الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغراب يتفاهم بالشيفرة وعلّم الإنسان دفن الموتى

الغراب يتفاهم بالشيفرة وعلّم الإنسان دفن الموتى
21 أغسطس 2011 23:03
أحمد محمد (القاهرة) - تنتشر الغربان في معظم أنحاء العالم ماعدا القارة القطبية الجنوبية وأميركا الجنوبية، والغراب طائر من جنس يضم حوالي 27 نوعاً، الذكور عادة أكبر حجماً من الإناث، معظم الريش يتميز باللون الأسود اللامع، وهذا اللون يجعل الغربان تتوارى في ظلمة الليل عن أعدائها من البوم والصقور التي تنشط ليلاً وتفترسها. ?وفي وطننا العربي عدة أنواع منها النوحي وينتشر في شمال إفريقيا، والمروحي الذيل والذي يطلق عليه غراب البين واتهموه بأنه يجلب الخراب، ويتميز بأنه أصغر من النوع السابق وينتشر في السعودية والسودان والصومال ومصر وفلسطين، وغراب المنازل الهندي وينتشر في الإمارات وعُمان والسعودية، والأورق وينتشر في مصر وفلسطين وسوريا. غراب السمك أما أصغر أنواع الغربان فهو غراب السمك وينتشر على الشريط الساحلي للولايات المتحدة، ويتغذى على الأسماك ويتميز بصغر حجمه فهو يساوي حجم حمامة ويتميز أيضاً بصوته الحاد المرتفع والذي يسبب إزعاجاً لبقية أنواع الغربان، ?وتصدر الغربان أصواتاً عالية ذات ترددات مختلفة تعتبر لغة التعارف بينها فلكل نوع من الغربان صوت بتردد معين بمثابة شيفرات استخبارية للمجموعة الواحدة، فسماع أحد الغربان لصوت غراب آخر غريب عن نوعه أو غريب عن قبيلته يجعله يصدر أصواتاً مستمرة عن طريقها تتجمع قبيلته وتحشد جموعها وتتصدى لهذا الغريب وتبدأ في قتاله. «المجثم» الغربان لا تنسى الإساءة والتعدي على مملكتها، وتوجد أعشاشها غالباً على الأشجار، وتتكون من أوراق متراكمة من الأشجار والريش والأغصان والأعواد الجافة، وهذا المخلوق يحب ويقدر الجمال فيقوم بتجميع أي شيء ذي ألوان زاهية وجميلة وجذابة ويحتفظ به في عشه ليشع العش بهجة وجمالاً فهو مملكته الخاصة. وتعيش الغربان في تجمعات كبيرة كل تجمع يسمى “المجثم” والمجثم الواحد يقطنه المئات، بل الآلاف من الغربان التي تنتمي لنوع واحد وتوجد أفرادها على عدد من الأشجار المتجاورة، ولأنها طيور ضعيفة بالمقارنة بأعدائها من الصقور والبوم تعيش الغربان في تجمعات كبيرة ترهب بها أعداءها.? ومن ذكاء هذا الطائر أنه إذا أصيب أحد أفراده بمرض ولاحظت الجماعة عدم قدرته على الطيران تقرر قتله ثم دفنه، لأنها يخاف انتشار مرضه بين بقية أفراد “المجثم” فتضحي بالفرد من أجل سلامة الجماعة. نذير الشؤم والغربان المتهمة ظلماً بأنها نذير الشؤم والخراب تفوقت على الكثير من بني البشر وتسود في أعشاشها روح الرحمة والمودة والحب والتعاون بين أفرادها حيث يقوم كل منها بمهام محددة، فالأنثى تتولى حضانة البيض وإطعام الصغار، أما الذكر فمهمته حماية العش من الأعداء، ويقوم الأبناء بمساعدة الآباء في جلب الغذاء وتنظيف العش. وعندما يصل الذكر لسن البلوغ “4 سنوات تقريباً” يبدأ البحث عن شريكة حياته بإصدار صوت مرتفع ينادي به على الإناث البالغة “3 سنوات تقريباً”، إلى أن تقترب واحدة منه ثم يغني لها أغنية قصيرة ويحدث الزواج ويبدأ كل منهما تنظيف ريش الآخر وتجهيز وبناء العش والذي يستغرق تكوينه حوالي أسبوعين،? ولا يتزوج الذكر مطلقاً بأنثى أخرى طيلة حياته والتي تصل في بعض الأنواع إلى 21 سنة، ولكن هناك حالتان لزواجه بأخرى، وهما عندما ينتظر فقس البيض الذي وضعته الأنثى وعند موت وليفته. وهذا الطائر يتمتع بقدر كبير من الذكاء والحكمة، فقد قام أحد العلماء بتتبع الغربان ووجدها تقوم بتجميع فتات الخبز وتشبكها بأرجلها في فرع من فروع الأشجار، ثم تسقطها في البحيرة وعندما يتجمع السمك على فتات الخبز تحت سطح الماء تنقض عليه وتمسك به بمناقيرها ثم تطير بالسمك إلى عشها. محاكم الغربان ويشير الدكتور زغلول النجار أستاذ علوم الأرض إلى أن دراسات سلوك عالم الحيوان أثبتت وجود محاكم للغربان، وفيها تحاكم الجماعة أي فرد يخرج على نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى لها، ولكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها الخاصة، ففي جريمة اغتصاب طعام الأفراخ الصغار تقضي العقوبة بأن تقوم جماعة من الغربان بنتف ريش الغراب المعتدي حتى يصبح عاجزاً عن الطيران كالأفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموها. أما جريمة اغتصاب العش أو هدمه فتكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدى ببناء عش جديد للمعتدى عليه.? لكن جريمة الاعتداء على أنثى غراب آخر، تقضي فيها جماعة الغربان بقتل المعتدي ضرباً بمناقيرها حتى الموت، وتنعقد المحكمة عادة في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض واسعة، تتجمع فيها هيئة المحكمة في الوقت المحدد، ويجلب الغراب المتهم تحت حراسة مشددة، وتبدأ محاكمته فينكس رأسه، ويخفض جناحيه، ويمسك عن النعيق اعترافاً بذنبه. ?فإذا صدر الحكم بالإعدام، قفزت جماعة من الغربان على المذنب توسعه تمزيقاً بمناقيرها الحادة حتى يموت، وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبراً ثم يهيل عليه التراب. ?هذا الطائر الضعيف هو الذي علم الإنسان دفن الموتى وورد ذكره مرة واحدة في القرآن الكريم قال تعالى: (فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هـذا الغراب فأواري سوءة أخي فأَصبح من النادمين) “المائدة، 31”. فعندما وقعت أول جريمة قتل في تاريخ البشرية والتي كان سببها الغيرة والحقد والكراهية، مما أدى إلى قتل قابيل لأخيه هابيل بعث الله سبحانه وتعالى غراباً ليعلمه كيف يواري جثته. ويؤكد العلماء المتخصصون أن الغراب هو الوحيد بين الطيور والحيوانات الذي يقوم بدفن موتاه.? وتشير الآية إلى أول دفن في الإنسانية‏،‏ وكيف أن الدفن في التراب كان وحياً من الله سبحانه وتعالى عن طريق عمل الغراب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©