عن ظروف السوق أو ارتباط هذه السلع بقطاعات اقتصادية مهمة تتأثر سلبا برفع أسعار المنتجات. معايير واضحة ويؤكد الخبراء ضرورة وضع معايير واضحة لمساهمة المال العام في مشروعات الحديد والأسمنت الجديدة لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه المساهمات وبما يعود بالنفع على حركة الاقتصاد الكلي. ويقول حسام ياقوت العضو المنتدب للشركة المصرية للأسمنت، العائدة لمجموعة اسيك، إن عودة مساهمات المال العام في صناعة الإسمنت مطلوبة خاصة في ظل المشروعات العامة الكبيرة التي من المفترض تنفيذها في السنوات القادمة سواء على صعيد مشروعات البنية التحتية أو الاستثمارات العامة، ومن ثم فإن امتلاك الدولة لحصص في مصانع الحديد والإسمنت لا بأس به. وأضاف “لكن المهم أن يتم ذلك بشفافية وتكافؤ فرص بين المستثمرين وإلا يمثل وجود المال العام في رؤوس أموال هذه الشركات عنصراً معوقاً للإدارة؛ لأن الفلسفة الحكومية في إدارة المشروعات تختلف دون شك عن فلسفة القطاع الخاص. وقال إن الفكرة إيجابية لأنها توفر قدراً كبيراً من السيولة المالية للمشروعات الجديدة كان يتعين عليها سدادها لخزينة الدولة سواء كقيمة للأراضي المخصصة لإقامة المصانع أو مقابل الحصول على التراخيص وبالتالي سوف تزيح عبئاً مالياً عن كاهل هذه المشروعات مما يوفر لها فرص الانطلاق السريع ويجنبها اللجوء إلى الاقتراض البنكي الذي يمثل تكلفة مرتفعة نظراً لطول الفترة الزمنية بين تاريخ الاقتراض وتاريخ بدء التشغيل والإنتاج الذي يبدأ مع سداد أقساط هذه القروض حيث تتراوح هذه المدة الزمنية بين عامين وثلاثة أعوام في مصانع الأسمنت بصفة عامة. أما الدكتور سلطان أبوعلي وزير الاقتصاد المصري الأسبق، فيرى “ان عودة الدولة باتت ضرورية في المجال الاقتصادي إذا كنا جادين في قضية العدالة الاجتماعية ولأن وجود دور مؤثر للدولة في المجال الاقتصادي أصبح مطلوباص، وهو الضمانة لعدم احتكار القطاع الخاص وسيطرته على السلع الرئيسية خاصة أن الإسمنت والحديد والأسمدة والبتروكيماويات أصبحت عماد الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة”. وأضاف أن امتلاك الدولة لحصص في المصانع الجديدة المنتجة لهذه السلع من شأنه أن يعيد التوازن المفقود ويسهم في تفكيك شبكات الاحتكار. وقال إن مشروع هيئة التنمية يتسم بالواقعية؛ لأنه يوفر للدولة حصصا في مشروعات جديدة من دون أن تدفع مليماً وهذه الحصص سوف تدر عائداً مستقبليا للخزانة العامة حال تشغيل هذه المشروعات وتحقيقها أرباحاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©