الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في لندن... حرب العصابات الجديدة!

20 أغسطس 2011 23:38
في الأحياء جنوب لندن تكثر العصابات والجماعات الإجرامية التي تعهد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، بالتصدي لها عقب أحداث الشغب الدامية ومظاهر العنف والنهب الأخيرة التي اجتاحت مدناً بريطانية على مدار أربعة أيام من السرقة والتخريب، تلك العصابات التي يصل عددها حسب المسؤولين الأمنيين إلى أكثر من 170 مجموعة موزعة في مختلف أنحاء بريطانيا. ويحمل السياسيون البريطانيون، وعلى رأسهم كاميرون، مسؤولية أحداث الفوضى التي هزت أحياء لندن مطلع الشهر الجاري إلى تفشي ثقافة العصابات في الشوارع وانجذاب أعداد متزايدة من المراهقين والشباب في المناطق الفقيرة والمحرومة إلى الجماعات الإجرامية. وكان كاميرون قد أبدى عقب الأحداث رغبة في انتهاج الحزم والصرامة في التعامل مع العصابات متعهداً "بشن حرب شاملة ومنسقة على العصابات والثقافة المنبثقة عنها". وأضاف رئيس الوزراء في معرض تعليقه على الأحداث: "إن الأمر هنا لا يتعلق بقضية ثانوية، إنه مرض إجرام خطير يكتسح شوارعنا منذ مدة، ولذا فإن سحق هذه العصابات واقتلاعها يشكل أولية وطنية". وفي هذا الصدد لجأ كاميرون في خطوة أثارت حفيظة المسؤولين الأمنيين البريطانيين إلى الاستعانة بمفوض الشرطة الأميركي السابق بيل براتون، المسؤول عن إخماد الجريمة في مدن نيويورك وبوسطن ولوس أنجلوس، لاتخاذ التدابير اللازمة لمحاربة العصابات في بريطانيا بمعية رجال الشرطة المحليين. ولكن في الوقت الذي يضع فيه كاميرون خططه الطموحة لمواجهة الجريمة والتصدي للعصابات التي يعتقد أنها مسؤولة عن الشغب في لندن، يحذر البعض الآخر من أن المسألة تتطلب أكثر من الحزم والتعامل القانوني، فلابد من اعتماد مقاربة متكاملة من عدة أوجه. وهذا الطرح يدعمه "نيك مايسون"، عضو إحدى المنظمات الأهلية العاملة في مجال توعية الشباب ومنع انضمامهم إلى العصابات حيث يقول: "إنه من السهل القيام بردود أفعال منفعلة وسريعة والتركيز في التصدي للعصابات على القانون، والحال أن هذا الأسلوب لن يقنع الشباب بعدم الانضمام إلى العصابات التي ما زالت تحظى بجاذبية لدى بعض الفئات"، مضيفاً أن "رئيس الوزراء يتحدث عن القدر صفر من التسامح إزاء رجال العصابات، وهو النهج الذي يتبناه مفوض الشرطة الأميركي الذي استقدم خصيصاً لإبراز قوة النظام، ولكن مثل هذه المقاربة ستكون مكلفة للغاية وتتطلب موارد كبيرة مقارنة بمشروعنا القائم على الوقاية والتواصل مع الناس لإقناعهم بأخطار العصابات". وفي الجانب الآخر أعلن "براتون" لدى قدومه إلى بريطانيا أنه يتعين على الشباب واليافعين الخوف من الشرطة والتوجس من العقاب باعتبارها أموراً رادعة تدفع الشباب للتفكير مليّاً قبل الإقدام على ممارسات مخالفة للقانون، موضحاً وجهة نظره قائلاً: "نحن نريد أن يخشى العناصر الإجرامية ويخافوا من الشرطة، ويتحسبوا لقدرتها على اعتقالهم ومحاكمتهم ثم إيداعهم السجن، ومن خلال تجربتي الشخصية عادة ما لا يخاف الشباب المنحرفون من الشرطة بل قد يتجرؤون عليها ويتحدون سلطتها في الشارع"! غير أن هذا التركيز على المواجهة المباشرة يقلق منظمات تعمل على خفض الجريمة بطرق أخرى مثل ناشط بإحدى هذه المنظمات يدعى "مايسون"، المذكو من قبل، الذي يعمل مع الشرطة وتتواصل منظمته مع طلاب المدارس بين سن 9 و12 عندما يكونون أكثر عرضة للانضمام إلى العصابات، وعلى مدى 18 شهراً الماضية تحدثت المنظمة مع أكثر من 3700 طفل في حوالي 55 مدرسة بجنوب لندن، وتعتزم توسيع برنامجها ليشمل مدارس أخرى في مناطق مختلفة من المدينة، ويوضح "مايسون" البرنامج والغاية منه قائلاً: "معروف أن الوقاية خير من العلاج وهي في حالتنا هذه أرخص بكثير، فعندما نتحدث إلى طالب مدرسة لتوعيته بأخطار الانضمام إلى العصابات لا تتعدى التكلفة جنيها إسترلينيّاً واحداً فيما يكلف الدولة اعتقال شاب وإيداعه السجن 150 ألف جنيه لسنة كاملة، أما إذا تعرض أحدهم للطعن فإن ذلك يكلف أيضاً النظام الصحي 150 ألف جنيه إسترليني، ولذا فمن المنطقي العمل على تفادي انضمام الشباب إلى العصابات قبل كل شيء". ويقوم الناشطون بالحديث إلى طلبة المدارس في جلسات خاصة يحضرها مهنيون من مختلف الميادين مثل الجراحين الذين يشرحون خطورة التعرض للاعتداء بالسلاح الأبيض وتداعيات الطعن، أو إطلاق النار، فضلاً عن الاستعانة بأفراد سابقين من العصابات والتأثير السيئ للسجن على حياتهم. وعن العنف الذي يستشري في المجتمع البريطاني يقول "كريستيان جاي"، مدير السياسة في مركز العدالة الاجتماعية في بريطانيا: "إن الكثير من تلك العصابات تأتي من المناطق الفقيرة التي ترتفع فيها معدلات البطالة ويقل فيها الأمل، كما أن أفراد العصابات نادراً ما يمتهنون عملاً وينحدرون في الغالب من عائلات مشتتة لا وجود فيها للأب ولا عناية من العائلة، ولذا يلجؤون إلى العصابات التي تمنح هؤلاء الأفراد قدراً من الاستقرار، ولا أعتقد أن المقاربة القانونية كافية لوحدها لمعالجة مشكلة العصابات، لأنه حتى في حال إلقاء القبض على أفرادها والزج بهم في السجن فإنهم يخرجون منه أشرس وأكثر خطورة وتأثيراً في أوساط الشباب". آيان إيفانز- لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©