الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل يستعد ترامب للمواجهة مع إيران؟

6 فبراير 2017 22:09
في يوم الأربعاء الماضي، أصدر البيت الأبيض بياناً لمستشار الأمن القومي مايكل فلاين ينتقد فيه اختبار إيران في الآونة الأخيرة لصواريخ بالستية، وشنها أيضاً عدداً من الهجمات في الأشهر القليلة الماضية من خلال الميليشيات الحوثية، المدعومة من طرف إيران، ضد السفن الأميركية والسعودية والإماراتية قبالة سواحل اليمن. ثم انتقد البيان صفقة إيران النووية وإدارة أوباما، قبل أن يختتم بالقول: «إننا نحذر إيران رسمياً». وهذه هي أول جولة ذات مغزى لإدارة ترامب منذ توليها السلطة في ما يتعلق بطريقة التعامل مع إيران. ويبدو أن الإدارة الجديدة عازمة، في هذه المرحلة على الأقل، على الانسحاب من الاتفاق النووي. واليكم أولًا الجانب الجيد في هذا التحول الملحوظ في الموقف. فعناصر البيان الرسمي التي تشير إلى سلوك إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط في محلها. والواقع أن إدارة باراك أوباما السابقة كانت قلقة أيضاً من إطلاق صواريخ قبالة سواحل اليمن، وهذا هو السبب الذي جعلها تضرب مواقع الرادارات التابعة للحوثيين في أكتوبر الماضي وجعلها أيضاً تقوم، على مدار العام الماضي، بعدد من عمليات الاعتراض لشحنات الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى الحوثيين. وعلاوة على هذا، لجأت إدارة أوباما، على مدار السنوات الخمس الماضية، إلى سلسلة من الإجراءات العقابية لاستهداف الحوثيين في اليمن بسبب أنشطتهم المزعزعة والمهددة للاستقرار، بالإضافة أيضاً إلى فرض عقوبات شديدة على برنامج إيران للصواريخ البالستية، وضد دعمها للإرهاب والعنف في المنطقة. ولكن مفهوماً ارتسم في العقول في أنحاء الشرق الأوسط مفاده أن إدارة أوباما تغاضت عن بعض هذه الأفعال المثيرة للجدل والمزعزعة للاستقرار، بسبب إعطائها الأولوية للاتفاق النووي. ولذا فعندما أتى الفريق الجديد وأشار إلى أن مواجهة تحركات إيران المثيرة للقلق تمثل أولوية، فهذا يطمئن بعض شركائنا في الخليج والمنطقة، ويرسل أيضاً رسالة لا لبس فيها إلى القيادة الإيرانية. ولكن هنالك من قد يرى أيضاً أنه يتعين على فريق ترامب توخي الحذر. صحيح أن لطمأنة الشركاء أهمية وقيمة كبيرتين، ولكن يتعين موازنة هذه الأهمية والقيمة مقابل مخاطر الانزلاق في مستنقع. وإذا هددت الولايات المتحدة باتخاذ إجراء مباشر ضد إيران، فقد يقود هذا على طريق تصعيد غير مقصود. ومن الأفضل ربط أي تهديدات بشحن إيران الأسلحة للحوثيين، وهو عمل تستطيع الحكومة الإيرانية الالتزام به إذا توقفت عن دعم ميليشيات الحوثيين، ويمثل دعمها لهم انتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع اليمني. وقد دعت إدارة ترامب أيضاً إلى جلسة تشاور في مجلس الأمن الدولي لمناقشة اختبارات إيران لصواريخ بالستية، وإلقاء الضوء عليها وبيان مدى انتهاكها للقرارات الدولية. وهذه أيضاً خطوة معقولة مطمئنة، لأن فريق ترامب، على رغم استخفافه بالمؤسسات متعددة الأطراف، فإنه في هذه الحالة يدرك في ما يبدو قيمة عقد مثل هذه الجلسة واستخدامها لعزل إيران سياسياً بسبب اختبار صاروخي استفزازي أجرته مؤخراً. كما أنها خطوة جيدة أيضاً لدعم جهود مكافحة انتشار الأسلحة. وللأمم المتحدة قدرات خاصة بها لحشد دعم الدول الأعضاء لتحديد واستهداف مفاصل شبكة الانتشار النووي والأسلحة الإيرانية بما في ذلك فرض عقوبات. ولكن مسألة ما إذا كان اختبار الصواريخ يعد انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 وهو القرار الذي يعترف بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة»، أي الاتفاق النووي مع إيران، ما زال أمراً متروكاً للتفسيرات. والبت في هذا يرجع إلى هيئة الخبراء التي تراقب تطبيق قرارات مجلس الأمن ضد إيران. ولم يستطع هؤلاء الخبراء التوصل إلى اتفاق في الآراء بشأن ما إذا كان إجراء اختبارات مشابهة في العام الماضي يمثل انتهاكاً، واقتصر وصفهم على أن هذه الاختبارات غير متسقة مع روح القرار. ولذا فربما كان من غير الملائم، من وجهة نظر البعض، أن تسارع إدارة ترامب بوصف الاختبارات بأنها انتهاك، مما قد يضعها في خلاف في الرأي مع الأوروبيين