الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مزار ياسوكوني... قراءات متباينة للتاريخ

16 أغسطس 2013 22:18
جيفري كينجستون مدير الدراسات الآسيوية في جامعة تيمبل اليابانية في مثل هذا الوقت من كل عام، أي قبل الذكرى السنوية ليوم 15 أغسطس التي وافقت استسلام اليابان عام 1945، تظهر تكهنات بشأن إذا ما كان كبار الساسة اليابانيون سيزورون ضريح ياسوكوني في وسط طوكيو. الصينيون والكوريون الجنوبيون-ناهيك عن الكثير من اليابانيين- يمقتون مثل هذه الزيارات لأن الضريح يحتفي بـ 14 من مجرمي الحرب من الطبقة الأولى. ويقول الزوار إن لهم كل الحق في تكريم 2.5 مليون من قتلى الحروب اليابانية الآخرين الذين يتم الاحتفاء بهم في ضريح ياسوكوني الذي يقارنونه بمقبرة المحاربين الأميركيين في أرلنجتون. وأثناء الحرب العالمية الثانية، كان المزار «مقر قيادة» دولة «الشينتو»، وهو دين أضفى صفات الألوهية على الإمبراطور وحشد الرعايا اليابانيين لخوض حرب مقدسة بناء على أوامره. ولم تضف المؤسسة الخاصة التي تدير «ياسوكوني» القتلى الأكثر إثارة للخلاف إلا عام 1978، وخلسةً. وتظهر الوظيفة السياسية للمزار بشكل صارخ في متحف «يوشوكان» المجاور الذي تديره نفس المؤسسة. وهناك يُصور مجرمو الحرب من الطبقة الأولى على أنهم شهداء. وتُعرض حرب اليابان في الصين على أنها استهدفت كبح عمل العصابات والإرهاب بينما صُور غزوها لباقي آسيا على أنه حرب للتحرير من الاستعمار الغربي. ويغيب عن المعروضات الكثيرة أي ذكر للاغتصاب في «نانجينج» والتجارب البشعة التي أجرتها الوحدة 731 على أسرى الحرب أو المعاناة التي تعرض لها عشرات الآلاف من «نساء المتعة». ويقدم المتحف تفسيراً انتقائياً وخبيثاً لتاريخ اليابان المشترك مع آسيا- تاريخ يناقض المصالحة ويقنع قلة من اليابانيين ويجرح مشاعر دول مجاورة عانت من وطأة العدوان الامبراطوري الياباني. ولا يقول السياسيون عندما يزورن «ياسوكوني» الحقيقة ويصرون على أنهم يؤبنون فحسب الذين ماتوا في سبيل بلادهم. فإذا كان هذا ما يريدون القيام به، فيمكنهم السير لمدة خمس دقائق إلى مقبرة تشيدوريجافوتشي الوطنية وهي مثل أرلنجتون، مقبرة اليابان الرسمية لقتلى الحرب. ومما له دلالة أن الإمبراطور شوا (هيروهيتو) الذي كان كبير كهنة ديانة «شينتو» ذات يوم، صارح أحد معاونيه أنه توقف عن زيارة ياسوكوني بعد عام 1978 تحديداً لأن المزار دنسه وجود مجرمي الحرب من الطبقة الأولى. هذا التسيس الصريح للموقع يشرح سبب أن ابنه، الإمبراطور الحالي أكيهيتو، أبقى على حظر زيارة الأسرة الامبراطورية للمزار. ويشار إلى أن رئيس الوزراء شينزو آبي رفض تأكيد عدم زيارته لمزار «ياسوكوني» هذا الأسبوع. واستخدم أحد معاوني «آبي» هذا العذر الملائم ليوحي بأن زيارة المزار غير محتملة بشكل كبير: مثل هذه اللمحة ستكون إهانة متعمدة للأسرة الامبراطورية. يعلم «آبي» بالطبع في المقام الأول أن تخصيص زيارات لـ«ياسوكوني» مأزق دبلوماسي. وتسبب رئيس الوزراء السابق جونيشيرو كويزومي في الأضرار كثيرا بالمصالح الإقليمية لليابان بالذهاب مراراً إلى هذا المزار بين عامي 2001 و2006. وفي محاولة لإصلاح العلاقات مع بكين وسيئول نأى «آبي» بنفسه عن المزار أثناء أول فترة له كرئيس للوزراء بين عامي 2006 و2007. وقال إنه يندم على القرار لكنه يعلم أيضاً أن تركته ستقررها قدرته على إنعاش الاقتصاد الياباني الراكد- وهي مهمة لن تكون سهلة بإقصاء الشركاء التجاريين، مثل الصين وكوريا الجنوبية. لكن هذه الاستراتيجية المرتجلة لا تؤدي إلا إلى استمرار الجدل. هل سيظهر أعضاء من حكومة «آبي» وحزبه في «ياسوكوني» يوم الخامس عشر؟ هل سيذهب «آبي» نفسه أثناء مهرجان الخريف «تاكاياما ماتسوري» أو العام المقبل؟ ماذا يحدث لو أن عدداً كبيراً من نواب الحزب «الليبرالي الديمقراطي» غير الأعضاء في الحكومة ذهبوا إلى زيارة الضريح في جماعات؟ سيكون الضرر الذي يطال سمعة ومكانة اليابان الإقليمية بنفس حجم الجماعات التي ستقوم بالزيارة. هناك اقتراحات معقولة لنزع القدسية عن مجرمي الحرب الأربعة عشر من الطبقة الأولى. لكن كبير كهنة «ياسوكوني» يقول: «هذا مستحيل، فالقدسية دائمة. وإيواء هذه الأرواح، في الحقيقة، موضع فخر للضريح». ولا يتعلق «ياسوكوني» بالتكريم المهيب، لكنه يتعلق بتسجيل نقاط سياسية ولفت الانتباه إلى تاريخ معدل. الشيء الوحيد الذي يندم عليه الرجعيون في اليابان الحديثة في الحرب هو الهزيمة، ومازالوا يخوضون حرباً ضروساً ضد الرأي العام الياباني لتبرير «الرسالة النبيلة» لليابان وقت الحرب. الطريقة الوحيدة لإنهاء الخلاف تكمن في وقف زيارات أي رئيس وزراء في الخدمة لمزار «ياسوكوني». ظهرت هذه الفكرة أولا قبل بضع سنوات حين طرحها السفير «كازوهيكو» توجو الذي جده أحد مجرمي الحرب من الطبقة الأولى في الضريح. يتعين على المسؤولين أن يؤبنوا قتلى الحرب اليابانيين في المقبرة الرسمية في تشيدوريجافوتشي، وليس في مركز دعاية تديره جهة خاصة. الآراء اليمينية لـ«آبي» في التاريخ معروفة، ولعبت دوراً في سقوطه المفاجئ والمخجل عام 2007. ويقول مقربون منه أنه يسعى للتكفير عن ذنبه. فما عساه أن يكون أفضل من إنهاء الجدل بشأن «ياسوكوني» للأبد؟ وأي وقف يعلنه يكتسب قوة مضافة بسبب انتمائه للمعسكر المحافظ، مما يجعل من الصعب على أي رئيس وزراء في المستقبل الانقلاب على القرار. إذا كان «آبي» يبتغي حقا بداية جديدة لنفسه ولعلاقات اليابان مع جيرانها، فمن هذه النقطة عليه أن يبدأ. ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©