الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الديمقراطيون»... ثلاثة أسباب للهزيمة

16 نوفمبر 2010 21:12
بعد يوم واحد على الهزيمة النكراء التي تعرض لها أوباما في انتخابات الكونجرس طرح أوباما تحليلًا من ثلاثة أجزاء لما جرى، مفسراً ردة فعل الناخبين بثلاث مسائل أساسية: أولاً عزا الرئيس الخسارة الانتخابية إلى استياء الناخبين من واشنطن والمصالح الحزبية الضيقة التي تحرك السياسة الداخلية، وأرجعها ثانياً إلى عدم اطمئنان الناخبين بشأن مستقبل البلاد الاقتصادي، لا سيما في ظل معدلات البطالة المرتفعة واستمرار التباطؤ الاقتصادي، غير أن المثير في تفسير أوباما للنكسة التي تعرض لها حزبه في الانتخابات كان في العامل الثالث الذي عبر عنه بقوله "نعتقد أن هناك أموراً تستطيع الحكومة القيام بها لكن الناخبين يخشون من ذلك كما أنهم لا يريدون لـ"الديمقراطيين" أن يملوا عليهم الحلول من واشنطن ويفرضون عليهم الطريق التي يتعين اتباعها". والحقيقة أن التبرير الأخير الذي اعتمد عليه أوباما في عقلنة الخسارة التي مني بها الحزب "الديمقراطي" في الانتخابات الأخيرة هي ما يميز بيل كلينتون عام 1994 عن أوباما اليوم، لا سيما الأسلوب الذي رد به الرئيس على منتقديه وأكدته رئيسة الأغلبية السابقة في مجلس النواب، "نانسي بيلوسي"، فـ"الديمقراطيون" يميلون عموماً إلى لوم الناخبين على عدم فهمهم للأجندة السياسية للإدارة الأميركية بدلًا من تغيير أسلوبهم في الحكم والإصغاء أكثر إلى هواجس الناخب الأميركي، فالخطاب الصادر عن الرئيس عقب هزيمة حزبه الانتخابية في وسائل الإعلام والمؤتمرات الصحفية يشي بنبرة استعلائية تنحي باللائمة على الناخبين المتخوفين الذين فشلوا في إدراك المغزى الحقيقي للخطوات التي قام بها الرئيس، بحيث يرى "الديمقراطيون" أن الخطأ ربما يكمن في ضعف التواصل مع المواطنين وعدم الإسهاب في تسفير تلك الخطوات وتسويقها باحترافية. هذه النبرة التي تُحمل الناخبين مسؤولية ما جرى في الانتخابات عبر عنها أوباما بوضوح قائلًا: "ما يبدو صحيحاً للغاية هو الغضب الذي استشعره الناخبون بعد كل هذه السياسات القادمة من واشنطن بدءاً من خطة التحفيز الاقتصادي وإنقاذ البنوك من الأزمة المالية، وليس انتهاء بمساعدة شركات السيارات، وهو ما دفع الناس للاعتقاد بأن الحكومة بدأت تتدخل بشكل سافر في حياتهم"، مضيفاً "ورغم اعتقادنا بأن التدخل الحكومي أمر لا مناص منه إلا أني أيضاً أتعاطف مع الناس الذين اعتبروا ذلك نوعاً من السيطرة الحكومية على مناحي الحياة الأميركية"، وكأن الرئيس الأميركي يقول هنا لو فقط فهم الناخبون سياستنا على نحو أفضل لأن النوايا كانت طيبة لكنهم أساؤوا التقدير والفهم! ومع أني شخصياً من الذين يدعمون أوباما ويقدرون أداءه على مدى السنتين اللذين قضاهما في البيت الأبيض، إلا أنه لا بد من الاعتراف باستعجاله في سن بعض السياسات التي لم تنطوِ على صبغة استعجالية، وبالتالي لا يمكن إلقاء اللوم في جميع الحالات على الناخبين مثل إصراره على إقرار قانون الرعاية الصحية، وما تلا ذلك من استياء لدى الرأي العام، علماً أن هذا الاستياء مبرر ومفهوم حتى بالنسبة لمن ساند الخطة، وهنا يبرز الاختلاف مع إدارة كلينتون التي جاءت بفكرة واضحة تريد من خلالها تجديد العمل الحكومي ليس بتوسيعه بل بالاعتماد على حكومة أصغر وتدخل أقل. ومع أن مشكلة الرعاية الصحية أعاقت خططه وتسببت في خسارته، إلا أن ذلك لم يؤثر كثيراً على أدائه العام، بل مضى في طريقه إلى ولاية ثانية. لكن خلافاً لذلك اعتمد أوباما على حالة من الغموض في مواقفه تراوحت بين دفاعه عن حكومة ليبرالية كبيرة بالمعنى التقليدي وبين توجهه البراجماتي كسياسي متعال عن الانقسامات الحزبية، هذا الغموض ساعده كثيراً في رص صفوف الحزب "الديمقراطي" وترميم انشقاقاته ثم تجنيد المستقلين خلفه، لكن عندما بدأ يكشف عن خطه الأيديولوجي من خلال قانون الطاقة والرعاية الصحية وإنقاذ شركات السيارات وغيرها من السياسات، كان لا بد للناخبين من التوجس والتشكك في أن الحكومة تريد التوسع على حسابهم، والأكثر من ذلك لم تسعَ الإدارة الحالية إلى طمأنة الناخبين بأن لهذا التوجه الحكومي حدوداً سينتهي عندها، وكما يوضح ذلك "ويليام جالستون"، من معهد بروكنجز "استدعت أجندة أوباما توسعاً ملحوظاً في حجم الحكومة وقوتها وتكاليفها"، وذلك في وقت وصلت فيه الثقة الشعبية في العمل الحكومي إلى أدنى مستوى لها، ورغم احتمال تأثير التشكك الشعبي على العمل الفيدرالي وتسامحهم إزاءه "رفض أوباما التقليص منه أو مراجعته، معتقداً أن شعبيته الخاصة ومصداقيته الذاتية تغطي على المخاوف الشعبية إزاء نزاهة وكفاءة الحكومة التي يقودها". ومع ذلك لا يخلو الأمر من بوادر مشجعة عن إدراك أوباما لهذه الحقيقة كما بدا في لقاء أجري معه في برنامج "ستون دقيقة" اعترف فيه أن المشكلة ليست فقط في التواصل الجيد مع الناخبين، بل في الحكم بأسلوب أكثر تواضعاً، لكن مع الأسف ما زال بعض "الديمقراطيين"، وعلى رأسهم نانسي بيلوسي يصرون على النهج الحالي حيث قالت في حوار صحفي أجري معها "لا أتحسر على شيء لو فقط تواصلنا أكثر مع الجمهور لاختلف الوضع". والحقيقة أن "الديمقراطيين" يرتكبون خطأ كبيراً لو اعتقدوا أن خسارتهم لستين مقعداً في مجلس النواب كان فقط بسبب فشلهم في الحديث عن إنجازاتهم. روث ماركوس محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبورج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©