الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الديون والبطالة وتدهور الانتاج.. ثالوث يهدد الاقتصاد العراقي

الديون والبطالة وتدهور الانتاج.. ثالوث يهدد الاقتصاد العراقي
25 أكتوبر 2006 01:51
أمل المهيري: حدد كتاب صدر حديثا عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي في المرحلة المقبلة في تدهور القدرة على إنتاج السلع والخدمات، وتزايد الاستيراد لسد الحاجات من المنتجات الزراعية والأدوية والسلع الاستهلاكية والمعمرة واستمرار عجز الحسابات الجارية وارتفاع تكلفة إعادة بناء البنى التحتية المتهالكة واستئناف عملية التنمية الاقتصادية، وتزايد معدلات خدمة ديون البلاد الخارجية ودفع تعويضات الحرب· وقال الكتاب الذي حمل عنوان ''الاقتصاد العراقي: الواقع الحالي وتحديات المستقبل'' للدكتور محمد علي زيني: إن العائدات النفطية العراقية لن تكفي للوفاء بكل الالتزامات، مشيرا إلى أن الدراسات أكدت أن العراق إذا أراد الوفاء بجميع التزاماته دون عون خارجي، فإن حسابه الجاري سيعاني عجزاً طوال الفترة بين عامي 2004 و ،2016 مقدرة أن يصل العجز المتراكم في الحساب الجاري إلى 124 مليار دولار في نهاية عام ·2020 وطالب مؤلف الكتاب الحكومات العراقية بالتخلص من مؤسسات القطاع العام الخاسرة، وتبني نظام السوق الحرة بما يسمح للقطاع الخاص بقيادة عمليات الإنتاج والتوزيع وتقديم الخدمات، وقصر مهمة الحكومة على اتباع السياسات المساندة لنظام السوق وتوفير البنى التحتية والخدمات العامة الأساسية، مضيفا أن عملية تنويع مقومات الاقتصاد العراقي تستلزم تطوير قطاعات إنتاجية غير نفطية كالزراعة والصناعة والخدمات، بغية الانتقال من اقتصاد ريعي يرتكز على النفط إلى اقتصاد متنوع الأسس يعتمد على الضرائب مما يتطلب توظيف استثمارات بعشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الخارجية المباشرة وليس المعونات· وأوضح أن القوى المحركة للنمو تتمثل في الشركات والمشروعات الناشئة، والضرائب الأقل، والحكومات الأصغر حجماً، وتراكم رأس المال، والإبداع ونقل التكنولوجيا إلى داخل البلاد، وتنمية صادرات لا ترتكز على الثروات الطبيعية· وقال الدكتور زيني إن العراق تعامل مع العائدات النفطية المتواضعة في ثلاثينيات القرن الماضي على أنها مدخولات فائضة على تخصيصات موازناته العامة، فوظفها كاملة في تمويل المشروعات الرأسمالية (الإنتاجية) على اختلافها، وفي 1952 خفض نسبة ما يخصصه من عائداته النفطية لهذا الغرض إلى 70% ثم إلى 50% عام ،1959 بسبب الزيادة الكبيرة في العائدات وتصاعد النفقات الجارية في الموازنات العادية للحكومة· وأضاف: خلال الفترة من 1960 إلى 1980 أسفرت الخطط الخمسية التي كانت تنظم العمليات الاقتصادية عن نمو حقيقي في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 8 % سنوياً، ترتب عليه ارتفاع دخل الفرد من 1555 دولاراً إلى 3984 دولاراً، محققاً أعلى معدل نمو سنوي في تاريخ العراق الحديث 4,8%· وقدر المؤلف حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد العراقي خلال حكم الرئيس المخلوع صدام حسين بحوالي 342 مليار دولار، قائلا: كان مقدراً للاقتصاد أن يواصل مساره المزدهر لو لم يتول صدام حسين السلطة عام 1979 ويشرع في التورط في حرب السنوات الثماني مع إيران، والتي وضعت العراق على طريق الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، بخسارة