الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشوق إلى الخطيئة...

الشوق إلى الخطيئة...
17 نوفمبر 2010 19:35
الغائصة في شعرها، كالبحر في بحر الظلمات... لكن سمكها جيد، والثمار وفيرة... بعض قصائدها رسائل مرمزة... للأصفياء، فهي تسرع نحو مجد الكلمة. تبدو في نثرها شاعرة مجيدة، تنطلق من نصّ تعالجه، فتتألق في عالم الشعر، ثم تعود ناثرة خلال النص الواحد... فتقول كلاماً مختلفاً، ثم تعود إلى السياق العام في القطعة النثرية، لتكمل ما كان قد بدأته... هكذا تختلط الأمور أحياناً، وأحياناً تنفصل... ففي ديوانها الجديد “اشتقت إلى الخطيئة” تبدو الشاعرة اللبنانية رلى الحلو صاحبة كلمة رنّانة تحمل في ثنايا حروفها موسيقى، وتترك في موضعها بصمة الثبات. جملتها قوية الشبك، قريبة الفهم محاورها، وألفاظها فخمة،.. وبين الكلمة والجملة صفاء ودّ يتنامى كلّما استرسلت في التسطير... من هنا ينبثق التناغم بين عناصر الكتابة ومدلولات النص... فبين دفتي الديوان، تنتاب المطّلع حيرة الانتقاء، ومع تنازع الميول والرغبات تستحكم فيه نشوة الاستماع قراءة وفهماً، وربما استنتاجاً، ليس فكراً جامداً ولا عواطف جامحة... إنها صيغة جديدة، في الشعر والأدب. نعيش معها اللحظة، ونتابع معها بشغف تنتابنا حسرات من لم يفهم... حتى تنتهي بأن تعلم وتحلم. تتقاطع سرد المقاطع تصل حدود الوجدانيات، دائماً هناك أمل، وإن لم يكن حلاً فبعد حين. في قصيدتها “ديكتاتورية وليل” تقول: “الواحدة بعد منتصف الليل... سهر، لا جفن غامض والمدامع سيل قرنة سوداء... أجعلها مسكني تبغضني، تمزق صورتي، تكرهني ديكتاتورية حبّك تظلمني تتركني أشلاء، من سيتجمعني؟ أسمع أغنية، أكتب قصيدة... عند منتصف الليل...”. وفي قصيدة “لأنك هكذا...” تقول: “لأنك هكذا، أحببتك... أنا تلك الحمقاء حياتها لك الآن تحفة أردتك أنظر إليها، سخافتي تجيبك أفلفش في ثيابي، علّ حسني يفيدك ألوان زرقاء وحمراء أضعها على وجهي ربما تغريك ماذا أصنع من نفسي؛ آية حسن تناديك لا يا حبيبي، هكذا أنا حقيقة تريدك نفس سخية، قلبي أعطيك أعيش ذكراك، لكنه موت... أأشتري أحاسيسك سؤالي عنك دائم وسؤالك عني يميتك ربما لا أستحق الحب، حبي خانقك تصرّف كما يحلو لك كاف المخاطب في شعري ترافقك أنت أنت المحور أما أنا فضمير يفصلك انفصالك عني، وصال يدمرني ولا يدمّرك مرضي عضال، كيف أشفى منه وقد أحببتك؟”. هنا نرى كيف أن أبياتها تمتاز بالوضوح، في زمن الغموض الطاغي على شعر الحداثة، فمن تشبيهاتها الشعرية المتوهجة تقول في قصيدة “سيجارة” قولها: “لأول مرة، أشعلك يا سيجارتي محترقة أنا، من فرط تعاستي غبت عنّي حبيبي، فضاعت سعادتي جالسة، هم وثورة وجنون طعام مائدتي أشرب الهمّ وأسكر، انطفأت منارتي أتذوق الثورة أبكي وأبكي، متى تعود حياتي؟ حلوتي جنون، تمرّد ثم سكون حبي الوحيد، اليوم أنت مستعد قائلاً: إلى الله أهدي ذاتي... أريدك أريدك بعدك عنك أماتني صائمة عن وجود كمكرّة حبك؛ أنت صلاتي! ماذا أدعوك؟ راهب مكرّس كاهن يا لاحتياري غير كل العشاق، لا خيانة لا عهر أنت قداستي أتذوق عطرك، أحن إلى معاملتك وجهك قربانتي ربي انتقاك، ستسير في الطريق، هل استخدم مهارتي؟ لا لست كذلك الكفر ليس من صفاتي... إكسير الحياة كلمتك، إنها رائد خطواتي حساباتي تأسرني، حساباتك تسجنني، غرابتك نضارتي ربيعي الذي لا يذبل، إيمانك وسادتي أخلد إلى النوم، رمدت سيجارتي حبيبي أنت صلاتي..”. نلاحظ أن الإنسان هو الموضوع المهم للشاعرة تذكره في قصائد عديدة... وهو المحور الأساس، الذي تدور حوله قصائد الكتاب أو الديوان، ونرى أيضاً أن كل شيء عندها مرايا تعكس الأمكنة أوضاعاً وأوجاعاً، ومسيرة صلاة. رلى فريد الحلو ابنة الجنوب اللبناني صحافية مجازة في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية وناشطة في مجال الإعاقة وحقوق الإنسان وعضو مؤسس في عدد من الجمعيات والمنتديات المحلية والإقليمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©