الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القبح والجمال في مسرحية مغربية

17 نوفمبر 2010 19:27
من الأعمال التي شكلت حضوراً لافتاً ومهماً في الموسم المسرحي المغربي الحالي، مسرحية “أمر” لفرقة المحترف للفنون لمؤلفها أحمد السبياع، ومخرجها خالد جنبي. تدور فكرة المسرحية حول الزوج (سعيد ايات باجا) وزوجته (امال بن حدو)، اللذين يملكان أنفين طويلين، وهذه مشكلتهما الوحيدة، مما يشكل عائقاً كبيراً أمام خروجهما إلى الشارع. حياة لايوجد بها أصدقاء، لايوجد من يتقبلهم هكذا (كما يزعمان). زوج وزوجته يعيشان في بيت، لا يحبان الخروج منه، بسبب معاناتهما النفسية، من (قبح) مظهرهما الخارجي. يفضلان البقاء في البيت على الذهاب إلى الخارج، تارة يتحدثان عن تاريخهما من خلال الصور، وتارة أخرى يكسران جمود حياتهما بتبادل الهدايا بينهما عن طريق ساعي البريد، لكن تبقى الهدايا مجهولة المصدر لكليهما، لأنها من دون مرسل. يتلقى الزوج هدية، يفتحها فيجد بداخلها أنفاً طويلاً، يزداد خوفاً من الآخر، والزوجة تتلقى الشيء نفسه، في كل مرة هدية. لكن في هذه المرة يفتح الزوج العلبة فيجد بداخلها مرآة ويخفيها عن زوجته، بل يحاول أن يضعها بجانب الهدايا التي تتلقاها زوجته، فكل واحد منهما يتخذ زاويته من البيت لوضع هداياه. الزوجة تتلقى أيضاً مرآة. تستمر هذه اللعبة الدائرية، بلا حدث يذكر. تحين لحظة كشف المستور، عندما يتلقى الزوج بطاقة بكلمات حب تفوح منها رائحة الغزل، وعندما يبالغ بعبارات الغزل، تكذبه زوجته، لأنها تعرف الكلمات التي كتبتها له، تعترف له بأنها من ترسل الهدايا، وهو يعترف بالشيء نفسه، إذن العملية متبادلة، لتحفيز أحدها الآخر للخروج والتعايش مع الآخرين. عالج آحمد السبياع ثنائية القبح والجمال، بطريقة ساخرة، كاريكاتورية، كوميديا سوداء، لا تُخرج ضحكة، بل ابتسامة بعلامة استفهام كبيرة، لفنطازية الفكرة بشكل عام. لأن المظاهر مخادعة، فليس كل ما يلمع ذهباً، فكرة السبياع تذهب إلى عمق المشكلة التي نعيشها وخاصة في عالمنا العربي، لأنها تضع اليد على جرح غائر في العقلية العربية للأسف، ونظرته القاصرة للمظهر دون النظر إلى الجوهر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©