الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسواق دمشق تصدح بأغاني أم كلثوم والزينة شعار بيوت الحجاج

أسواق دمشق تصدح بأغاني أم كلثوم والزينة شعار بيوت الحجاج
16 نوفمبر 2010 20:09
أعياد في عيد واحد، فالأسرة السورية تعيشه ضمن أجواء العائلة الأكبر، حيث اعتاد السوريون، ومن بينهم أهل دمشق أن يعيشوا أيام العيد بالتواصل والزيارات الجماعية. وهو عيد الحج لأن أهالي المدن والقرى يعيشون بمشاعرهم وقلوبهم مناسك الحج كاملة، حيث تتردد تلبيات الحجيج في مكة المكرمة في كل الشوارع والبيوت، وعبر النقل المباشر بالفضائيات، فلا تسمع في دمشق أو حلب أو حمص وسواها من المدن السورية إلا “لبيك اللهم لبيك” وتكبيرات العيد حتى قبل أن يبدأ. وعيد الأضحى المبارك هو أيضاً عيد الأطفال وعيد الأسواق معاً. تتزين دمشق وباقي المدن السورية بأحلى الزينات التقليدية قبيل العيد، وتفتح الأسواق أبوابها ليلاً نهاراً، وتشع منها أضواء الزينات، فكأن النوم ألغي من قاموس الناس، فسوق الحميدية وأسواق الحلويات في حي الميدان أو ساحة الشهداء أو الأسواق الأخرى كالشيخ محيي الدين والمهاجرين والشاغور والمزة تصدح بأغنيات أم كلثوم القديمة وسط حركة الناس وازدحامهم أمام باعة الحلويات والأطعمة. الحصار والاحتلال من مظاهر العيد المستجدة ما يرتبط بالتطورات والأحداث الراهنة، فحصار غزة وأهلها، لا يزال غصة في حلوق السوريين والفلسطينيين المقيمين في سوريا، لذا يعبر خطباء العيد والمصلون على أن العيد لا يكتمل إلا برفع الحصار وإزالة الاحتلال. أما على الخط الفاصل بين الوطن الأم سوريا، وبين الجزء المحتل من الجولان، فيجتمع هناك مئات السوريين على الجانب المحرر والآخر المحتل، لكي يتبادلوا التهاني بالعيد عبر مكبرات الصوت، ويعبروا عن قرب عودة الجولان إلى الوطن الأم. وفي الشمال السوري استجدت ظاهرة فرح جديدة منذ عدة سنوات، إذ أنه نتيجة لعلاقات الأخوة والصداقة المتطورة بين سوريا وتركيا، ينظم في كل عيد عبور آلاف الأسر السورية والتركية لزيارة الأقارب في البلد الآخر، ما يضيف للعيد بعداً جميلاً. ولا يختلف الأمر في الأسواق التجارية التي تبيع الملابس والأحذية والحقائب، بل إن عدوى الزينة والفرح انتقلت إلى المجمعات التجارية الحديثة التي تكاثرت خلال السنوات الماضية في دمشق، فهذه المجمعات تصل الليل بالنهار، وبعضها يعلن عن تخفيضات في الأسعار وهدايا إضافية بمناسبة العيد. وهكذا ترى جموع الأسر وبينها أطفال صغار في الأسواق التجارية والمجمعات الكبرى وجميعهم يبتسمون بفرح. وليس شراء الملابس الجديدة هو سر فرح الأطفال، فهؤلاء يشترون الملابس دائماً، لكن شرائها في موسم العيد له نكهة خاصة، لأنه يجري ضمن طقوس احتفالية يحس بها الطفل. عن سر الفرح الذي يعبّر عنه وجهها وابتسامتها، تقول منى (23 سنة) “لماذا لا أفرح، هذا عيد كبير، يحتفل به أجدادنا منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وآباؤنا يحتفلون به في أجواء إيمانية لأنه يرتبط بالحج إلى مكة المكرمة وزيارة مقام الرسول الكريم في المدينة المنورة”. عيد للفرح وحول الزينة التي اكتسى بها محل التاجر أبو ياسين، يقول “هذا الأمر ليس جديداً علينا، فقد كانت دمشق منطلق قوافل الحج، وكان المسلمون من تركيا وآسيا يتجمعون فيها، وينطلقون منها إلى الحجاز في احتفالات كبرى تبدأ من محلة السنجقدار (قرب الحميدية)، وتمر من حي الميدان حتى تصل إلى القدم، والناس يرافقونها ويتمنون لها السلامة والعودة والحج المبرور، ولهذا كانت دمشق تقيم الزينات ترحيباً بقوافل الحجاج المتجهة إلى مكة المكرمة، وتستمر هذه الزينات حتى عودتهم. وأصبح ذلك تقليداً جميلاً مازلنا نتبعه ونحرص عليه، فهل هناك ما هو أجمل من أن تتزين دمشق وأن تشع بالأنوار، وأن تظل المآذن منارة بالأضواء طوال الليل”. ويقول عبد القادر مصطفى (28 سنة) “لقد شرع لنا ديننا الحنيف عيدي الفطر والأضحى، ويجب أن نفرح بهما ومن خلالهما، ونحن مقصرون في أن نفرح كما يجب!” ثم يضيف “صحيح أن هناك في حياتنا العربية ما ينغص فرحنا، لكن ذلك يجب ألا يمنعنا أبداً من الفرح”. طقوس العيد لا يبدأ العيد إلا بصلاة العيد التي غالباً ما يصطحب فيها الكبار بعض أطفال الأسرة، وتكبيرات وتهليلات المسجد التي تسبق الصلاة وتعقبها تبث كماً هائلاً من الطمأنينة والفرح في النفوس، وبعد أن يتبادل المصلون التهاني بالعيد يتوجهون إلى المقابر، حيث يشتري كل واحد باقة من نبات “الآس” ويضعها على شاهد قبر قريبه، وبعد قراءة الفاتحة عن أرواح المرحومين يؤوب المصلون إلى منازلهم، ويتجمع الأبناء وزوجاتهم وأطفالهم عند كبير العائلة، ويتناولون طعام الإفطار، ومن ثم ينطلق الأطفال إلى ساحات العيد، بعد أن يقبضوا العيديات من الآباء والأقرباء، حيث تقام مدن صغيرة للألعاب والمراجيح والقلابات في كل حي من أحياء المدينة. وبعد انقضاء اليوم الأول من أيام العيد بالتقاء أسر العائلة الواحدة، تبدأ في اليوم الثاني زيارات الأقارب الأبعد والمعارف والأصهار والجيران. ويشهد اليوم الأول من العيد نحر الذبائح التي يوزع القسم الأكبر منها على الجيران والمحتاجين. ويستعد ذوي الحجاج لاستقبالهم، حيث تقام الزينات أمام منزل الحاج العائد والمكونة من أغصان الشجر والأضواء الكهربائية والسجاد، ولدى وصول الحاج يستقبل بالعراضة الشامية التي تطوف به من مدخل الحارة إلى مسكنه، ويتخلل ذلك مبارزات بالسيوف، وعزف للمزمار الشعبي وقرع للطبول. كما تذبح الخراف وتوزع لحومها على الجيران، ويعود الحاج بكمية من مياه زمزم وبالتمور لتوزع على المهنئين حيث يعتبر أداء فريضة الحج من الأسباب الداعية للاحتفال.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©