السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد عبدالكريم: الحضارة الإسلامية أثرت الفُنون بما يتفق مع العقيدة

أحمد عبدالكريم: الحضارة الإسلامية أثرت الفُنون بما يتفق مع العقيدة
11 أغسطس 2012
(القاهرة) - شغل الفن الإسلامي الفنَّان التشكيلي أحمد عبدالكريم منذ دراسته في كلية التربية الفنية، وأشتغل عليه بحثاً وتجريباً فنياً حتى حصل على درجة الماجستير عن رسالة بعنوان “النظم الإيقاعية في الفن الإسلامي الهندسي”، ثم درجة الدكتوراه عام 1990 في تحليل محتوى نظم الزخارف الهندسية الإسلامية، موضحاً من خلال ذلك أن الحضارة الإسلامية أثرت تاريخ الإنسانية بكل أبعاده، حيث شغلت حيزاً كبيراً في المكان الجغرافي والزمان التاريخي، وتميز أحد مجالات الفنون البصرية فيها بطابع الزخرف الهندسي الذي تحكم مفرداته قوانين رياضية، وأسس هندسية تتحقق منها مجموعة من القيم الجمالية كالنظم الإيقاعية، التي تخضع لتصميمات تحتوي على مفردات هندسية في سلسلة من العلاقات البسيطة والمركبة. وقال عبدالكريم، إن نور الحضارة الإسلامية بزغ في القرن السابع الميلادي في شبه الجزيرة العربية، والتي كانت تتألف من مجتمعات قبلية منتشرة هنا وهناك، ولكن سرعان ما دخلت هذه القبائل في الإسلام لتصبح تلك القبائل تحت لواء الإسلام على عقيدة ولغة واحدة وأنساق اجتماعية متقاربة إلى حد كبير، حيث كان الدين الإسلامي يتفاعل دائماً مع ثقافة المجتمع الذي ينتشر فيه، ويغير من العقائد والعبادات والنظم الاجتماعية التي سادت فيه، مما أدى إلى ظهور شكل ذي تراكيب جديدة، اختلفت من منطقة إلى أخرى في العالم الإسلامي. وأوضح أن الفنَّان في العصر الإسلامي وجد طريقاً سهلاً للاحتكاك الثقافي مع الفنون السابقة عليه وتأثر بها، فأضاف إليها بعد دمجها في خصوصيته الإسلامية، وأنه استطاع أن يؤكد وحدة الطابع الإسلامي للفنون البصرية من خلال تضافر مجموعة من العوامل أولها الدين، ثم الثقافة، والاقتصاد والعلوم والفنون، إلا أن العامل الديني والعوامل الثقافية لهما التأثير المباشر والواضح على الفنون الإسلامية، خاصة أن الدين والفن توأمان منذ البداية، وكان للدين أثر مباشر في توجيه الفنون الإسلامية منذ العصور الإسلامية الأولى والاعتقاد الذي ساد في كراهية الدين لمحاكاة ما أبدعه الخالق عز وجل من الكائنات الآدمية. نظرة شمولية ويضيف أنه من خلال نظرة شمولية تأملية لما أنتجه الفنان المسلم في الحضارة الإسلامية نجد أن تلك الكراهة، وذلك التحريم لم يؤديا إلى الفتور في تشجيع الفنون الإسلامية، أو قلة الإنتاج الفني، بل كان ذا تأثير على الطابع والأسلوب الفني، حيث اتجه الفنَّان المسلم إلى استخدام أساليب وأشكالاً فنية تتواءم مع المفاهيم التي فرضتها العقيدة الإسلامية، فأصبحت سمة من سماتها، وتعتبر الأشكال الهندسية التي تناولها الفنَّان في ذلك العصر أحد أنواع التجريد الذي برع في استخدامه بعدما درس وفهم القوانين الرياضية والأسس التي تقوم عليها تلك الأشكال. وأكد أن الدين الإسلامي دين علم