والروس. ولعل أكبر مشكلة في البيان، من وجهة نظر المنتقدين، هي أن «فلاين» استخدمه لينتقد الاتفاق النووي ويصفه بأنه «ضعيف وغير فعال». ثم عزز ترامب هذا الموقف بأن كتب تغريدة بعد ذلك قال فيها إن «إيران كانت تقف على حواف أقدامها وتوشك على الانهيار» قبل الاتفاق النووي، قائلاً إن إيران حصلت على 150 مليار دولار كجزء من الصفقة، وهو رقم كُشف مراراً أنه غير دقيق. ويقول منتقدون لموقف ترامب إنه ليس هناك في الخطوات التي اتخذتها إيران في الأيام القليلة الماضية ما ينتهك الاتفاق النووي. والأهم من هذا أن الموقف برمته سيكون أسوأ بكثير لو كانت إيران أقرب لامتلاك أسلحة نووية، وهو ما كان وارداً لولا الاتفاق النووي. ومن وجهة النظر هذه فإيران لم تكن على وشك الانهيار عام 2013 حين بدأت المفاوضات النووية جدياً، وإنما كانت على بعد أسابيع فقط من امتلاك القدرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب الصالح لإنتاج الأسلحة النووية. وبالنسبة إلى القول المتعلق بالمبلغ 150 مليار دولار، لا أحد يعرف المبلغ تحديداً، ولكن معظم الخبراء ذكروا أن الأموال التي استطاعت إيران الحصول عليها في أعقاب الاتفاق كانت أقل بكثير من 150 مليار دولار، وهذه الأموال لم تكن محض منحة بل هي أموال لإيران لم يكن في مقدورها استعادتها بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما. والأصل هنا أن اختبار الصواريخ البالستية متوسطة المدى يمثل مشكلة، ولكنها ليست بالدرجة ذاتها مع امتلاك سلاح نووي، وهو الأمر الذي منعه الاتفاق حتى الآن. ولذا فربما لم يكن انتقاد الاتفاق هو الأَولى، حتى لو أرادت إدارة ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، أو استفزاز الإيرانيين كي ينسحبوا منه. ولو كانت إدارة ترامب تريد حشد دعم دولي وممارسة المزيد من الضغوط على إيران، كان يجب أن يؤكد البيان التعهد الأميركي بالتمسك بالتزامات الاتفاق النووي نصاً وروحاً، مع دعوة إيران إلى فعل الشيء نفسه. ولكن انتقاد الاتفاق قد يعزل الولايات المتحدة عن باقي مجموعة الستة التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، وهذا قد لا يكثف الضغط على إيران، أو لا يحشد الدعم ضدها إلا قليلاً. وأخيراً، جاءت أهم أجزاء البيان من الناحية الإخبارية في نهايته حين أعلنت الإدارة تحذيرها لإيران. ففي جانب، قد يكون هذا إجراءً تكتيكياً فعالًا. وهذا لأن ترامب قد يُنظر إليه باعتباره شخصاً خطيراً، وغير متوقَّع الأفعال. وصدور بيان شديد اللهجة لا يُلزم الإدارة بعمل معين قد يكون أداة ردع مفيدة. والإيرانيون لا يريدون مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وترامب يستطيع نظرياً استخدام سمعته باعتباره شخصاً مندفعاً ليردع إيران ويجبرها على تقليص بعض سلوكها المثير للقلاقل في الشرق الأوسط. ولكن من سوء الحظ، فقد لا يكون هناك كثير مما يشير إلى أن ترامب وفريقه لديهم من الحنكة ما يمكّنهم من استغلال هذه البادرة وغيرها، مما يشير إلى تهور ترامب واندفاعه. ولم يتضح بعد ما إذا كانت لديهم خطة تالية جيدة التدبير، أو أنهم يسيرون في عملية تشارك فيها عدة وكالات للتوصل لأفضل الخيارات مثل فرض عقوبات جديدة أكثر جرأة من عمليات اعتراض الأسلحة، أو توجيه ضربات إذا ردَّت إيران بعملية تصعيدية. وهناك تنافر بين تقارير تشير إلى أن وزير الدفاع جيمس ماتيس اضطر في أثناء رحلته إلى آسيا إلى أن يقنع «فلاين» بأن يخفف من حدة لهجة البيان، وأن القيادة الأميركية المركزية لم تكن تعرف بشأن صدور البيان لأن القيادة المركزية ستلعب دوراً محورياً في تطوير خيارات الرد. والواقع أن معظم الخيارات التي تطورها الإدارة ستتطلب دعماً من شركاء عبر الكرة الأرضية، مما يعني أن يحسِّن الرئيس ترامب من أدائه في بناء تحالفات، ومعاملة حلفائنا باحترام. وهذا إضافة إلى أن فريق ترامب ليست لديه قنوات اتصال جيدة بإيران كتلك التي استخدمتها إدارة أوباما لتقليص التوترات. وهناك احتمالات كبيرة لتدهور الأوضاع سريعاً. * مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز «الأمن الأميركي الجديد» ** مديرة برنامج الطاقة والاقتصاد والأمن في «مركز الأمن الأميركي الجديد» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©