الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متى تهاجِم روسيا؟

16 أغسطس 2015 22:28
ما الذي كانت ترمي إليه روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عند إجراء مناورتين عسكريتين واسعتي النطاق خلال الأشهر الأخيرة الماضية؟ يتجاهل تقرير صدر يوم الأربعاء الماضي التفسيرات الرسمية ويخلص، بناءً على مكان ووقائع المناورتين، إلى أن كلاً منهما تستعد لغزو من الطرف الآخر. ولا ينبغي أن يكون ذلك مقلقاً للغاية: فإجراء تدريبات من أجل الطوارئ لا يعني أنها إما مخطط لها أو لا مفر منها. ورغم ذلك يبقى خطر التصعيد كاحتمال واقعي وحقيقي. والمناورة التي أجرتها روسيا في شهر مارس الماضي، وتتضمن 80000 جندي و65 سفينة و220 طائرة، كانت تمثل رداً على ما تعتقد أنه هجوم محتمل من «الناتو»، من القطب الشمالي إلى المحيط الهادئ، وبينهما القرم، والجيب المكشوف من كالينيجراد، وحدود روسيا مع لاتفيا وإستونيا. أما عملية «درع الحلفاء» التي أجراها «الناتو» في شهر يونيو، فكانت أصغر بكثير، حيث ضمت 15000 فرد، وتدربت على تحريك القوات والمعدات بسرعة تجاه الشرق لمواجهة أي هجوم، على شاكلة الهجوم على القرم، أو على دول بحر البلطيق وبولندا. وقد أصدر مركز أبحاث «شبكة القيادة الأوروبية» تقريراً، متضمناً سلسلة من الشرائح لكل مناورة، ويوضح كيفية تقدم كل منهما. وربما تكون كلتا المناورتين ذات طبيعة دفاعية. بيد أن «الناتو» قد يفترض بصورة منطقية أن روسيا استشعرت حاجتها إلى التدريب على نزاع محتمل على وجه التحديد لأنها كانت تفكر في الهجوم على أستونيا، والذي قد يؤدي إلى رد عسكري. وفي نفس الوقت، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخشى من حدوث ثورة شعبية، على غرار الثورة الأوكرانية، في روسيا. وربما يرى أن الاضطرابات الشعبية كسلاح يستخدم بمهارة من قبل الولايات المتحدة ضد روسيا، وأنه دليل على تدخل «الناتو» وبغض النظر عن مدى صحة ذلك الاعتقاد من عدمه، فإن الهجوم والدفاع مسألة نابعة من الإدراك الذاتي، كما كتب «نيكيتا خوتشوف» لجون كينيدي في خطاب أرسله إليه في أكتوبر 1962، لينهي أزمة الصواريخ الكوبية: «لقد قدمنا وسائل دفاعية لكوبا، والتي تصفها أنت بأنها وسائل هجومية». وتوصي شبكة القيادة الأوروبية بخلق قنوات اتصال أكثر وضوحاً على الجانبين، وتقليص التدريبات والحد من المخاطر. و«المشكلة تتمثل في الديناميكية التي تخلقها تلك التدريبات، فكلما تفعله يكون له رد فعل»، بحسب ما ذكر مدير الشبكة «إيان كيرنز». والأكثر طموحاً، أن التقرير يقول إنه يتعين على «الناتو» وروسيا البدء في محاولة تمهيد الطريق لاتفاق جديد على غرار ذلك الذي قلّص القوات التقليدية عام 1990، مع ضمان وجود إطار للتحقق لدى كلا الجانبين. وربما يكون هذا غير قابل للتحقيق. فمعاهدة القوات التقليدية الأوروبية كانت مشوشة بما فيه الكفاية. ودخلت هذه المعاهدة، التي تم التفاوض بشأنها في نهاية الحرب الباردة، حيز التنفيذ فقط بعد أن اختفى حلف «وارسو». وفي شهر أبريل، انهارت المعاهدة، مع قيام روسيا بسحب آخر أثر لها. وكان السبب في فشل المعاهدة أنه لم يكن هناك تفاهم مشترك في عالم ما بعد الحرب الباردة على موقع الخط الأمامي بين «الناتو» وروسيا، وبالتالي متى يكون تصرف معين من القوات والدبابات تصرفاً هجومياً أو دفاعياً. وفي الوقت الحالي تشكل الدول السوفييتية السابقة منطقة رمادية بين روسيا و«الناتو»، ما يجعل من المستحيل عملياً الموافقة على المكان الذي يسمح فيه بوجود أسلحة. هذا هو المصير المنكوب لمحاولة إعادة تكوين معاهدة القوات التقليدية عام 1999. فلم يصدق «الناتو» على الوثيقة الجديدة، لأنه كان يريد من روسيا أن تقوم أولاً بتحريك القوات المتمركزة من الأراضي التي ساعدت الانفصاليين الموالين لروسيا على اجتزائها من مولدوفا وجورجيا، الدولتان المجاورتان اللتان تتمتعان بالسيادة. وفيما يتعلق بروسيا، فإن لديها الحق في الإبقاء على القوات حيث كانت، لأن القيادة المحلية تريدها لأغراض دفاعية. ويرى «الناتو» القوات الروسية باعتبارها قوة عدوانية وغير شرعية، تستخدم لزعزعة استقرار مولدوفا وجورجيا. ولم تكن هناك وسيلة للتوفيق بين الموقفين. وأي محاولة للتفاوض بشأن معاهدة جديدة بشأن تنظيم القوات ستصادف المزيد من المتاعب اليوم. إن روسيا الآن تحتفظ بعشرات الآلاف من القوات في القرم، وتزعم حقها في محطة للأسلحة النووية هناك. ومن الصعب معرفة كيف سيقبل «الناتو» أياً من هذه الاحتمالات. إذا ما كنا نشهد بداية لحرب باردة جديدة، فإنها ستكون مختلفة عن سابقتها. مارك تشامبيون* *محرر في «بلومبيرج فيو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©