الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

إنجازات زايد تجسد رحلة طويلة من العطاء

30 أكتوبر 2006 00:25
رحل الشيخ زايد طيب الله ثراه عن دنيانا لكنه بقي في كل قلب في كل نبض في كل زاوية من زوايا الوطن· ألم يشاهد الناس الشوارع ذلك اليوم حزينة كئيبة خفتت أضواؤها وتصاعدت أنفاس اللوعة فيها واتشحت بالسواد ونكست الأعلام· بنى زايد الخير الإمارات ليبقى فيها ما بقيت الحياة وليظل في عيون الإماراتيين أينما ولوا أنظارهم· يصادف الثاني من نوفمبر الذكرى الثانية لرحيل قائدنا ووالدنا ومعلمنا وبهذه المناسبة نتواصل مع ذاكرة رجال عاصروا مراحل التكوين الأولى التي بدأت على يدي المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي ببعد نظره وحكمته خطط بعصاه مدنا على الرمال لنراها بعد فترة قياسية حقائق متجسدة في دولة هي اليوم مفخرة لكل العرب· ونقابل بكل تقدير ومودة ووفاء في هذه المناسبة أولئك الرواد لنسجل حقيقة ''زايد· تاريخ إنسان وحضارة وطن'' من خلال لقاء أقرب الناس إليه والاستماع إليهم مباشرة وهم يتحدثون عن ذكراه العطرة وتجاربهم مع القائد والمعلم والأخ وبذلك تظل ذاكرة الأمة حية مشرقة وتمتد الجسور الحميمة الراسخة بين الأجيال· في هذه الحلقة يواصل سالم بن إبراهيم السامان ذكرى تلك الأيام قائلا: في ذلك الوقت لم يكن لي بيت فأمر الشيخ شخبوط بمنحي قطعة أرض بعدها غير رأيه· وقال لي أريد أن تكون جاري وقريبا مني وحدد لي أرضا جنوب قصر الحصن وشاءت الظروف ولم أتسلم الأرض· وفي ذلك الوقت بلغ إلى مسمعي أن المرحوم بطي عبيد العجماني لديه رغبة لبيع منزله· فطلبت من المرحوم احمد بن سرحان الوساطة عند الشيخ شخبوط رغبة منى في شراء البيت وعندما وصله العلم أمر بكتابة ورقة لي يذكر فيها تفاصيل المنزل وثمنه كان وقتها 27 ألف درهم وتسلمتها فورا على الرغم من أن التمليك كان صعبا جدا ذاك الوقت وما زلت احتفظ بهذا المستند حتى يومنا هذا وكاتبه ما زال حيا يرزق هو غباش بن حميد بن صقر المري والشاهد الأول محمد بن حارب العتيبة والشاهد الثاني هو ثاني بن مرشد والثالث أحمد بن سرحان والتوقيع والإمضاء للشيخ شخبوط بن سلطان وهذا المستند أعتز به كثيرا· وتابع: استقررت بهذا المنزل واشتغلت بالتجارة واشتركت مع بن فطيم بالإضافة إلى شغل اللنش وكنت حريصا على أن يكون دخله للأهل برأس الخيمة خاصة أنه كان لدي وظيفتي واتسلم منها ثلاثمائة وخمسين روبية· وأضاف: قبل تولي المغفور له الشيخ زايد مقاليد الحكم في أبوظبي بدأ يقصدني ويجلس معي في محلي الذي كان موجودا في بناية المرحوم سلطان بن مطر الحلامي داخل السوق على البحر وكانت تجارتي عبارة عن أثاث المنازل والمكاتب ومعظم اللوازم التي يحتاجونها الشيوخ وساعات الرولكس التي أحضرها من عند احمد صديقي وأولاده في دبي وبشوت وشنط العود مما كان له طيب الأثر في زيادة الرابط بيني وبين الشيوخ ومنهم الشيخ زايد والمرحوم خالد بن سلطان آل نهيان والشيخ سعيد بن شخبوط ومبارك بن محمد وسرور بن محمد وحمدان بن محمد والذي كان مكتبه على البحر في هذه البناية أيضا· يسترجع السامان أحداثا وأياما جميلة مضت ولن تعود طالبا المغفرة والعفو لمن توفاه الله والصحة والعمر المديد لمن لا يزال على قيد الحياة· يوم تسلمه سدة الحكم وتابع: عندما كنت أريده في أمر ما أبحث عنه في كذا منزل من المنازل التي