الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الكاتالونيون».. ومطلب الانفصال عن مدريد

6 سبتمبر 2014 23:07
بين باربير محلل سياسي أميركي صدع جديد في جدار الوحدة الأوروبية ظهر مؤخراً في شمال شرق إسبانيا، حيث يعيش الشعب الكاتالوني الذي ينطق لغة أقدم من الإنجليزية، ويطالب بالتخلي عن وصاية إسبانيا والاستقلال عنها وتشكيل دولة أوروبية جديدة أطلق عليها اسم «كاتالونيا». وأظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن 70 بالمئة من أصل 7.5 مليون كاتالوني يفضلون التصويت لمصلحة الاستقلال والانفصال عن إسبانيا. وفي شهر يوليو الماضي، اجتمع رئيس الوزراء الإسباني «ماريانو راخوي» مع رئيس إقليم كاتالونيا «آرتور ماس» وقال عقب الاجتماع إن استطلاع رأي الكاتالونيين (التصويت) هو إجراء غير قانوني ولا يمكن القبول به. وتعد مدينة برشلونة المعقل التاريخي للكاتالونيين، والمنطقة التي يحتشد فيها أكبر عدد من الناطقين باللغة الكاتالونية. وهي تمتد من الناحية الإدارية جنوباً حتى مدينة «فالنسيا» وتضم جزيرتين مهمتين في البحر المتوسط هما «مايوركا» و«إيبيتزا»، بالإضافة لدويلة «أندورا» المستقلة الصغيرة. ويبدو وكأن الناطقين باللغة الكاتولونية التي تتألف من مزيج من اللغات الفرنسية واللاتينية القديمة والإسبانية وبعض الأصول اللغوية الأخرى، قد افتتنوا بالحركة الانفصالية التي تشهدها اسكتلندا حيث تم تحديد موعد تصويت الاسكتلنديين على الانفصال عن المملكة المتحدة يوم 18 سبتمبر الجاري. وخلافاً لما هو عليه الحال في إسبانيا التي حظرت إجراء أي تصويت على الاستقلال، فإن الحكومة البريطانية وافقت على السماح للاسكتلنديين بإجراء التصويت مهما كان القرار الذي سيتخذونه بناء على نتائجه. وأظهرت استطلاعات الرأي الأولية أن 40 بالمئة من الاسكتلنديين يفضلون الانفصال عن بريطانيا بعد 300 عام من تشكيل أول حكومة مشتركة، وهناك نسبة أكبر بقليل من هذه تريد البقاء داخل المنظومة السياسية والإدارية للمملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى أن ما بين 10 و20 بالمئة من الاسكتلنديين لم يتخذوا قرارهم النهائي في هذا الشأن. ولا يمكن للمتجول في شوارع وأزقّة العاصمة الكاتالونية برشلونة إلا أن يلاحظ الأعلام الكاتالونية التي تتألف من قطاعين ملونين بالأحمر والأصفر وهي ترفرف على حواف الشرفات، بالإضافة للشعارات المكتوبة على الجدران التي تدعو إلى الانفصال عن إسبانيا. ووفقاً لاستطلاع أجراه «المركز الكاتالوني لاستطلاعات الرأي»، فإن الموافقة على قرار الانفصال عن إسبانيا هي أمر صعب المنال. وعندما حاولنا التحدث إلى صاحب مكتبة في مدينة «بيك» Bic التاريخية القديمة، وتبعد بنحو ساعة قيادة عن برشلونة، للوقوف على رأيه في موضوع الانفصال، قال: «أنا مستعد للدخول معك في الحديث بشرط أن تتحدث معي باللغة الكاتالونية وليس بالإسبانية». ولكنّه وافق على التحدث معي بالإسبانية عندما علم أنني لا أجيد الكاتالونية، وبدا واضحاً أنه يتحدثها بطلاقة تامة. ولا يتحدث اللغة الكاتالونية القديمة إلا نحو نصف سكان كاتالونيا. وهي تعود من حيث أصولها