الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نبي الرحمة أنموذج خالد للحياة الإنسانية الراقية بسيرته وصدق إيمانه

نبي الرحمة أنموذج خالد للحياة الإنسانية الراقية بسيرته وصدق إيمانه
20 أغسطس 2011 22:22
لا يختلف المسلمون على قدر الرسول صلى الله عليه وسلم وعظمته التي ترجع إلى أن شخصية الرسول هي قمة الشخصية الإنسانية الفذة من جهة الأصلاب كإبراهيم وإسماعيل. يقول عز وجل (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) «الشعراء، 219». وهاته الجهة تمثل الجانب الأصلي الذي له أثره في بناء مستوى الإنسانية. ومن جهة العناية الربانية في التربية المعيشية فهو الذي أدبه الله وأحسن تأديبه. إذن الرسول صلى الله عليه وسلم صناعة ربانية كاملة متكاملة بمنهج واقعي فريد رغم أنه عاش يتيماً وتعاطف معه عمه وجده على كل المستويات المادية والعاطفية فإن الله أراد له النضج قبل الأوان حتى في صغره، فأحب الله له أن يتجاوز كل الأحداث التي مرّ بها في مختلف مراحله، بتفاعل عظيم ولهذا كان الإنسان الشخص الوحيد القادر على تحرير الإنسان من كل الأهواء والنزوات على كل الصعد. ذلكم رسول الله صاحب المقام المحمود، صاحب العزة والكرامة، كان خير الأطفال في طفولته، كان خير الشباب في شبابه، كان خير الرجال في كبره، كان خير الناس في كهولته. وهنا أجد من المهم سوق بعض الشهادات من غير المسلمين في رسول الإنسانية. الأمانة والصدق يقول المستشرق الفرنسي أميل ردمنغم: «كان محمد صلى الله عليه وسلم أنموذج للحياة الإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة، بل مثالاً كاملاً للأمانة والاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سمو ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته» إنه أدهش العقول، وأيقظ النفوس وأحيا الإنسانية على أكمل وجه في كل شؤون الحياة. إن عظمة الرسول ممتدة وخالدة إلى يوم القيامة ويظهر ذلك في تعامله الإنساني مع الأطفال، فقد كان صلى الله عليه وسلم يحمل الأولاد على صدره، ويداعبهم ويقبلهم، وكان إذا سمع بكاء أحد منهم وهو يصلي أسرع في الصلاة، وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أيضا قَالَ: قبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الاََقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا فَقَالَ الاََقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ» (البخاري)، وليس هذا مقتصرا على أطفال المسلمين بل ثبت أنه لما علم أن بعض أولاد غير المسلمين قتلوا في أحد المعارك حزن حزناً شديداً. العلاقات الزوجية ونجد العظمة ذاتها حاضرة في العلاقات الزوجية، فقد كان عليه الصلاة والسلام مثالاً حياً وفياً أنموذجا فريداً للزوج، قال - صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لاََهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» (الترمذي)، إنها إنسانية الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين. فقد كان عظيماً في الرأفة مع عائلته وأهله وزوجاته، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان يقول لعائشة: (يا عائش)، (يا حميراء) (يا ابنة الصديق) لقيمة أبي بكر ومكانته في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يتكئ في حَجْرِها، ويقرأ القرآن ورأسه في حَجرِها، وربما كانت حائضاً. فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا، فيتلو القرآن وهي حائض» (صحيح ابن حبان). ومن دلائل عظمته مع الأهل وقوة الحب والاحترام والمودة والتقدير لخديجة رضي الله عنها، أنه كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها). فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلاَئِلِهَا» (مسلم). وتعجز الكلمات عن توصيف ذلك ولنا أن نتخيل حرص الرسول على التنزه مع الزوجة ليلاً، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أظلم الليل سار مع عائشة يتحدث. عظمة الخلق ناهيكم عن عظمة التعامل مع الخدم فعن أنس رضي الله عنه في الحديث الذي رواه الشيخان قال: «خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا». وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئاً قط»، (أحمد). وعليه لا مفر إذا ما أردنا أن نرتقي بإنساننا وإنسانيتنا من الاغتراف بمعين رسول الإنسان، وقال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) «الأنفال، 24». إنها عظمة جليلة القدر عظيمة الشأن، فقد كان يحترم العمال، ويعاملهم معاملة طيبه، فكان يأكل مع الخدم ويوصي بهم خيراً وقال لأبي ذر: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ» (البخاري). ولهذا انسجم الرسول مع الناس والكون والحجر والشجر فأحبته الرمال والأشجار والسحاب، قال صلى الله عليه وسلم عن جبل أحد: «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» (البخاري) ولم لا وقد أوصى بالرفق حتى مع الحيوان، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أن امرأة «دَخَلَت النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الاَرْضِ» (مسلم). وعندما نتحدث عن الرسول أو أثره في الإنسانية والرقي بالإنسان فإنما نعني المبادئ التي أتى بها الرسول باعتباره مجسدا لتلكم المبادئ برعاية الله، وهي التي بقيت وستبقى خالدة لشمولها على كل مستويات الذاتية والموضوعية والخارجية لحياة الإنسان وعلاقته مع الله. د. محمد قراط
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©