الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مؤسسات المرافق العامة الأوروبية تواجه مشكلات

16 أغسطس 2013 21:31
لا تعتبر الطاقة المتجددة أمراً جديداً على قرية دورفن الصغيرة الواقعة في بافاريا بألمانيا. لعقود من الزمن استمدت هذه القرية كهرباءها من تدفق مياه إحدى البحيرات المحلية، واليوم لاتزال مصادر طاقتها متجددة ولكنها تولد معظمها من نباتات طاقة حيوية محلية ومن أكثر من 600 لوح طاقة شمسية مملوكة للقطاع الخاص فوق أسطح المنازل والمكاتب ومنتشرة في المزارع. وفي العام الماضي بلغت حصة الكهرباء التي تنتجها مؤسسة المنافع العمومية بهذه القرية 81.5%، وهي من أعلى النسب في ألمانيا، وفي أشهر الصيف يتم تغذية حصة كبيرة من الكهرباء المولدة من الألواح الشمسية بهذه القرية في الشبكة القومية لتستخدم في مناطق ألمانية أخرى. تعتبر دورفن مثالاً جلياً على عملية التحول إلى الطاقة المتجددة التي تسعى الحكومة الألمانية إلى تعميمها ضمن مساعيها لخفض اعتمادها على صنوف الوقود الأحفوري، فالحكومة ملتزمة بإغلاق محطات كهربائها النووية بحلول عام 2022، بالإضافة إلى التزامها أيضاً بتوليد 35% كحد أدنى من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2020. غير أن تجربة دورفن للكهرباء المولدة محلياً من قبل المنازل والشركات تبرز أيضاً إحدى عواقب نظام الطاقة العالمي الجديد المتمثلة في مدى تأثير الطاقة المتجددة على دور مؤسسات المنافع العمومية التقليدية الكبرى، فرغم أن كبار المشغلين بما فيهم شركتي إي أون وآر دبليو إي يستثمرون في الطاقة المتجددة، إلا أن مصادر إمدادهم الرئيسية لاتزال الغاز والفحم. وقال تنفيذيون إن قرار الاستغناء عن الطاقة النووية شكّل صعوبات على ميزانيات الحكومة الألمانية غير أن صناعة الطاقة يجب أن تتلاءم مع ذلك حسب إفاداتهم. يشهد قطاع شركات المنافع العمومية الأوروبي فترة عصيبة، فبعد مضي 15 عاماً على تحرير أسواق الكهرباء تضطر الشركات إلى البحث عن نموذج تشغيل جديد في ظل القوانين التي تقضي بتقليل مصادر الطاقة كثيفة الكربون. يعتبر ضعف الطلب على الكهرباء الراجع إلى الأزمة الاقتصادية المطولة عاملاً مهماً، ذلك أن وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يقل المطلوب من طاقة الاتحاد الأوروبي بنسبة 2% بين عام 2010 وعام 2015، بينما سيزيد طلب الطاقة العالمي بنسبة 10% في الفترة ذاتها، حسب توقعات الوكالة. وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد حذرت في شهر نوفمبر الماضي من أن لمحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تأثيراً سلبياً كبيراً على محطات الكهرباء الأوروبية العاملة بالغاز والفحم، وفي شهر مارس من هذا العام ناشدت مؤسسة إي أون الحكومات بأن تدعم مشغلي محطات الكهرباء العاملة بالغاز، كما أن مؤسسات مرافق عمومية أخرى تشمل دونج اينرجي الدنماركية وستاتكرافت النرويجية حذرت من أن محطات كهرباء أخرى عاملة بالغاز مرشحة للإغلاق في أوروبا. وفي شهر يوليو الماضي، قالت شركة فاتنفول للطاقة الوطنية السويدية إنها تعتزم تقسيم عملياتها والبحث عن شركاء وتقليص الإنفاق والاستثمار بعد أن خسرت 4.6 مليار دولار من قيم أصولها بسبب توقعات السوق متزايدة التشاؤم، ويعتبر الوضع في ألمانيا حرجاً، حيث إن الإصلاحات التي طبقت شملت حزم دعم كبيرة للكهرباء المتولدة من محطات طاقة الرياح والمحطات الشمسية تسبب عنها خفض أسعار كهرباء الجملة أثناء أوقات ذروة الطلب، الأمر الذي قلّص ربحية محطات