الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منصور يـا الأبيض

منصور يـا الأبيض
2 ديسمبر 2018 00:48

بقلم : إسماعيل مطر

في آسيا 1996 كانت ألوان حلم اللقب الأول تغازل كل العيون، وتدق القلوب، وتداعب العقول..
كل الجماهير في البيوت والشوارع والملاعب كانت تعيش الأمل وبداخلها الكثير من الثقة والحماس في قدرات نجومنا الكبار..
أبرز نجوم هذا الجيل بقيادة عدنان الطلياني، ومحسن مصبح وزهير بخيت سطروا أروع لحظة في تاريخنا الكروي عندما قادوا المنتخب لنهائيات كأس العالم 1990 بإيطاليا..
ووصل الأبيض لنهائي آسيا باستاد مدينة زايد، لحظة تاريخية ما زالت أتذكر الكثير من تفاصيلها وأنا في الثالثة عشرة من العمر أتابع المباراة الأهل والإخوان وبداخلي حماس كبير..
وفي النهاية جاءت ركلات الترجيح أمام المنتخب السعودي الشقيق لتحرمنا من الحلم.

وبعد 22 عاماً يتجدد الأمل عندما تقام كأس أمم آسيا للإمارات..
ولكن هذه المرة لن أكون أمام شاشة التليفزيون، سأتواجد داخل الملعب مع جيل جديد مفعم بالأمل والطموح والتحدي لإعادة المحاولة وتحقيق حلم اللقب الآسيوي الأول لرسم الفرحة على وجوه جماهير انتظرت طويلاً وتستحق كل ماهو أجمل وأروع.
أعلم حجم المسؤولية الملقاة على من يحمل شعار «الأبيض»، ويمثل كرة الإمارات من أجل نيل لقب كأس آسيا 2019 بعد ما يزيد على الشهر بأيام قليلة، وأنا أقف على أعتاب هذه المحطة التاريخية لكرة الإمارات، أصبحت كل أحلامي الحالية مع زملائي اللاعبين تنحصر في رفع الكأس الغالية باستاد مدينة زايد الرياضية أيضاً، حيث كانت بداية الحلم الجميل، من أجل مستقبل أفضل لكرة الإمارات.
وما بين حلم لم يتحقق.. وأحلام جديدة توقفت كرة الإمارات في محطات تاريخية ستبقى في ذاكرة التاريخ، وشاهدت جيل 1990، عندما كنت طفلاً صغيراً، وحلمت أن أكون مثلهم، وأن أقود كرة الإمارات إلى كأس العالم مرة أخرى ونلعب أمام القوى الكروية الكبرى في العالم، وثقتي كبيرة في قدرة الأجيال القادمة على تحقيق حلم المونديال.
ومن أجمل اللحظات في مسيرتي الكروية تلك التي تسلمت فيها من يد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة جائزة أفضل لاعب في العالم خلال حفل ختام مونديال الشباب 2003 باستاد مدينة زايد، يوم لا ينسى في حياتي 19 ديسمبر 2003 ووقف ابن الإمارات بجوار الإسباني إندريس إنيسيتا والبرازيلي داني ألفيز على منصة التتويج ممثلاً للوطن بأكمله ليتسلم الجائزة، وكانت لحظة فارقة في حياتي، صنعت رجلاً يعرف قيمة الوطن.
ذلك اليوم كان تاريخ ميلادي الحقيقي، بلغت المجد على طريق رسمه قادتنا، ولكن النجاح يكون صعباً وقاسياً عندما تصل إلى القمة مبكراً، وتتحمل بعد ذلك عبء محاولة البقاء عليها، وهي مهمة بالطبع أصعب من الوصول.. لكن ابتسامة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وهو يسلمني جائزة الأفضل ظلت هي وقود العمل بحثاً عن الأفضل دائماً، ليس من أجل اسمي، ولكن من أجل اسم بلادي الغالية.
