الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية وبوادر الاستياء الشعبي

9 فبراير 2010 20:39
يقول محللون في كوريا الجنوبية إن جواً من السخط والاستياء يسود كوريا الشمالية في وقت يبحث النظام هناك عن أكباش فداء لتحميلهم مسؤولية فشل محاولة لإصلاح العملة وتقييد الاقتصاد الحر. ولعل إقالة رئيس المخططين الماليين التي تناقلتها بعض التقارير الصحفية ليس سوى أوضح مؤشر على ازدياد مشاعر الاستياء تجاه رفع قيمة العملة، مثلما تفيد عدد من التقارير الإعلامية، في وقت هاجمت فيه حشود نفد صبرها مسؤولين في الأسواق بعيداً عن العاصمة بيونج يانج. ويقول محللون إن "باك نام جي"، مدير التخطيط في حزب "العمال"، قد توارى عن الأنظار. وهو الشخص الذي كان مسؤولاً عن مراجعة قيمة العملة على أمل كبح جماح التضخم المنفلت ووقف الانتهازيين الساعين إلى تحقيق أرباح فاحشة عبر تكديس الأموال ثم تحويلها إلى العملة الصينية أو الغربية. وفي هذا الإطار، يقول "تشوي وون كي"، محلل الشؤون الكورية الشمالية بالمعهد الكوري للوحدة الوطنية: "إنهم في حاجة إلى كبش فداء لتحميله مسؤولية فشل سياستهم"، مضيفاً "إن الناس لا يستطيعون شراء الطعام في الأسواق لأن وصول المواد الغذائية سيئ للغاية، وعدد الموتى في ازدياد". بعض المحللين يرون أن للأمر علاقة بالصراع على السلطة في وقت يحاول فيه زعيم "الشمال" العليل كيم جونج إيل تمهيد الطريق لخلافة أصغر أبنائه، وهو "كيم جونج أون"له، بينما يسعى القادة العسكريون الأقوياء لفرض أنفسهم؛ حيث ينظر البعض إلى مناورات المدفعية الكورية الشمالية في البحر الأصفر كإشارة خارجية للصراع الداخلي. وفي هذا الإطار، يقول "ها تاي يانج"، رئيس إذاعة "أوبن راديو" الموجهة لكوريا الشمالية، والتي تعتمد على مخبرين داخل كوريا الشمالية كمصادر رئيسية للأخبار خلال ساعتين من البث على الموجات القصيرة يومياً من هنا إلى "الشمال": "إن قبضة كيم جونج إيل كرئيس للجنة الدفاع الوطني بدأت ترتخي تدريجياً، ولكن السياسة الكورية الشمالية تجاه كوريا الجنوبية لا تستقر على حال". أما داخل كوريا الشمالية، فتفيد بعض المصادر بأن حشوداً غاضبة قامت بمحاصرة الأسواق احتجاجاً على ارتفاع سعر الأرز، الذي يعد مادة غذائية أساسية، عدة مرات مقارنة مع مستواه في ديسمبر الماضي، وأيضاً احتجاجاً على تدهور العملة بشكل حاد. وتفيد منظمة "أصدقاء جيدون"، وهي منظمة مساعدات في كوريا الجنوبية تنشر المعلومات من مصادر في "الشمال"، بأن حشوداً غاضبة كانت تصيح: "إن عدد الأسر التي تستطيع بالكاد توفير وجبة وحيدة في اليوم في ازدياد" و"هل ستجوعوننا حتى الموت؟". هذا النقص المتزايد في المواد الغذائية يعيد إلى الأذهان ذكريات عقد التسعينيات، الذي تشير التقديرات إلى أن مليوني شخص ماتوا خلاله جراء الجوع والأمراض. وفي هذا الإطار، تحدثت "ديلي إن. كي"، وهي منظمة أخرى هنا في كوريا الجنوبية عن "انفجار في عدد الإصابات الناتجة عن الاستياء الشعبي تجاه التقييد القاسي لأنشطة السوق". ومن بين مؤشرات قلق الجماهير ونفاد صبرها، حسب "ديلي إن كي"، الهجمات على العملاء الأمنيين الحكوميين الذين يحاولون قمع عمليات تهريب المواد الغذائية وبيعها في الأسواق المفتوحة، حيث تفيد بعض التقارير أن أحد العملاء تعرض لطلقة نارية وأصيب بجروح خطيرة بعد أن أخذ أحد المحتجين سلاحه -وهو مستوى من الاحتجاج لم يُسمع عنه من قبل تقريباً في النظام الكوري الشمالي الخاضع لمراقبة مشددة. "ديلي. إن. كي" أفادت بتخفيف القواعد والتنظيمات في إقليمين من أقاليم البلاد في مطلع فبراير- واستقرار الأسعار فيها؛ لكن الدلالات الحقيقية لذلك لم تكن واضحة. وفي هذا الإطار يقول ها: "نحن لسنا واثقين اذا ما كان الأمر يتعلق بذهاب القمع أو تصرف محلي فقط". وعلى أي حال، فإن الكثيرين يستبعدون أن يحل تخفيف القوانين المشاكل الأساسية التي يبتلي بها بلد لا يمتلك ما يكفي من الغذاء، أو المال، أو الرعاية لشعبه حيث يقول تشوي وون كي: "لقد فات أوان التخلي عن إصلاح العملة؛ إنهم يحاولون السيطرة على الأسواق منذ سنوات طويلة". هذا ويُعتقد أن "باك" نفسه كان مسؤولاً عن إعادة فرض مراقبة صارمة على الاقتصاد قبل عدة أعوام، وذلك بعد فترة قصيرة تم خلالها اعتماد ما يشبه اقتصاد السوق الحر - ثم عن تشديد المراقبة في أوائل ديسمبر في وقت بدا فيه مرة أخرى أن تجار السوق الحر باتوا يطرحون تهديداً على النظام . ومع اختفائه وردت تقارير تفيد بإقالة رئيس "المكتب 39" المشهور، وهو وكالة مالية قوية تتولى كل شيء، من العملة المزورة والمخدرات إلى تصدير الصواريخ واستيراد المواد لأسلحة الدمار الشامل، حيث يُعتقد أنه كانت لدى باك سيطرة إجمالية على "المكتب 39"، الذي أفادت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب" بأن مديره كيم دونج أون قد استُبدل. وقالت "ديلي إن كي": "جرياً على عادة الأنظمة الديكتاتورية في العالم، فإن أكباش الفداء تُنتقى أيضاً على ما يبدو"، لافتة إلى أن "باك" قد يواجه عقاباً شديداً. والجدير بالذكر أن وزير الزراعة خلال المجاعة التي ضربت البلاد في عقد التسعينيات كان مصيره الإعدام، بينما أُرسل رئيس الوزراء حينها إلى شركة مملوكة للدولة بعيداً عن بيونج يانج. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: سيول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©