تعود الإقامة فيها وأتذكر أنه في صبيحة السادس من أغسطس عام 1966 وهو يوم تسلم الشيخ زايد سدة الحكم في أبوظبي كنت قاصده للمنزل في أمر هام لأطلعه عليه وعلى حد معرفتي أنه كان قبل سفره للعين مقيما في منزل سعيد بن شخبوط وفي طريقي قابلت سهيل بن مبارك فسألته عن الشيخ زايد والمكان الموجود به حاليا· فقال لي ''على حد علمي بعد رجوعه من السفر يقيم في بيت سعيد بن سرور على البحر وما زال هناك''· ويستكمل حديثه عن المرحوم الشيخ زايد وكيف تسلم مقاليد الحكم قائلا: إلا أن سهيل بن مبارك أخبرني في تلك اللحظة أن الشيخ زايد غير موجود في المنزل وإنما ذهب لمكتب الشيخ مبارك في المديرية ليتسلم مقاليد الحكم بحضور الشيخ حمدان وخلف احمد العتيبة· تجهيز الأعلام وأضاف: في الساعة الخامسة من مساء يوم السادس من أغسطس عام 1966 ذهبت للسلام على الشيخ زايد لأبارك له تسلمه مقاليد الحكم بعد أن دخلت القصر والمجلس وجدت على يمينه القائد البريطاني وعرفه علي ثم أمسك بيدي وكلفني الشيخ زايد باستلام قصر الضيافة مشددا على أهمية تأثيثه وتجهيزه بسرعة انتظارا لوصول الوفود التي ستصل للبلاد غدا صباحا من أجل أن تبارك للشيخ زايد تسلمه سدة الحكم وأمرني الشيخ زايد حينها قائلا ''اذهب واعمل أعلام لأبوظبي''· منوها إلى أنه قبل قيام الاتحاد كان لكل إمارة علمها الخاص بما فيها أبوظبي· وقال ''بعد أن رتبت هذه الأمور انضم لي بعد ساعات بأمر من الشيخ زايد المرحوم خالد بن بطي القبيسي''· أول المهنئين يواصل السامان حديثه: أذكر في صباح اليوم التالي كان كل شيء على ما يرام بعد أن تمكنا من خياطة وتجهيز الأعلام ليلا وفي الصباح كان المرحوم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي أول المهنئين وكذلك حضر حكام الإمارات وبدأت الوفود من أنحاء الإمارات والخليج بالتوافد للتهنئة والمباركة وأذكر أنه عند وصول صاحب السمو الشيخ راشد بن أحمد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين أمرت بمرافقة سموه حيث كانت الأوامر تأتينا من الشيخ زايد رحمه الله· وأضاف: بعد الانتهاء من استقبال ووداع ضيوف البلاد هلت علينا أفواج من الشحوح والبدوان، فوج يحضر وفوج يذهب وأذكر أن هذا كان في شهر أغسطس وكانت عائلتي يومها برأس الخيمة مما اضطرني من شدة الزحمة استضافة أفواج منهم في بيتي الخاص· ''الشرهة'' لإعانة المواطنين وأذكر أن طعام الغداء كان يأتيهم من القصر فيتناولون طعام الغداء ويرتاحون وبعد ذلك بحوالي ساعتين يأتي احمد محمد المحمود محضرا معه ''الشرهة'' وهي مبلغ من المال يصرف للزائر وعائلته'' والشرهة عبارة عن مبلغ مالي يصرف كهبة أمر بها الشيخ زايد للمواطنين بصفة عامة تعينهم على متطلبات الحياة وتصرف سنويا بناء على بطاقات خاصة تصدر عن الدائرة الخاصة لصاحب السمو رئيس الدولة واعتاد المواطنون من مختلف أنحاء الدولة الذهاب إلى أبوظبي للحصول عليها كي تعينهم على تكاليف الحياة· وكانت عبارة عن موسم فرح سنوي للأهالي وتمثل لهم الشيء الكثير وتدخل السعادة على قلوبهم والفرح والسرور على أهلهم ويحرصون على الذهاب لصرفها إما فرادى أو في جماعات خاصة إذا قدموا من المناطق النائية· والشرهة في تلك الأيام قبل حكم زايد كانت 25 روبية لكل فرد بعدها زادت لتصل إلى 30 روبية ولكن عندما حكم الشيخ زايد مباشرة رفعها إلى 200 روبية لكل فرد واذكر في تلك