الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أبوغريب»... شبح في مخيلة العراقيين

21 يناير 2011 22:34
رغم تغيير اسمه وحتى اسم الإدارة التي كانت مشرفة عليه، مازال شبح "سجن أبوغريب" سيئ السمعة، يطارد السكان الذين يقطنون في الأحياء والمناطق القريبة منه، بل إن العديد منهم مازال يطلق عليه اسم "بيت الشيطان" في إشارة إلى تشاؤمهم من السجن لما يستدعيه في أذهانهم من ذكريات وصور منفرة، فالسجن الذي أصبح له اسم جديد هو "سجن بغداد المركزي" تصدر واجهة الأحداث في العراق والعالم عندما ظهرت الصور المسيئة للسجناء وبدأت تتناقلها وسائل الإعلام لتنكشف فضيحة سجن "أبو غريب" ومعه التجاوزات الخطيرة التي أقدم عليها حراس السجن من الشرطة العسكرية الأميركية وباقي أفراد الوكالات الأمنية التي تورطت في تعذيب المعتقلين والتنكيل بهم. وقد أدت هذه الفضيحة التي كشفت عن إساءات متكررة تعرض لها المعتقلون طالت جوانب جسدية ونفسية وجنسية إلى مثول 11 من الجنود الأميركيين أمام المحاكم ومقاضاتهم على ما اقترفت أيديهم من انتهاكات للكرامة الإنسانية. لكن رغم انقضاء تلك الأيام مازال سكان المنطقة وهم في غالبيتهم من العرب السنة يحملون السجن وما جرى فيه مسؤولية المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي يعانون منها، بل إن بعضهم يتحدث عن اللعنة التي حلت على السجن والحوادث الغريبة التي تقع للأهالي في المنطقة، وهو ما توضحه "غرفان علاء" إحدى ربات البيوت التي يقع منزلها بالقرب من السجن قائلة "لقد كنت أضحك عندما أسمع ربات البيوت في الحي يشتكين من الكوابيس التي يرينها في المنام، أو الأشباح التي تدق أبوابهن وتسعى إلى دخول منازلهن، أو تعبث بمحتويات خزائنهن. لكن بعدما أصبح طفلي البالغ من العمر ثماني سنوات يتكلم أن أشياء غريبة تحصل له قلت لزوجي إنه يتعين علينا إخلاء هذا البيت والذهاب إلى مكان آخر، واليوم أكتفي بتلاوة القرآن عله يساعدنا في تخطي هذه المحنة". وعن هذا الموضوع تقول "سناء علاء"، المدرسة التي يطل فصلها على السجن إن الطلبة لا يكفون عن تداول القصص بشأن الأحداث غير المألوفة التي يحكيها البعض حول سجن "أبو غريب" إلى درجة إني قمت "بتعليق الجرائد على زجاج النافذة وقمنا بتظليل الباقي حتى لا ننظر إلى السجن أثناء إلقاء الدرس وأمنع النظرات الفضولية والمتوجسة للأطفال". وهو ما أكده أيضا "إبراهيم عباس"، الوسيط العقاري في المنطقة الذي أشار إلى أن عدد البيوت المأهولة في المنطقة القريبة من سجن "أبو غريب" لا تتعدى نسبة 30 في المئة فيما فضل الباقي مغادرة المكان. ويضيف إبراهيم قائلاً: "إذا أردت شراء منزل هنا فستجد العديد من السكان مستعدين لبيع منازلهم بتخفيض يصل إلى 75 في المئة من السعر الأصلي لأن الجميع يريد ترك المنطقة. وحتى عندما يشتري أحدهم منزلًا هنا سرعان ما يسعى إلى تركه لما يعتقد أنها لعنة "أبو غريب" التي تطارد المكان وترسل الأرواح الشريرة والأشباح لتنغيص حياة أهالي المنطقة"، فالناس هنا لا حديث لهم إلا عن الأرواح التي تسكن البيوت مع تأكيد البعض سماعه لصراخ السجناء المعذبين في الليل. ويضيف الوسيط العقاري "إن الناس يعتقدون بأن المكان كله مسكون ولم يعد يصلح للعيش ويزيد من تكريس هذا الاعتقاد المنشورات التي يوزعها أحياناً المتمردون والتي تدعي أن المكان برمته موبوء لما شهده من تعذيب وقتل للمعتقلين". وقد وصل الأمر إلى درجة أن أحد السكان الجدد للمنطقة رفع قضية أمام المحكمة على الساكن القديم لأحد البيوت لأنه ضلله بإخفاء وجود أشباح في البيت، فحسب "وليد حميد"، القاطن الجديد، "لم أكن أعرف تاريخ المنطقة، ولا أي شيء عنها. واليوم نرتعد من الخوف في الليل، ولا نستطيع النوم بسبب الأحداث الغريبة حيث تتصرف الكلاب والقطط بطريقة غير عادية تثير في نفوسنا الذعر"، مضيفاً: "حتى الناس هنا اختفت الابتسامة عن وجوههم، وكل ما أريده الآن هو استرجاع أموالي والذهاب إلى مكان آخر"، لكن المحكمة رفضت قبول الدعوة. وفي هذا الإطار، يقول "عبد الله الزبيعي" الرجل المسن القاطن في المنطقة إن المكان كان هادئاً ولا تعكر صفوه شائبة في السابق إلى أن تحول اليوم إلى منطقة ينفر منها الجميع بسبب انتشار الخرافات بين الناس وطغيانها على عقولهم، والحل كما يقول هو "في عودة الناس جميعاً إلى بيوتهم واستئنافهم لحياتهم، فنحن كمسلمين نؤمن بوجود الأرواح، لكننا لا نعرف شيئاً آخر عنها وما إذا كانت تؤذي البشر، كما أن الأرواح الشريرة يمكن طردها بقراءة القرآن". وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الأميركية في عام 2006 كانت قد سلمت الإشراف على سجن "أبو غريب" إلى الأمن العراقي، ومازال السجن إلى حد اليوم يستضيف ما يقارب 4200 معتقل تحت الإدارة الكاملة للسلطات العراقية، وقد نفى أحد كبار المسؤولين بالسجن الذي رفض ذكر اسمه وجود أشباح أو ما شابه ذلك في المنطقة، وإن كان قد اعتبر العمل في السجن غير مريح بالنظر إلى تاريخه السيئ. عثمان المختار - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©