ما يقرب من 62 مليار دولار من العائدات النفطية، واستنزاف ما بين 35 و 40 مليارا من أرصدة الاحتياطيات الأجنبية، وتراكم الديون الخارجية لتبلغ 77 مليارا، وتحميل الاقتصاد بنفقات عسكرية إضافية قدرها 105 مليارات دولار؛ وتدمير بنى تحتية بما يعادل 30 مليارا، وتوقف عملية التنمية الاقتصادية بسبب غياب الاستثمارات، وتجنيد الأيدي العاملة، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1,1% سنوياً ليسجل خلال الفترة 1980- 1989 خسارة إجمالية قدرها 342 مليار دولار تقريباً· حاضر مظلم وأضاف: إن مئة وثلاثين ألف طن من المتفجرات التي ألقيت على العراق خلال حرب الخليج دمرت المنشآت العسكرية والمدنية أيضاً، ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة في 1991 فإن تكاليف إعادة تأهيل الصناعة النفطية وحدها بلغت 6 مليارات دولار، بينما قدرت تكلفة إصلاح منظومة توليد الكهرباء بنحو 12 مليارا، و20 مليارا كلفة استبدالها بشبكة جديدة، ووفقا لتقديرات معهد بروكينجز بلغت كلفة الأضرار التي أصابت البنى التحتية العراقية 200 مليار دولار، بينما رفع التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1992 الكلفة إلى 232 مليار دولار· ولفت د· زيني إلى أن العقوبات التي فرضت على العراق بعد ستة أيام فقط من غزوه الكويت حظرت عليه تصدير أو استيراد أي سلع ومنتجات غير أساسية كالغذاء والدواء، وحتى لو توفرت حرية الاستيراد لما تمكن العراق من دفع قيمة وارداته بسبب حظر تصدير النفط الذي كان يمثل 96,5% من صادراته، ووفقاً لأسعار 1980 الثابتة تدنت قيمة الناتج المحلي الإجمالي من 47 مليار دولار عام 1990 إلى 10 مليارات فقط عام ،1993 أي حوالي خُمس قيمته التي حققها عام ·1980 وذكر الكتاب أن قيمة الدينار العراقي انهارت خلال تلك الفترة، وبعد أن كان سعر الصرف الرسمي للدينار حتى مطلع الثمانينيات 3,2 دولار للدينار الواحد، هبطت قيمته في منتصف التسعينيات إلى 0,0005 دولار لكل دينار، وفي الوقت الحاضر، قاربت قيمة الدينار بدعم من البنك المركزي العراقي 0,0007 دولار بحدود 1400 دينار للدولار، مشيرا إلى أنه بسبب جمود الناتج المحلي الإجمالي مع الارتفاع المستمر في معدلات النمو السكاني، انخفض دخل الفرد عام 1995 إلى 501 دولار، ثم تراجع دخل الفرد إلى 483 دولاراً في عام ،2003 أي 12% تقريباً من قيمته عام 1980 وثلثها لعام ·1960 وقال: صاحب التدهور الاقتصادي ارتفاع عدد سكان العراق من 13 مليون نسمة عام 1980 إلى 26,6 مليون العام الماضي بحسب تقديرات الأمم المتحدة التي قدرت أن يرتفع تعداد القادرين على العمل حينئذ من 3,5 إلى 6,4 مليون فرد، وأدى ذلك إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 60%، بينما ذكر وزير التخطيط العراقي [الأسبق] في مارس قبل الماضي أن نسبة البطالة في ذلك الوقت لم تزد على 28%، وأن البطالة المقنعة قد تزيد على 22%، وبحسب منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة، فإن معدل وفيات الأطفال ارتفع من 56 وفاة لكل ألف طفل بين عامي 1984 و 1989 ليصل إلى 131 وفاة بين ألف طفل خلال الفترة 1994- ،1999 كما تفشت بين العراقيين أمراض السرطان وسوء التغذية· استقرار الاقتصاد الكلي وأشار الكتاب إلى أن إشاعة الاستقرار في الاقتصاد العراقي يقتضي التحكم فيما تواجهه البلاد من عجز مالي والحسابات الجارية وخفض