الأيام جميع من حضر للقصر أخذ شرهته والتي كانت تبلغ 200 روبية وبعد الانتهاء من توزيع الشرهة والانتهاء من استقبال الضيوف اذكر أن الشيخ زايد زاد مبلغها إلى 400 درهم لكل من حضر بعد ذلك الوقت حتى عم الخير على الجميع حيث كان هذا المبلغ في وقتها مبلغا كبيرا جدا وتستطيع أي عائلة تدبير أمورها به لمدة سنة كاملة· شغله الشاغل وتابع: بناء المواطن كان شغله الشاغل منذ بداية حكمه حيث كان يشدد دائما على أن سعادة وراحة المواطن هي الهدف الحقيقي الذي ينشده ويسعى إليه لذلك كان دائم السؤال عن أحوال المواطنين وما يحتاجونه، ووفر جميع احتياجات ومتطلبات المواطن والمقيم على أرض الإمارات· وأردف قائلا ''اهتم الشيخ زايد بأدق الأمور وأذكر عندما تولى الشيخ زايد مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي كلفني سموه شخصيا بمتابعة أمور القبائل والإشراف على أحوالهم وتفقدهم وخاصة أهل جزيرة الزعاب والمرازيق وبني حماد وآل علي والحواسنة وآل بشر''· تطور شامل يتطرق السامان في حديثه إلى التغيير الذي حدث على يد المغفور له الشيخ زايد ويقول: شمل التغيير والتطور كل شيء· وأضاف: في البداية لم يكن التنظيم سوى اجتهادات فردية وضم موظفي علاقات عامة وكان لدى سموه رغبة في تنظيم الاستقبالات والضيوف والزوار من أجل إنشاء دولة حديثة في كل شيء وأدرك سموه من خلال نظرته الثاقبة أن هذا القسم من الأقسام الهامة لأنه حلقة الوصل بين الدول كونه يهتم بأمور الاستقبال والوداع خاصة في دولة تنتقل من نظام قبلي إلى نظام دولة· مشيرا إلى أن زايد أمر بعمل هيكل لهذا القسم وعين موظفين وتم تدريبهم وأصبحت المهمة تتم بسهولة ويسر· ومضى يقول ''هكذا دخلنا في عهد جديد من التنظيم وعرفنا البروتوكول وبالطبع كانت هناك صعوبات جمة لأن الناس تريد أن تحضر من كل مكان وفي كل زمان وبالتالي يحدث تزاحم بين الموجودين إلا أن الأمور في عهد الشيخ زايد بدأت تمضي نحو التنظيم·'' وأضاف: في هذا الخصوص أذكر أن المرحوم جلالة الملك حسين بن طلال زار أبوظبي في فبراير من العام 1967 وتمت الزيارة وفق بروتوكول رئاسي واضح وربما كان من شدة الترتيب غريب علينا هذا الأمر حيث ذهبنا لاستقباله في المطار وكان على رأس مستقبليه في أرض المطار الشيخ زايد ومن خلال هذه الزيارة عرفنا أشياء جديدة مثل الموائد الرسمية حيث قامت شركة ''كات'' بتحضير وترتيب المائدة لضيف البلاد الكبير ودهشنا بحفاوة التكريم ودقة التنظيم بدءا من بطاقة الدعوة التي اشترطوا بها الحضور بالبشت وكتب عليها رقم المقعد على طاولة العشاء وفي اليوم التالي قام الشيخ زايد باصطحاب ضيفه في زيارة لمدينة العين زاروا خلالها عددا من الأماكن والمعالم نالت شكر وثناء ضيف البلاد· يتذكر السامان تلك الأحداث ويواصل حديثه من القلب عن حلاوتها والمتابع له وهو يتحدث يلحظ السعادة على وجهه قائلا: بعد الانتهاء من استقبالي للوفود الرسمية والشعبية وهدوء الأمور· قال لي الشيخ زايد ''تعال سالم خبرني أنت شو تريد تشتغل بالحكومة أم بالتجارة ؟''· فقلت له ''طويل العمر أنا تاجر وأحب التجارة والعمل بها ولكن لا استغني عن الشيوخ وأوامر الشيوخ ومساعدتهم''· فأشار علي بالاستمرار في عملي التجاري وان لا أعمل شيئا إلا بالرجوع له ومشاورته· فقلت له ''إن شاء الله طال عمرك''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©