الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

"الأسد الهادئ" يستعيد مكانته في سوق النفط

"الأسد الهادئ" يستعيد مكانته في سوق النفط
27 أكتوبر 2006 22:56
تعرضت منظمة الدول المصدرة للبترول ''أوبك'' في أواخر الثمانينيات لهزة عنيفة جعلت المراقبين يستبعدونها من حسابات الأسواق، إلا أن المنظمة استعادت عافيتها بهدوء، بيد أن السيناريو تكرر بشكل أكثر عنفا في النصف الثاني من التسعينيات عندما انهارت الأسعار نتيجة قرار خاطئ بزيادة الانتاج بنسبة 10%· وكانت تلك ضربة عنيفة لها اعتبرها بعض المحللين بداية العد التنازلي لاصدار شهادة الوفاة الرسمية للمنظمة، ورغم ان ''أوبك'' حافظت على مكانتها، فقد انتشر مفهوم بان المنظمة تحولت الى ''نمر من ورق'' لا يستطيع أن يؤثر بقوة في الأسواق، ووصل الأمر ببعض المراقبين إلى الاعتقاد بأنها أصبحت ''منظمة غير ذي صفة على الساحة الدولية''· لكن رد الفعل القوي الذي قدمته دول ''أوبك'' في الاجتماع الأخير الذي استضافته قطر في 19 من أكتوبر الماضي أثبت خطأ هذه الحسابات والاعتبارات، فقد كشر ''الأسد الهادئ'' عن أنيابه وعزز مصداقيته بوصفه الزعيم الحقيقي لسوق النفط، عندما أعلن -في خطوة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عامين- خفض الإنتاج بمقدار 1,2 مليون برميل يوميا بنسبة 4,3% ليهبط إنتاج الدول الأعضاء باستثناء العراق الى 26,3 مليون برميل يوميا اعتبارا من أول نوفمبر الجاري، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ألمح بعض وزراء ''أوبك'' إلى أن الخفض ليس نهاية الطريق بما يعني احتمال القيام بخطوة مماثلة جديدة عندما تعقد ''أوبك'' اجتماعها التالي في ديسمبر المقبل، وكان هذا الموقف القوي والحازم كافيا لأن تسجل أسعار النفط أكبر مكاسب لها في يوم واحد خلال سبعة أشهر كاملة· ووصفت صحيفة ''وول ستريت جورنال'' في تقرير بعنوان ''استعادت مصداقيتها·· أوبك تسرق الأضواء'' هذه الخطوة بأنها كانت رد اعتبار قويا لسمعة ''أوبك'' التي أدركت ان عدم خروجها بموقف ثابت خلال الفترة الأخيرة كان من الأسباب التي ساهمت في انخفاض النفط الى مستوى 58 دولارا للبرميل ليصبح أقل بنسبة 26% عن المستوى القياسي الذي بلغه في يوليو· ومضت تقول: منذ أزمة التسعينيات و''أوبك'' تعزز صورتها كمركز ثقل معتدل وحكيم لاستقرار الأسواق وبهدف معلن رئيسي هو خفض تقلبات الأسعار إلى أدنى حد ممكن، وازدادات مصداقيتها عندما رفضت المقترحات التي أطلقها الرئيس الفنزويلي ''هوجو شافيز'' مؤخرا بأن تخفض المنظمة إنتاجها عندما كانت الأسعار فوق مستوى 70 دولارا للبرميل أو أن تبدأ في تسعير النفط باليورو بدلا من الدولار أو أن ترفض بيع النفط إذا انخفض السعر عن 50 دولارا للبرميل· ويقول محللون: صحيح أن اجتماعات المنظمة عادة ما تجذب دوما حشودا ضخمة من الصحفيين والاعلاميين ومحللي الطاقة، لكن هذه الاجتماعات منذ نحو عام كانت روتينية إلى حد كبير، بسبب اعتقاد قطاعات واسعة في السوق بأن المنظمة لا تستطيع فعليا أن تحرز تقدما يذكر لتهدئة الأسواق، فالأسعار مستقرة عند مستويات مرتفعة في حين تقلصت الطاقة الإنتاجية للمنظمة بشدة حيث ينتج تقريبا كل أعضاء أوبك باستثناء السعودية بكامل طاقتهم الإنتاجية، وهذا يعني أن السوق كانت تعرف أن أوبك لا تستطيع التأثير في السوق سواء بخفض إنتاجها لأن الاسعار مرتفعة بالفعل، كما أنه من غير المتوقع أن تعلن عن زيادات إنتاجية لخفض السعر· وترى الصحيفة أن ابتعاد ''أوبك'' عن دائرة الأضواء خلال الأعوام القليلة الماضية كان في اطار استراتيجية هادئة ومدروسة، موضحة أن الأكثر واقعية أن المنظمة اختارت الابتعاد عن قلب الساحة الاقتصادية العالمية عندما كانت الأسعار مرتفعة، ولكن مع تراجعها في الأسابيع الأخيرة، وانخفاض سعر البرميل عن أعلى مستوياته التي سجلها في يوليو الماضي فان ''أوبك'' تقدمت بثبات نحو بؤرة الأضواء، بالاعلان عن خفض الإنتاج لرفع الأسعار، وكانت النتيجة ايجابية تماما· ويعتقد كثيرون الآن أن ثقل ''أوبك'' سيزداد أكثر وأكثر في الفترة المقبلة، مع تزايد الإقبال العالمي على النفط خاصة وأن هذا الإقبال يتطلب نوعا من التنظيم في جانب المعروض، وأن الأسعار كان من الممكن أن تكون أكثر تقلبا بكثير مما هي عليه الآن بدون وجود ''أوبك'' التي تتحرك من حين لآخر لتعديل إنتاجها بما يتماشى مع أوضاع الطلب· ويرتبط بهذه النقطة أنه مع تزايد الطلب بمعدلات تفوق زيادة الإنتاج، فان الطاقة الإنتاجية الإضافية تتركز أساسا لدى دول ''أوبك'' وخاصة السعودية والكويت والإمارات، وتلعب الدول الأعضاء دورها بمهارة منذ حوالي ثلاثة عقود لكيلا تستنزف احتياطياتها بسرعة، والدليل أنها تسيطر على أكثر من 75% من إجمالي الاحتياطيات العالمية المثبتة لكنها في الوقت نفسه تنتج يوميا فقط 40% من الكميات المستهلكة عالميا بمعدل 85 مليون برميل· وفي إطار هذه الاستراتيجية تفرض دول ''أوبك'' قيودا على تطوير احتياطياتها وتدفع شركات النفط الدولية إلى الانتاج من أماكن أخرى ترتفع فيها نفقات العمل مثل الاسكا وبحر الشمال المعروف بطقسه السيئ، ولعل هذا ما جعل لجنة فيدرالية أميركية ترفع تقريرا إلى الكونجرس في وقت سابق هذا العام يصف ''أوبك'' بأنها منظمة يتعين وصف تصرفاتها بأنها غير قانونية لو أنها شركة مستقلة، وفشلت جهود رفع دعوى ضدها أمام القضاء الأميركي لأن ''الكارتل'' المكون لأوبك يتكون من 11 دولة مستقلة ذات سيادة· ويرى خبراء النفط والصناعة أن قوة ''أوبك'' ستصل إلى ذروتها بحلول عام 2010 عندما يصل إنتاج باقي مناطق العالم إلى ذروته وعندها سيكون على ''أوبك'' أن تستخدم احتياطياتها الضخمة لتلبية الجانب الاكبر من أي نمو في الطلب العالمي·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©