الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الضبابية تلف دور الإعلام الدولي في حروب المنطقة

الضبابية تلف دور الإعلام الدولي في حروب المنطقة
7 سبتمبر 2014 20:25
كثيرة الكتب التي تتحدث عن دور الإعلام في تفجير حروب وصراعات العصر الحديث، مثل حرب فيتنام وفترة الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، وحرب الخليج، لكن التمكن من رصد هذا الدور في الحروب والنزاعات الراهنة في المنطقة ما زال مبكرا جدا كما يبدو. ولعل أكثر التساؤلات صعوبة هو عدم قدرة الإعلام، بكل أشكاله وأصنافه، على تقديم أجوبة شافية عن أصل وبدايات ومنطق بعض هذه الحروب والنزاعات. ورغم التطور الهائل في الإعلام الحديث ما زالت الحيرة مسيطرة حول مسائل تتعلق مثلا بأصل ونشأة أطراف فاعلة في هذه الصراعات، مثل تنظيم الدولية الإسلامية في العراق والشام، وظهوره المفاجئ على مسرح الأحداث. الافتقار إلى الدقة إذا كانت الكثير من الكتب تتحدث بإسهاب عن دور الإعلام سابقا في حالات مماثلة شهدها التاريخ، إلا أن الروايات التي تنتشر حتى الآن عن حقيقة ما يدور في الشام والعراق وأصل تنظيم داعش تحديدا ما زالت تفتقر لكثير من الدقة والبحث والتصديق. ويشير بعض الباحثين على سبيل المثال إلى دور ما يسمى «الآلة الإعلامية الدولية» في تأجيج حدة الصراعات في مجتمعات المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على المقدار الكبير من التأثير، الذي تُحدثه هذه الآلة في شعوب ترتفع فيها نسب الأمية والفقر والتفاوت الطبقي والاجتماعي والفساد الإداري والحكومي وتتدنى لديها منظومة التعليم الأساسي والعالي والبحث العلمي. ورغم صعوبة وضع كل الإعلام في سلة واحدة، إلا أن بعض الكتاب لا يترددون في القول أن البيئة السكانية والاجتماعية في هذه المنطقة تُعتبر مناسبة ليحقق «الإعلام الدولي المغرض» استراتيجياته السياسية والاقتصادية والفكرية، مع توجيه أصبع الاتهام إلى ما يسمى مراكز وهيئات تتبع دولا كبرى ومتقدمة وتقوم بتجنيد آليات وأفراد ودول وقنوات فضائية تسخر لها ميزانيات ضخمة لتحقيق أغراضها «المبيتة». هذه الاتهامات كانت تنتشر بكثرة في وقت كان يمكن فيه رصد وضبط الإعلام، الذي يمارس دورا دوليا وتأثيرا عميقا في الشعوب الأكثر فقرا والأقل نموا، إلا أن ذلك العصر الإعلامي لم يعد هو نفسه اليوم. وقبل سنوات كانت مجموعات إعلامية تقليدية كبرى، تليفزيونية وإذاعية وحتى بعض الصحف الواسعة الانتشار، تتمتع بتأثير جلي وشفاف في الإعلام الدولي. وفي تلك المرحلة كان يسود اعتقاد بأن العالم النامي من أكثر الشعوب استخداماً لمضمون الإعلام الدولي، خاصة التليفزيوني، دون التدقيق في هذا المضمون وصحته. أما اليوم فقد طرأت الكثير من التغيرات على هذا المشهد. يُعتبر الإعلام من أبرز أوجه النظام الدولي في العصر الراهن، وهو يحتل مكانة خاصة لأنه يحضر على الملأ وأمام العالم والناس بشكل آني ودائم. وبينما قد تتقطع -وتختفي أحيانا- مظاهر القوة الأخرى، مثل الأمن والمجال العسكري، وحتى الاقتصاد والتكنولوجيا، يصعب على القوى والدول والمنظمات والثقافات والأطراف المعنية بالنظام الدولي الغياب ولو للحظات عن المشهد الإعلامي في الوقت الراهن، حيث تتدفق البيانات والمحتويات «الجماهيرية» أو الشعبية على شبكات التواصل والمنتديات وقنوات النشر المفتوحة أمام الجميع. وإذا كان البعض يرى أن توظيف الإعلام دوليا من قبل القوى الكبرى والطامحة للعب أدوار أكبر، هو عملية مستمرة لا تستثني أي قنوات أو وسائل إعلام واتصال، إلا أنّ من الضروري التساؤل ومحاولة معرفة حضور الإعلام الدولي، مثلا، في شبكات مثل يوتيوب أو أنستجرام، وفي شبكات ذات انتشار عالمي لا لبس فيه مثل فيسبوك وتويتر وجوجل+. وقد يكون لبعض الخدمات والأدوات التي استحدثتها بعض الشبكات الاجتماعية وشركات الإنترنت دور ما في الإعلام الدولي، مثل الخدمات التي تتيح للمنظمات أو الجهات الحكومية أو الدولية ترويجا خاصا يميّزها عن الحسابات العادية. إنما ليس سهلا وضع اليد على هذا النوع من الإعلام الشبكي، حيث الأبطال الرئيسون -والأكثر عددا- هم ملايين البشر ممّن يصنعون التواصل الاجتماعي على مدار الساعة، وذلك خلافا لما يصّح قوله على إمكانية توظيف وسائل الإعلام القديمة من قبل قوى أو دول بعينها. إنما يمكن رصد وقياس بعض مظاهر هذا الدور من خلال ترقب جوانب محددة، على سبيل حضور منظمات إقليمية أو دول كبرى، ومدى اهتمامها وقدرتها على توظيف هذه الشبكات. إن ذلك ممكن لدرجة ما من خلال قياس مقدار التفاعل مثلا أو عدد المتابعين أو تحليل مضمون ما تنشره الحسابات والصفحات التي تتبع هذه الأطراف. رصد الحضور أصبح مُمكنا قياس تأُثير بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى في الشبكات الاجتماعية. فعلى موقع يوتيوب مثلا يمكن رصد قوة ومضمون الشبكات الإعلامية العالمية التي كانت تلعب سابقا دورا أكثر أهمية في الإعلام الدولي، مثل سي إن إن، أو بي بي سي. كذلك يمكن القيام بعمليات مشابهة على مواقع تويتر، الذي يعتبر وجهة لحضور مباشر للسياسيين وبعض الهيئات الفاعلة. كذلك يمكن رصد حضور الأجهزة الدبلوماسية الخارجية مثلا على هذه المواقع. وبينما يغيب كثير من الدول، الأقل نموا وتأثيرا، عن هذا الفضاء، تنشط بضع وزارات تابعة لدول كبرى بشكل مباشر على عدد من الشبكات، وبأكثر من لغة أحيانا. إنما هذه الإمكانية تبقى نسبية جدا، بل إنها تزيد من تعقيد دراسة ما يسمى الإعلام الدولي الذي طالما كان عُرضة لكثير من الاختلافات عبر التاريخ، حتى من حيث التعريف والآليات. بل يمكن القول إن التطورات الراهنة في تكنولوجيا الإعلام زادت كثيرا من مصاعب الباحثين، الذين يحاولون وضع تصور شامل وعميق لمفهوم الإعلام الدولي، محاولين إيجاد الرابط بينه وبين المستجدات والوقائع التي تحدث على المستوى الإقليمي والعالمي. وحتى ينجحوا في ذلك اليوم فإنهم بحاجة لتضافر جهود وتسخير إمكانات اكثر بكثير مما كان يتطلبه الأمر سابقا. أبوظبي الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©