إعداد - عدنان عضيمة:
بالرغم من ان سور الصين العظيم ما يزال يقف حتى اليوم كرمز لمقاومة الغزاة البرابرة قبل ألفي سنة؛ إلا أنه لم يعد يمثل اليوم بأي حال مانعاً طبيعياً لاختراق الأسواق الصينية الناشئة· وتقول المحللة بيتينا فون هيس في تقرير نشرته صحيفة الـ''فاينانشيال تايمز'' إنه حتى لو كان هذا السور يمثل سدّاً منيعاً إلا أن فجوة كبيرة أحدثت فيه وحطمت قدرته على صدّ الأجانب· وفي خطوة جديدة تنطوي على الكثير من القدرة على مزج وتلاقح الثقافات التجارية، بدأت بعض كبريات الشركات العالمية ببناء منتجعات فاخرة على الهضاب الخلابة المنتشرة على جانبي السور· وكانت شركة (كوميون) Commune سباقة لبناء سلسلة من المنتجعات على طول السور الذي يبلغ 6700 كيلومتر؛ وهو الذي قامت بتصميمه سيدة أعمال صينية تعمل في التطوير العقاري تدعى (زانج زين) وساعدها في ذلك زوجها وشريكها· ويقع المنتجع فوق جبل بادالينج، وعلى بعد أقل من ساعة بالسيارة عن العاصمة بكين؛ وهو المكان الأقرب إلى القسم الأكثر اجتذاباً للسياح في السور كله· ولم يأتِ هذا الاختيار الذكي للمكان بالصدفة بل جاء بعد دراسة متأنية خاصة من حيث جمال ونظافة البيئة المحيطة به وكثرة السياح الذي يقصدون هذه الجهة من السور·
ولعبت القدرة على التصميم دورها البارز في إنجاح الفكرة؛ حيث يعد المنتجع الجديد أحد أروع الأعمال الهندسية التي يمكنها أن تجذب السياح الذين ينتمون إلى مجتمع النخبة· ويمكن لرجال الأعمـــال وأصحاب الصفقات الكبرى أن يعثروا هناك على الجوّ الساحر الذي يتيح لهم التفكــير الهادئ إلى جانب شعورهم بالقيمة التاريخيــــة الكبـــــيرة للمكان ذاته· وتصف فون هوس المكان بأنه صورة عن (الكون التجاري) Commercial Cosmos.
ويتألف المنتجع من 12 قسماً منفصلاً يضم 43 فللا تنتشر على أطراف وادٍ عامر بالأشجار؛ ويتصل كل منها بالسور بواسطة ممر خاص يقطعه النزلاء مشياً على الأقدام· وأصبح المنتجع مقصداً لأصحاب القرار في كبريات الشركات العالمية وخاصة منها شركات صناعة السيارات مثل بي إم دبليو وأودي وفولكسفاجن وديملر كرايسلر، والشركات ذات الاختصاصات الأخرى مثل ماكينزي وستار آليانس ولوفتهانزا وتيمبيرلاند وموتورولا ومويت هينيسي دياجيو بالإضافة لمتحف نيويورك للفنون الحديثة· وبات كبار التجار العالميين يحرصون على عقد مؤتمراتهم الصحفية ودعوات العشاء في هذا الجوّ المتميّز· وخلال شهر يونيو الماضي، حرص المدير التنفيذي لشركة رولز رويس السير جون روز على عقد اجتماع لكبار أعضاء الهيئة الإدارية للشركة في هذا المنتجع بعد أن قرروا زيادة حجم أعمالهم في الصين ودول شرق آسيا· ويقول ريتشارد مارجوليس المدير الإقليمي للشركة في تعليقه على هذه الفكرة: (لقد لاحظنا دهشته من هذا الاختيار؛ خاصة أن السير جون مولع بالفنون المعاصرة· وعندما كنا نناقش تفاصيل عقد اجتماع مجلس الإدارة في الصين، حاولنا أن نحقق هدفين معاً: العثور على مكان متميز حتى يدور النقاش في جو هادئ، وأن يكون المكان من النوع الذي يتردد عليه مجتمع النخبة الذي يمثل الزبائن الرئيسيين لسيارات رولز رويس كالوزراء ورجال الأعمال· ولقد أثار هذا الاختيار إعجاب روز الشديد)·
ولا شك أن (كوميون) لن يكون المنتجع الوحيد في هذا المكان المتميز ، إذ يتوقع المحللون أن يكون فاتحة لعدد كبير من المشاريع السياحية التجارية·· فهل استفاق البشر إلى القيمة التاريخية والطبيعية لهذا السور العظيم؟
عدد اليوم