ويبقى حلم المشاركة في الألعاب الأولمبية يراود أكبر نجوم الكرة في العالم بنفس حماس المشاركة في كأس العالم، فالألعاب الأولمبية لها قيمة كبيرة وأهداف نبيلة ومنذ طفولتي وأنا أحلم بالمشاركة في أكبر حدث رياضي علي وجه الأرض وتحقق هذا الحلم في لندن 2012 ولعبت في أعرق ملاعب بريطانيا ستاد ويمبلي وأولد ترافورد وسجلت في مرمى أوروجواي والسنغال، وفي الحقيقة شعرت بالكثير من الفخر ونحن نشارك في هذا الحدث التاريخي مع جيل استثنائي في كرة الإمارات هو الجيل الذهبي الذي فاز بكأس أمم آسيا 2007 ونال فضية دورة الألعاب الآسيوية 2010 وتوج بلقب خليجي المنتخبات الأولمبية 2011 وتواصلت إنجازاته في خليجي 2013.
ولعبت مع جيل عبد الرحيم جمعة وسبيت خاطر وهلال سعيد وفهد مسعود وفيصل خليل ومحمد عمر وسالم خميس والمرحوم سالم سعد، وحققنا في 2007 أول لقب خليجي في تاريخنا الكروي على أرض الإمارات، وكم كانت لحظة رائعة وأنت ترى الفرحة في عيون الوطن كله وكلمات أغنية «منصور يا منتخبنا منصور» ترددها الجماهير في المدرجات والسيارات والشوارع.
وأصبحت قائداً لجيل علي خصيف وصنقور وهيكل والكمالي ومهند العنزي وفوزي والفردان ومبخوت وعمر عبدالرحمن وأحمد خليل، وحققنا لقب «خليجي 21» على أرض البحرين الشقيقة.
وبالتأكيد جاء إنجاز نادي العين بأول لقب لدوري أبطال آسيا في تاريخ كرة الإمارات عام 2003 ليشكل محطة مهمة في مسيرة طموح أنديتنا ومنحنا الكثير من الفخر والسعادة، وفتح الباب أمام محاولات أخرى توقفت عند المباراة النهائية.
الكرة ليست مجرد لعبة، هي حلم الشعوب، ومصدر سعادة الجماهير، ونحن نعلم ذلك جيداً، وإن كنت لم أحقق حلم اللعب في كأس العالم لاعباً، فإنني أنتظر اليوم الذي أحقق فيه هذا الأمل مدرباً أو إدارياً مع منتخبنا الوطني، وأنا أؤمن بأن الكفاح طريق مؤكد للنجاح، وأن وطننا يستحق منا أن نبقى نحلم له بالأفضل، لأن الأحلام لا تموت، فقد تأتي الأحلام وتذهب، لكن لا يجب أبداً أن نودعها.
بالعزيمة، وتكاتف الجميع، والثقة في قدراتنا، ومع امتلاء المدرجات بالجماهير العاشقة، والوقوف خلفنا بأصوات مخلصة، لن يكون لقب كأس آسيا أصعب من أحلام أخرى تحققت، ولن يكون الصعود إلى كأس العالم أصعب من الصعود إلى الفضاء.
أن تنتمي إلى الإمارات، فذلك مصدر سعادة كبيرة وفخر لا يساويه آخر.
أن تولد وتكبر أحلامك وطموحاتك في أرض رواها زايد بفكره الذي سبق الجميع، فذلك سبب كافٍ للعمل.
أن ترى ما فعله الأجداد من أجل أن تنعم وتسعد بكل ما حولك، فذلك أمر يدعو للمزيد من العطاء لنقدم للوطن بعض مما يستحقه.
أن تحمل طموح جيل كامل من أبناء هذا الوطن، فذلك شرف كبير ومسؤولية أسعى أن أكون على قدرها.
أن ترى أحلام الصاعدين تنمو وتكبر أمامك، فذلك مصدر ثقة في أن المستقبل سيكون لنا، وهذا ما أعلمه لأبنائي من أجل مجد وعز الإمارات.
كرة الإمارات تعني مستقبل مشرق، وحاضر واعد، وماضٍ نفخر به
ودائما منصور يـ «الأبيض» منصور.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©