وتاريخ نشأتها إلى القرن التاسع الميلادي، أي قبل 200 سنة من تشكل اللغة الإنجليزية من اندماج الفرنسية والأنجلو- ساكسونية. وقالت «وكالة الأنباء الكاتالونية» CNA إن 5 ملايين من أصل سكان كاتالونيا يمكنهم التحدث باللغة الكاتالونية إلا أن مليونين منهم فقط يعتبرون الكاتالونية لغتهم الأولى. وإذا أضفنا إلى هؤلاء الناطقين بالكاتولونية في مناطق أخرى من إسبانيا و«أندورا» يرتفع مجموع عدد من يمكنه فهم اللغة الكاتالونية إلى نحو 10 ملايين. وكان استخدام اللغة الكاتالونية يتراجع عبر القرون حتى أن الديكتاتور الإسباني الفاشي فرانشيسكو فرانكو حظر تداولها تماماً عام 1940. ولم يتم اتخاذ القرار بالسماح باستخدامها مرة أخرى إلا في عام 1978. والآن أصبح تعليمها للتلاميذ إجبارياً في المدارس والجامعات. ومعظم الصحف التي تصدر في برشلونة يتم طبع نسختين منها إحداهما بالإسبانية والأخرى بالكاتالونية. وعلى سبيل المثال، توزّع صحيفة «إل بيريوديكو» El Periodico 100 ألف نسخة يومياً، 52 بالمئة منها بالإسبانية و48 بالمئة الباقية بالكاتالونية. هذا ما أخبرني به رئيس تحريرها «إنريك هرنانديز» خلال حوار أجريته معه. وبالرغم من عدم موافقة مدريد، فإن البرلمان الكاتالوني الإقليمي يخطط لإجراء تصويت على الانفصال عن إسبانيا. ويتخوف المسؤولون وصنّاع القرار في الاتحاد الأوروبي من أن ينسحب هذا الإجراء على بقية الدول الأعضاء ويصبح الانفصال ذو الأسباب الإثنية عن الدول الأم ظاهرة عامة. وحذّروا الكاتالونيين من أنهم إذا ما انفصلوا عن إسبانيا فإنهم لن يجدوا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أمراً سهلاً. وأبدى الاتحاد تخوفاً مشابهاً من انفصال اسكتلنداعن بريطانيا. ويقول «هرنانديز» إن المحكمة الدستورية العليا في إسبانيا، اتخذت قرارها في هذا الشأن والذي ينص على ما يلي: «لا يمكن لكاتالونيا أن تعلن نفسها دولة ذات سيادة». وأخبرني بأن نسبة الكاتالونيين المؤيدين لمبدأ الانفصال عن مدريد يفوق 45 بالمئة وأن الحزبين السياسيين الرئيسيين في كاتالونيا يدعمون التوجّه نحو الاستقلال. ويمكن تفسير هذا التوجّه في أن الكاتالونيين يشعرون بأنهم أكثر تطوراً ونجاحاً في النواحي الاقتصادية من بقية الشعب الإسباني. وأحد أهم أسباب هذا التفوق يرتبط بواقع كاتالونيا الجغرافي المحازي للحدود الفرنسية، وكانت أول منطقة في إسبانيا تعتمد الأفكار والأيديولوجيات الفرنسية فضلاً عن تبنيها للتطورات التي رافقت الثورة الصناعية. ويشعر معظم الكاتالونيين بأنهم يساهمون في دفع الضرائب للحكومة المركزية في مدريد بأكثر مما يتلقون مقابلها من خدمات وميزات. كما أن منح فرص العمل للصينيين والمهاجرين من الدول ذات أجور العمالة الرخيصة جعل الكثيرين منهم يعانون من مشكلة البطالة. ولقد أصبحت الحركات الانفصالية التي تؤججها العوامل الإثنية واللغوية والثقافية والدينية، تهدد وحدة بعض الدول الأوروبية مثل: بريطانيا وبلجيكا وأوكرانيا وإسبانيا وشمال إيطاليا وغيرها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي. تي. انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©