الكهرباء العاملة بالغاز على وجه الخصوص. كما أن أداء قطاع مؤسسات المرافق العمومية لم يكن جيداً في سوق الأسهم، حيث ذكرت مؤسسة سيتر البحثية إن أداء مؤسسات المرافق العمومية الأوروبية يعتبر أقل من متوسط أداء السوق بنسبة حوالي 35% منذ عام 2008، وحذرت تحليلات سيتي من أن استخدام المصادر المتجددة واسع النطاق والاهتمام المتزايد بكفاءة الطاقة يمكن أن يؤدي إلى خفض نسبته 50% لإحجام الكهرباء التي تبيعها مؤسسات المرافق العمومية التقليدية خلال العقدين المقبلين الأمر الذي دفع إلى نشوء نماذج أعمال جديدة. وذكر دايتر هيلم زميل كلية اقتصاد نيو كولدج أوكسفورد أنه يتعين على التنفيذيين تحديد استراتيجية ملائمة في عالم يكتنفه عدم اليقين وقال: «لا نعرف ما سيحدث للمصادر المتجددة بعد عام 2020، فالسياسة غير واضحة وهناك تغير فني هائل تشهده الشركات». لايزال العديد من مؤسسات المرافق العمومية الأوروبية يتعامل مع ما خلفته طفرة عمليات الاندماج والاستحواذ قبل أزمة 2008 المالية، حين سعت الشركات إلى تعزيز قدرتها الشرائية وتأمين إمدادات وقودها واستهداف أسواق خارجية. وتأسست شركات وطنية كبرى آنذاك، غير أنه حين حدثت الأزمة تأزمت مؤسسات مرافق عديدة بديون كبيرة نسبياً. وقال بيتر اثرتون المحلل في ليبروم كابيتال: «لم يفلح نموذج تكوين مؤسسة مرافق عمومية عبر أوروبية كبرى تنتشر عملياتها في مناطق مختلفة في ظل أزمة اقتصادية حين بدا أن التنويع غير ذي جدوى». وأضاف: «كما أن مؤسسات المرافق العمومية عبارة عن شركات محلية ولذلك لم تتحقق اقتصادات واسعة النطاق من عمليات الاندماج والاستحواذ، فمنذ الأزمة توقف نمو تلك المؤسسات أو انكمشت». وحذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن أكبر خمس مؤسسات مرافق عمومية من حيث تصنيف فيتش - إي أون وآر دبليو إي وإي دي إف الفرنسية واينل الإيطالية وايبردرولا الإسبانية، قد تكون أكثر المتضررين بالنظر إلى كبر حجم ديونها، الأمر الذي يعرضها لمخاطر ائتمانية لو زادت الأحوال تدهوراً. والآن تسعى الشركات التي شهدت انخفاض الطلب وانخفاض أسعار الكهرباء إلى إعادة النظر في استهداف مجالات أخرى ترى فيها إمكانية نمو وإلى بيع أصول لتسديد ديونها وزيادة رأسمالها، كما أن العديد من الشركات تكثف استثمارها في مصادر متجددة لتوليد الكهرباء. أحد أكبر تغيرات هذا القطاع يتمثل في دخول كيانات جديدة، حيث تبحث مؤسسات المرافق العمومية عن شركاء خارجيين لتقليص تكلفة بناء المنشآت الجديدة، ففي المملكة المتحدة مثلاً تبحث إي دي إف عن شريك جديد لبناء محطة نووية جديدة. وقال نيك لوف مدير مالي مؤسسة سنتريكا البريطانية: «سنشهد مجموعة من أصحاب محطات الطاقة ومصدر تمويل أكثر تنوعاً مثل صناديق البنى الأساسية المتوقع أن تأتي متى تم بناء المحطات»، وأضاف: «لا يوجد لدى مؤسسات المرافق العمومية التقليدية رؤوس أموال تكفي لتملك تلك المحطات». في المملكة المتحدة تعمل إصلاحات سوق الكهرباء على تغيير الأسلوب الذي تعمل به السوق، حيث قال خبراء إن استخدام العقود التي تضمن عائدات مطوري الطاقة النووية والطاقة المتجددة عن طريق فرض أسعار ثابتة للكهرباء طوال عمر المحطة، يشير إلى العودة إلى سوق منضبطة ويثير مزيداً من الأسئلة. وقال محللون إنه لو ظل الاتحاد الأوروبي يسعى إلى خفض انبعاثات الكربون وتشجيع مصادر الطاقة المتجددة فإن متغيرات جديدة سوف تلقي بظلالها على سوق الطاقة في الفترة المقبلة. عن «فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©