الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

أسرار المدربين

4 سبتمبر 2014 22:55
يكون ممتعاً أن نجوب في كهوف ومغاور فكر المدربين، حيث تتفرع الطرق وتتعدد المنعرجات وتصبح المسالك أحياناً وعرة للوصول ليس إلى الحقائق، على اعتبار أن كرة القدم ككل الرياضات ليست لها حقائق مطلقة وغير مسنودة علمياً في كليتها، ولكن للوقوف على المكون الأصلي لكيمياء هؤلاء المدربين، للتربة التي منها عجنوا هذا الفكر ومن المقومات الفنية والتقنو- رياضية التي منها تشكلت فلسفاتهم. هذه المتعة منحني إياها كتاب أتيت بنهم كبير على قراءته هذا الصيف، لطرافته وجديته وخروجه عن المألوف ولأهميته العلمية، فقد انبرى كاتبو «أسرار المدربين» وهم إعلاميون رياضيون فرنسيون إلى ملامسة الكثير من الجواهر الفكرية التي نغفل عنها نحن معشر الصحفيين في محاوراتنا اليومية والتقليدية أحياناً للمدربين، لقد توجهوا إلى خليط من كبار المدربين العالميين بأسئلة مركبة تتعلق بأدوارهم الفنية، بمعالجتهم للظواهر الرياضية، بتدبيرهم للمباريات وبعلاجهم لكثير من الشوائب الفكرية والخلقية التي تظهر مع كبار اللاعبين ممن يعدون فلتات وممن يتسمون أصلا بشخصيات مركبة حتى لا أقول معقدة. انطلقت فكرة الكتاب من مقولة أطلقها أسطورة كرة القدم الفرنسية والرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ميشيل بلاتيني، تقول إنه لا يوجد على الإطلاق مدرب أكسب فريقاً ما مباراة، كناية على أن نجاحات المدرب أصلاً يصنعها اللاعبون، فهم يأتون فردياً وجماعياً بما لا يمكن أن يتوقعه أي مدرب مهما علا كعبه في برمجة المباريات وتوجيه دفة اللعب وتدبير كل فتراتها، ومهما أبدع من متغيرات تكتيكية لنقل فريقه إلى مرحلة التفوق الجماعي. وبلا أدنى استثناء، فيما عدا صيغ الرفض والتحفظ التي كان فيها نوع من الاختلاف، أجمع المدربون المحاورون على خطأ وعدم صحة ما ذهب إليه ميشيل بلاتيني، فقد يكون صحيحاً أن الفريق يفوز أحياناً بمؤثرات وعوامل لا تخضع لتوجيه المدرب، إلا أن الفريق لا يمكنه أن يفوز دائماً وأبداً من دون مدربه، وإذا كنا ممكنا الجزم بتفاوت المدربين في التحكم الكامل في أسلوب ومنهج اللعب، إلا أننا سنتفق على أن المدربين هم أصحاب القرار الأول في الفريق، فهم الذين يختارون لاعبيهم وهم من يضعون مناهج وأساليب اللعب وهم من يؤسسون بحسب المرجعية والخبرة لفلسفات اللعب، قد يفعلون ذلك بسلاسة وانسيابية وقد يفعلونه بديكتاتورية لا تبقي مجالاً للحوار أو حتى للنقاش العرضي، ولكنهم في النهاية هم أصحاب الحل والعقد. بالقطع لا يمكن لأحد أن ينكر على مدربين أصبحوا علامات فارقة في تاريخ كرة القدم العالمية، أنهم أحدثوا ثورات في منظومات اللعب وأنهم ساعدوا هذه الرياضة على أن تستمد من السحر نيزكاً به تضيء العالم، لا أحد يمكن أن ينكر على مدربين ألقاباً قادوا فرقهم لتحقيقها باجتهادهم وعبقريتهم ودقة ملاحظاتهم وحسن تدبيرهم للمباريات فتحولوا إلى أساطير، لا يمكن أن يأتي ذكر على الملاحم الكروية تلك من دون ربطها بأسمائهم. هذه المحاورات الجميلة والممتعة التي تضمنها كتاب «أسرار المدربين»، والتي يمكن أن تكون قاعدة لفلسفة كروية ومرجعاً لفكر رياضي متقدم، سأكون سعيدا باقتسام بعض مضامينها معكم، فانتظروني في الأسبوع القادم لنبدأ في سبر الأغوار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©