معدلات التضخم وضمان استقرار سعر صرف العملة، موضحا أن استمرار عجز الحسابات الجارية سيستنزف احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية ويضعف قيمة عملتها وبالتالي انهيارها، مسببة تضخماً مفرطاً يؤدي إلى تلاشى قدرة المؤسسات التجارية على تخطيط مشروعاتها، واتجاهها إلى توظيف أموالها في نشاطات غير إنتاجية كالمضاربة في سوق العقارات، وادخار الذهب والعملات الصعبة، مما يتعذر معه تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، فضلاً عن الآثار السلبية على القطاعات الفقيرة· وحدد الكتاب الأعباء المالية التي تواجه العراق في تسديد قيمة الواردات، وإعادة بناء البنى التحتية المتهالكة، واستئناف عملية التنمية الاقتصادية، وضمان خدمة ديون البلاد الخارجية، ودفع تعويضات الحرب، بعد تدهور قدرته على إنتاج السلع والخدمات، وتزايد اعتماده على الاستيراد لسد حاجاته من المنتجات الزراعية والأدوية والسلع الاستهلاكية والمعمرة، ويقدر البعض قيمة فاتورة المواد المستوردة بنحو 12 مليار دولار في السنة· وتابع: على المدى البعيد، ستثقل مشروعات إعادة الإعمار كاهل العراق بعبء مالي هائل، قدره وزير التخطيط العراقي [الأسبق] في سبتمبر 2003 بأكثر من 100 مليار دولار خلال الفترة 2004- ،2007 بينما قدره مسؤولو الأمم المتحدة والبنك الدولي بحوالي 36 مليار دولار للفترة ذاتها، وقدرت سلطة التحالف المؤقتة بدورها قيمة المشروعات التي لم يغطها تقويم الأمم المتحدة والبنك الدولي بحوالي 19 مليارا ليرتفع المبلغ الإجمالي المقدّر لتكلفة إعادة إعمار العراق خلال الفترة المذكورة إلى 55 مليار دولار، فضلا عن صعوبة الوفاء بالديون الأجنبية التي قدرت في أواخر عام 2002 بما يتراوح بين 109 و 123 مليار دولار، إضافة إلى 45 مليارا قيمة تعويضات ترتبت على غزو الكويت، وحرب الخليج عام ·1991 تسديد ''الفواتير'' وجزم مؤلف الكتاب بأن العائدات النفطية لن تكفي للوفاء بكل الالتزامات، مشيرا إلى أن الدراسات توضح أن العراق إذا أراد الوفاء بجميع الالتزامات دون عون خارجي، فإن حسابه الجاري سيعاني عجزاً طوال الفترة بين عامي 2004 و ،2016 ويقدر أن يصل العجز المتراكم في الحساب الجاري العراقي إلى 124 مليارا في نهاية عام ،2020 حتى في ظل التوقعات ''السخية'' لإنتاج النفط العراقي، التي تتصاعد من 2,2 مليون برميل يومياً في عام 2004 لتصل إلى 3,0 و 3,5 و 8,0 ملايين برميل يومياً في الأعوام 2005 و 2006 و ،2020 وإذا أعفي العراق من نصف ديونه الخارجية سيعاني حسابه الجاري من العجز حتى عام ،2016 وربما يبلغ العجز المتراكم 42 مليار دولار تقريباً بنهاية عام ·2020 وتوقع أن يجد العراق نفسه أمام خيارات صعبة إزاء احتمالات تراكم العجز في حسابه الجاري، مشيرا إلى أن الاقتراض سيصبح شاقاً حتى بفرض وجود بلدان ومؤسسات مالية تبدي استعدادها لذلك لأن القروض تتطلب السداد، وتشكل فوائدها التزامات مالية جديدة تثقل كاهل البلد، وفي خيار بديل فإن الفجوات التي يحدثها عجز الحساب الجاري قد يمكن تضييقها من خلال تقليص تكاليف المواد المستوردة وعمليات الإعمار والتنمية، إلا أن هذا سيوقف عجلة الإعمار وربما يؤدي إلى إسقاط الأهداف المتوخاة بأسرها، وبناء عليه لا يتبقى لمعالجة العجز المالي سوى العمل بجد من أجل إلغاء ديون العراق الخارجية وتعويضات الحرب·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©