الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجوم حلب: أسلحة غير متكافئة

هجوم حلب: أسلحة غير متكافئة
11 أغسطس 2012
باتريك ماكدونيل بيروت شن الجيش السوري يوم الأربعاء الماضي هجوماً على معقل الثوار الاستراتيجي والحيوي بمدينة حلب الشمالية، في دلالة على جهد حكومي متواصل لاستعادة السيطرة على المركز التجاري الأول في سوريا. لكن الأنباء الواردة من حلب تظل متضاربة في مجملها بين الأطراف المتصارعة، حيث نقل التلفزيون السوري الرسمي أخباراً عن سيطرة تامة للقوات الحكومية على المدينة الثائرة، لاسيما حي صلاح الدين الذي تعرض لقصف متواصل طيلة الأسابيع الماضية. وأضاف المصدر الرسمي أن عدداً من "الإرهابيين" سقطوا في الهجوم الذي شنه النظام، وهو المسمى الذي تطلقه الحكومة السورية على الثوار الذين انتفضوا ضد حكم الأسد. غير أن قادة الثوار والمتحدثين باسم المعارضة قالوا إن المعارك ما زالت مستمرة ونفوا أن يكون المتمردون قد انسحبوا من حي صلاح الدين، وإن كانت تقارير لاحقة أكدت الانسحاب التكتيكي للثوار من الحي، حسب ما نقلته مصادر من المعارضة نفسها. وفي هذا السياق يقول محمد الشيح الزور، أحد قادة الثوار الذي تم التواصل معه من تركيا عبر الهاتف: "مازال أبناؤنا في الحي، وما تقوله الحكومة غير صحيح". وفي شريط فيديو نُشر على الإنترنت تعهد قائد لواء التوحيد التابع للثوار قائلا: "لن نترك المكان حتى نقتل". ويُعد حي صلاح الدين أحد المداخل الاستراتيجية لحلب، المدينة الأكبر من حيث السكان، فلشهور طويلة عندما كانت سوريا تغلي تحت وقع الثورة ظلت حلب هادئة إلى حد كبير عدا حي صلاح الدين الذي شهد خروج مظاهرات مناوئة للنظام. ومنذ اندلاع المعارك غادر معظم سكان الحي منازلهم متجهين في أغلبهم إلى تركيا المجاورة لينضموا بذلك إلى موجة النزوح الجماعي التي ارتفعت وتيرتها في الأيام الأخيرة. ومن غير المؤكد ما إذا كان الهجوم الحكومي على حلب يوم الأربعاء الماضي هو جزء من حملة شاملة تستهدف المدينة، أم أنه مجرد مناوشات تركز تحديداً على حي صلاح الدين. ونظرياً تبدو المعركة بين الطرفين غير متوازنة، فالحكومة تتوفر على جيش محترف ومسلح بالدبابات والطائرات الحربية، وفي المقابل يعتمد الثوار على البنادق الآلية وبعض قذائف الآر بي جي، وبالطبع فهم يفتقرون للسلاح الثقيل كما يشتكون من نقص الذخائر. ويرى العديد من الخبراء أن معركة حلب أساسية بالنسبة للنظام الذي لا يستطيع خسارة المدينة المهمة، وهو ما يؤكده "أندرو إكزوم" من "مركز الأمن الأميركي الجديد" قائلا: "تكتسي حلب أهمية بالنسبة للحكومة أكثر مما تكتسيها بالنسبة للثوار، ففيما يشن الثوار حرب عصابات طويلة على النظام في المدينة دون حاجتهم للسيطرة عليها، يبقى من واجب الحكومة السيطرة التامة على المدينة". كما أن سيطرة الثوار على حلب ستفتح مجمل الشمال السوري أمامهم مع وجود خط إمدادات قوي من تركيا. وفي ردود الفعل الدولية فقد صرح مستشار الرئيس أوباما في مكافحة الإرهاب، ولأول مرة يوم الأربعاء الماضي، بأن الإدارة تدرس إمكانية إقامة منطقة حظر طيران فوق سوريا لمنع استخدام الطائرات لقصف المدنيين، هذا بالإضافة إلى احتمال اتخاذ إجراءات أميركية أخرى لتسليح المعارضة. فخلال حضوره أمام مجلس العلاقات الخارجية، قال "جون برينان" إن هناك خيارات عديدة مطروحة على الطاولة يتعين النظر فيها بتأن. وعندما سُئل مباشرة عما إذا كانت مسألة إقامة منطقة لحظر الطيران فوق سوريا مطروحة، رد قائلا: "كل الخيارات تتم دراستها". بيد أن فرض حظر جوي على سوريا سيواجه العديد من الصعوبات، سواء على الجانب العسكري أم السياسي، فروسيا التي تنصب نفسها أحد المدافعين عن النظام في دمشق لن تقبل قراراً أممياً بفرض حظر جوي على دمشق. هذا فيما تظل الدفاعات الجوية السورية قوية، وسيتطلب الأمر بعض الوقت قبل ضرب تلك الدفاعات وتحييدها. لكن، وفيما تشتد المواجهات في حلب، تحذر جماعات حقوق الإنسان من كارثة إنسانية محتملة. فحسب الأمم المتحدة، فرّ من سوريا حتى اليوم أكثر من 200 ألف شخص، كما أن الأحياء الأمامية في حلب باتت مهجورة من سكانها. هذا فيما أفادت السلطات التركية عن ارتفاع كبير في وتيرة العابرين لحدودها، وأضافت أن أكثر من ألفي سوري دخلوا الأراضي التركية يوم الأربعاء فقط، وحتى الذين فضلوا البقاء في حلب فقد نزحوا من بيوتهم ابتعاداً عن أماكن الاشتباكات ليحتموا بالمدارس والمساجد والحدائق العامة. ويقول شهود عيان إن صفوفاً طويلة تقف أمام الأفران والمحلات لشراء الخبز وباقي المواد الأساسية، فيما تواصل الأسعار ارتفاعها. لكن حلب مدينة مترامية الأطراف تحيط بها العديد من الضواحي، لهذا -ورغم القصف الذي طال أحياء الواجهة في المدينة مثل صلاح الدين- تظل أحياء أخرى بعيدة، حتى هذه اللحظة على الأقل، عن العنف والاشتباكات اليومية. والخشية الآن هي من أن تزحف المعارك بين الثوار والجيش النظامي لتصل الأحياء الآمنة في حلب وتغرق المدينة في دوامة من العنف. وعلى صعيد آخر نقلت وكالة "الأسيوشياتد بريس" عن مسؤولين أردنيين وصول رئيس الوزراء المنشق، رياض فريد حجاب، إلى الأردن ومعه 35 فرداً من عائلته الممتدة، حيث كان طيلة الأيام السابقة مختبئاً في سوريا، ولم تكن الأخبار المسربة عن خروجه منها سوى حيلة للتمويه ودفع قوات النظام لوقف بحثها عنه ليكون بذلك قد استكمل المسؤول المدني الأبرز في سوريا انشقاقه بالكامل عن النظام، فيما اعتبره المراقبون ضربة قوية يتلقاها النظام تُظهر مدى الاستياء الكبير في صفوف بعض المسؤولين من الأسلوب الذي تتعامل به الحكومة مع الأحداث الجارية في البلاد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©