السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مارين لوبين» : إعادة تأسيس اليمين المتطرف

21 يناير 2011 22:35
انتُخبت مارين لوبين يوم الأحد الماضي لقيادة حزب "الجبهة الوطنية" رأس حربة اليمين المتطرف الفرنسي، لتخلف بذلك والدها واعدةً بـ"نزع الطابع الشيطاني" عن صورة الحزب. وقد جاء ذلك بعد فوز نائبة زعيم "الجبهة الوطنية"، التي تبلغ من العمر 42 عاماً، بـ67 في المئة من الأصوات، لتصبح بذلك وجهاً عصريّاً وربما مستساغاً لحزب معروف بأجندته المناوئة للمهاجرين، كان يجسده حتى الآن زعيمه المؤسس جان ماري لوبين الذي يبلغ من العمر 82 عاماً. وبحرصها على النأي بنفسها عما عرف عن أبيها من مشاعر معادية للأجانب وافتراءات ضد اليهود والهولوكوست، كان يمكن للوبين الابنة تقديم بديل أكثر مرونة، لولا أنها عملت في الوقت نفسه على تعميق الخوف من الإسلام في فرنسا؛ حيث شبّهت مؤخراً صلاة المسلمين في الشوارع بالاحتلال النازي لفرنسا، وهو التصريح الذي دفع بعض المنظمات الإسلامية والحقوقية في فرنسا إلى رفع دعوى قضائية ضدها تتهمها بالقذف والتشهير. وفي استطلاعات رأي أجريت مؤخراً حلت مارين لوبن في المرتبة الثالثة وراء الرئيس نيكولا ساركوزي وأحد الزعيمين الاشتراكيين الممكنين لانتخابات الرئاسية المقبلة في 2012، حيث حصلت على دعم نحو 18 في المئة من المستجوَبين، مهددةً بذلك باحتمال انتزاع مزيد من الأصوات من حزب ساركوزي في الاستحقاق الرئاسي المقبل. لوبين، التي تبدو هادئة مسالمة أحياناً، وأحياناً أخرى صارمة ومتصلبة مثلما كان الحال خلال الخطاب الذي ألقته بعد الإعلان عن فوزها بزعامة الحزب يوم الأحد، دعت بصوت أجش إلى بلد أقوى، والحق في "عدم أكل الطعام «الحلال» ضد إرادة المرء"، في إشارة إلى اللحوم المذبوحة وفق الشريعة الإسلامية. كما جادلت بضرورة الحفاظ على فرنسا بلداً علمانيّاً، وهو أحد الموضوعات التي تحظى بشعبية كبيرة عبر الطيف السياسي في فرنسا. يذكر هنا أن معارضة لوبين لليورو ولما تسميه أسلمة فرنسا ربما أكسباها تأييداً متزايداً من أعضاء من حزب ساركوزي، "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، مستائين من الرئيس، الذي يمكن أن يكلفه تراجع شعبيته الفوز في الانتخابات المقبلة. ومن المعروف أن حزب "الجبهة الوطنية" يفوز عادة بما بين 10 في المئة إلى 15 في المئة من الأصوات خلال الانتخابات المحلية والوطنية، على رغم أنه يجد صعوبة أكبر في إيصال أعضائه إلى مواقع السلطة. ولكن في 2002، صدم جان ماري لوبين البلاد عندما تمكن من الوصول إلى الشوط الثاني الذي تنافس فيه مع جاك شيراك. ويعزو بعض المراقبين الأرقام الكبيرة التي حصل عليها حزب "الجبهة الوطنية" في استطلاعات الرأي التي أجريت في الآونة الأخيرة جزئيّاً إلى محاولة ساركوزي إصدار تشريعات بخصوص قضايا تعد عادة جزءاً من أجندات اليمين المتطرف. ذلك أنه من خلال شن حملة ضد الجريمة التي ترتكب من قبل المهاجرين والغجر، إضافة إلى النجاح في الضغط في اتجاه تمرير قانون يحظر على النساء ارتداء النقاب الذي يحجب كامل الجسم، أو البرقع، اتُّهم ساركوزي بإضفاء الشرعية على برنامج "الجبهة الوطنية"، وذلك في محاولة فاشلة للفوز بأصوات المحافظين وشرائح الجمهور الأكثر تطرفاً ويمينية. وفي هذا السياق، قالت مارين لوبين في لقاء أجرته معها مؤخرا دورية "كوزير" الفرنسية: "لقد أسدى لنا (ساركوزي) خدمة كبيرة"، مضيفة "وذلك لأنه دخل مجالنا. وبالتالي، ساهم في نزع الطابع الشيطاني الذي يحاول البعض وصمنا به". ولكن المحلل السياسي جيروم فوركي من مركز استطلاعات الرأي الفرنسي "إيفوب" يرى أنه من الصعب القول إن كان ساركوزي قد فتح برميل بارود من الخوف المناوئ للمسلمين والمهاجرين أو أن مثل هذه المشاعر تغلي منذ مدة، مثلما حدث في عدد من البلدان الأوروبية الأخرى حيث بدأت مجموعات من اليمين المتطرف تحقق تقدماً متزايداً. وفي هذا السياق، يقول فوركي: "صحيح أننا نرى عبر اليمين المحافظ آراء قريبة جدّاً من آراء الجبهة الوطنية؛ غير أنه من الصعب معرفة ما إن كانت الدجاجة قد سبقت البيضة. لقد تناول الاتحاد من أجل حركة شعبية هذه القضايا لأنه كان يعـــلم أن ثمة مطالب قوية بشأنها عبر أطياف المجتمع". غير أنه من غير الواضح ما إن كان حزب ساركوزي "قلقاً" بشأن صعود "الجبهة الوطنية"، كما يقول فوركي الذي يضيف: "مع قدوم مارين لوبين، تستطيع الجبهة الوطنية الجديدة إغراء اليمين والإضرار" بالاتحاد من أجل حركة شعبية. واللافت أن لدى لوبين طموحات أكبر من والدها لتدمير الأهداف الانتخابية لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية؛ وهي معروفة بحملتها الاستراتيجية الأكثر فعالية حيث تركز على حشد الدعم المحلي، مثلما فعلت في شمال فرنسا. وعلى رغم أن والدها اكتفى عموماً بلعب دور تهديد سياسي هامشي، إلا أن مارين لوبين أوضحت أن "استراتيجيتها هي الوصول إلى السلطة"، كما يقول فوركي. ديفورا لوتور- باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©