وعمل، حيث نجد أن بعض مشاهير العرب المسلمين قد قدموا علومهم من خلال المنهج التجريبي كالـ “الحسن بن الهيثم” منشئ علم الضوء والبصريات، و”البيروني” واضع جدول الثقل النوعي للمعادن، و”ابن النفيس” مكتشف الدورة الدموية، كما أبتكر المسلمون رقم “صفر” وهذبوا كتابة الأرقام، حتى أن “برونوفسكي” في كتابه “ارتقاء الإنسان”، قال إن الأعداد الرومانية غير أنيقة إذا ما قورنت بالأعداد العربية، كما أنه أشار أيضاً في دراسة له، أن تصميمات الأشكال الهندسية الإسلامية بالغة البساطة، مما جعلت الفنَّان وعالم الرياضيات شخصاً واحداً في الحضارة الإسلامية، فقد استعان الفنَّان بالأفكار المثالية لكل من “أفلاطون” و”فيثاغورث” في الاستناد إلى وجود قواعد أساسية في بناء الأشكال الهندسية. الاتجاهات التحليلية وأشار إلى أن الفن الإسلامي الهندسي تعرض للعديد من الاتجاهات التحليلية للوصول إلى أصوله الفلسفية والتشكيلية، مما طرح حوله الكثير من الأسئلة، المتعلقة بكونه يمثل هروباً من محاكاة الجسم البشري، أو يرتبط بفنون الحضارات السابقة عليه، إلا أن بعض المحللين رأوا أن الهندسيات الإسلامية هي نظام هندسي قام على عبقرية الفنان المسلم، ومنهم “ج. بروجوان” الذي أجري دراسة عن النموذج الهندسي العربي وأسس التصميم عام1973، موضحاً فيها أن ما أبدعه الفنانون في الحضارة الإسلامية، لم يكن أساسه الشعور والموهبة الطبيعية فحسب، بل كان يقوم على علم وافر بالهندسة العلمية. وقال إنه لا يمكن أن نغفل أن الفن الإسلامي الهندسي كعمل فني صدر عن مهارة إبداعية استعان الفنان في إخراجها بأساليب التنظيم من أجل تحقيق نوع من الوحدة، رغم ما في الأشكال والعلاقات من تنوع، غير أن الفنان قد استطاع من خلال هذه العلاقات أن يُضفي عليها نظما إيقاعية خاصة، وأكسب الأشكال صيغة تتسم بالحيوية، فجاء الإيقاع محققا الوحدة والتنوع معا. وأوضح أن الفنان المسلم استطاع معالجة بعض الأشكال الهندسية لتصبح في حركة مستمرة دائماً، لتأثير اتجاه الزوايا الحادة مثل أشكال الأطباق النجمية، كما أن تغير مكان المشاهد بالنسبة للعمل الفني، يغير من زاوية الرؤية، وبالتالي من شكل وعلاقات الزخارف ببعضها البعض، وهو ما يستوجب التواصل مع الفن الإسلامي من خلال إعادة قراءته في ضوء منهج جديد، يهدف إلى استخلاص القيم الجمالية، والاستناد عليها في إنتاج تصميمات زخرفية معاصرة، عملا على إحياء فنون التراث الإسلامي. ويؤكد عبدالكريم أن الأشكال الهندسية في الفن الإسلامي ليست هي التي تمثله بصورة كاملة، كما أنها ليست لها أي وظيفة دينية، أو أنها البديل عن الرسوم الآدمية كما يدعي بعض النقاد المستشرقين، بل هي مجال من المجالات التي برع فيها الفنان في العصر الإسلامي، وأصبحت سمة من سماته، بعد أن تناولها من وجهة نظر جمالية، حيث إنه عندما تعامل معها على أي سطح لآنية أو جدارية أو شباك، لم يضعها لمجرد ملء الفراغ، وإنما وُضعت بمعالجة تشكيلية تصلح للمكان الذي تشغله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©