الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا... إجراءات جديدة لمنع المذابح

21 أغسطس 2011 23:47
كشف البيت الأبيض في الرابع من أغسطس الجاري عن سلسلة من الإجراءات الرامية لتعزيز إمكانيات وقدرات الولايات المتحدة في الاستجابة لتهديد الإبادة الجماعية والفظائع الوحشية. من ضمن الإجراءات المتخذة إنشاء مجلس جديد مكون من أعضاء من مختلف الأجهزة والوكالات الحكومية تحت اسم"مجلس الوقاية من الفظائع"ومنحه الصلاحيات التي تحقق قدراً أكبر من الانسجام بين جهود المنع الأميركية وتضمن القيام بتلك الجهود في التوقيت المناسب. كما تم في الوقت نفسه أيضا إصدار إعلان رئاسي ينص على منع الجناة الذين نظموا أو شاركوا في تنفيذ تلك الفظائع من دخول الولايات المتحدة. وهذه المبادرات مرحب بها حتى وإن جاءت متأخرة كما يذهب إلى ذلك البعض. فبموجبها أرسل أوباما إشارة واضحة لمرتكبي المذابح الجماعية المحتملين من خلال الإعلان بطريقة واضحة، لا لبس فيها أن منع الفظائع والمذابح الجماعية قد بات مصلحة أمن قومي أساسية ومسؤولية أخلاقية جوهرية بالنسبة للولايات المتحدة. لكن تحديات رئيسية تواجه تلك المبادرات وتحد من قدرتها على إحداث فارق حقيقي. فالمبادرات الجديدة تعترف تقريباً بأن استجابة الولايات المتحدة لتهديد الفظائع والمذابح الجماعية كان أقل مما ينبغي ومتأخراً أكثر مما ينبغي، ومرتجلًا أكثر مما ينبغي. ففي دارفور على سبيل المثال، حدثت العديد من المذابح الجماعية قبل أن يتمكن صناع السياسة في واشنطن بوقت طويل من إدراك خطورة الموقف وهو ما جعل من المستحيل تقريباً اتخاذ إجراءات وقائية للحيلولة دون وقوع المزيد من تلك المذابح. وقد ترك هذا إدارة بوش في مأزق عندما وجدت نفسها مغلولة اليدين لحد كبير خصوصاً أن التدخل العسكري في موقف كهذا لم يكن بالأمر العملي على الإطلاق. والمبادرات الجديدة المصممة وفقا للتوصيات التي وردت في تقرير"البرايت ـ كوهين" لعام 2008 والذي كان عبارة عن مجهود مشترك بين معهد السلام، والأكاديمية الأميركية للدبلوماسية، ومتحف الهولوكوست التذكاري، وكان يهدف لحشد الولايات المتحدة من أجل اتخاذ إجراءات وقائية من تلك المذابح والفظائع الجماعية من خلال طرق عديدة مثل: أولاً، من خلال جعل منع المذابح والفظائع الجماعية أولوية رئاسية، كما أن التوجيه الدراسي الرئاسي المذكور أعلاه يتضمن تصديقاً عالي المستوى للوكالات والأجهزة العسكرية والمدنية الأميركية يفوضها القيام بالتخطيط لتلك المهام وتنفيذها. ثانياً، يدعو التوجيه المذكور الأجهزة الاستخبارية المختلفة لتحسين نوعية الدعم المقدم منها لجهود منع الفظائع. وليس هناك شك في أن التنبؤ بوقوع الفظائع بدرجة دقة ومصداقية عالية ليس بالأمر السهل بحال ولكن مما يخفف من درجة هذه الصعوبة أن علماءنا قد قاموا في السنوات الأخيرة بتحسين قدرتنا على تقييم عوامل الخطر الدالة مثل عدم استقرار القيادة والاستقطاب الإثني التي يمكن أن تساعد في الإنذار المبكر. ولكن بدون وجود جهاز أو وكالة عالية المستوى من صناع السياسات لاستلام مثل تلك الإنذارات المبكرة فإن تلك الإنذارات ستغدو غير ذات قيمة. ومجلس منع الفظائع المكون حديثاً والمطعم بأفراد من مديرة هيئة الأمن الوطني المنشأة حديثاً والمختصة بأمور الفظائع وجرائم الحرب يمكن أن تكون، هي الوكالة التي تضطلع بهذا الدور، الذي يمكن تدعيمه مستقبلًا ليصبح أكثر إيجابية ومبادرة. ثالثاً: الهدف الذي ينطوي عليه التوجيه الرئاسي المذكور والخاص بتقديم إطار سياسي شامل، يمكن أن يتوسع ليشمل طائفة من خيارات الاستجابة المبكرة - خصوصاً غير العسكري منها - المتاحة لمسؤولي الولايات المتحدة الكبار. ويتجنب الخيارات الزائفة المتعلقة بـ"إرسال المارينز أو عدم الإقدام على أي عمل"، وهو ذلك الخيار الذي طالما أعاق رد الفعل الأميركي المبكر لمواجهة الإبادات والفظائع الجماعية في الماضي. على أنه يجب أن يكون مفهوماً في هذا السياق أن تحقيق درجة أكبر من الوعي بخطوات منع الفظائع، لا يضمن القيام بعملية ذات تأثير دائم. فهناك أسئلة ما تزال متبقية في هذا السياق يمكن إجمالها على النحو التالي: أولاً: هل سيتم إدماج الهياكل والعمليات الخاصة للأجهزة والهيئات الجديدة لمنع الفظائع داخل جهاز الأمن القومي الأميركي؟ أهمية هذا السؤال تنبع من حقيقة أن التاريخ الحديث، قد أثبت أن البيروقراطية الراسخة كان لديها القدرة دائما على تهميش أو إقصاء الجهود الصادقة الرامية لتغيير الأوضاع القائمة. ثانياً: هل الأولوية المعززة المعطاة للمجلس الجديد لمنع الفظائع ستستمر مع الولايات اللاحقة أم أنها ستقتصر على الإدارة الحالية فحسب؟ أهمية هذا السؤال تتبين إذا عرفنا أنه في أعقاب مأساة رواندا أسست إدارة كلينتون مجموعة العمل الأميركية لمنع الفظائع، وهي مجموعة مكونة من أعضاء من الوكالات الأميركية المختلفة عام 1998، ولكن تلك المجموعة اختفت تماماً عندما تولى بوش الابن الحكم بعد ذلك بعامين. ثالثاً، وهو الأهم، هل سيدعم الشعب الأميركي ما سيراه البعض من أفراد جهوداً من أجل الغير ليس لها علاقة تذكر بمصالح الولايات المتحدة؟ وأهمية هذا السؤال تتبين هي الأخرى إذا عرفنا أنه في فترة ما بعد الحرب الباردة لم يقم أي رئيس أميركي بإصدار أوامره بتدخل عسكري واسع النطاق من أجل وقف المذابح من دون دعم شعبي كبير. وهذه الإمكانية هي فقط التي تجعل من مأسسة الإجراءات الوقائية أمراً على قدر كبير من الأهمية. أندرو ميلر - الزميل المشارك بمجلس «العلاقات الخارجية» الأميركي بول بي.ستيرز - زميل رئيسي بمؤسسة الجنرال «جون فيسي» لمنع الصراعات ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون ميديا سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©