الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام يدعو إلى الحوار مع جميع الأمم والحضارات

الإسلام يدعو إلى الحوار مع جميع الأمم والحضارات
19 أغسطس 2011 22:30
حدد الله تعالى في القرآن الكريم أهم صفة تمتاز بها أمة الإسلام وهي صفة الخيرية وأعطتها أحقية الشهادة على الناس، قال الله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). لقد منّ الله على المسلمين بمنة الاعتدال والوسطية لأنه من دونهما لا تستقيم الأمور، وبعدمهما يظهر الانحراف والغرور، وينتشر التطرف والشرور، وعندما يفقد المسلمون خاصية الوسطية فإنهم بذلك يفقدون أهم أسباب نهضتهم وتقدمهم، ويضيعون أغلى صفات تميزهم وتفردهم، ويفقدون من قلوب الناس مودتهم ومحبتهم. الوسطية الفكرية الإسلام بوسطيته الفكرية يدعو أتباعه لان ينفتحوا على الآخرين، ويتقبلوا المخالفين، وان يتواصلوا مع جميع الأمم والحضارات، وأن يتفاعلوا مع كافة العلوم والاكتشافات، لأن الإنسان كلما ازداد عقلاً وفهما وإدراكاً زاد اعتداله واتزانه، فلا يقول ما يندم عليه ولا يفعل ما يسيء إليه، وصار أقرب إلى جميع الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد رضي الله عنه: (الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى الخير). فبالاعتدال والوسطية نتجنب الوقوع في مهاوي التطرف ومزالق التعصب، لأنه بالوسطية تتجلى وتظهر خصائص هذا الدين والذي هو في إجماله مجموعة من الثوابت والقواعد العقائدية والفكرية والأخلاقية تتنافى مع كل صور التطرف والمغالاة والتشدد، لأن النبع الأصيل لذلك هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ويقول أيضاً: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وهذه هي مواصفات الطريق الوسطي المستقيم الذي لا عوج فيه ولا ميل ولا انحراف. الصراط المستقيم هذا هو صراط الله الذي ارتضاه لنا وأمرنا أن نسير عليه وان نتبعه ولا نتبع غيره، يقول الله تعالى: (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). فمن الواجب على كل مسلم أن يكون وسطياً ومعتدلاً في كل تصرفاته وفي عبادته، وأن يعطي كل شيء حقه، فلا يطغى عنده جانب على جانب آخر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه). ويبدأ هذا الحق في الظهور على العبادات والطاعات، فلا طغيان لحاجات الروح على حاجات الجسد، فلا مغالاة في العبادة ولا تشدد في الطاعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنفر الذين أرادوا أن يخرجوا عن منهج الوسطية وينحرفوا عن جادة الاعتدال: (أما والله إني لأخشاكم لله واتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) وفي هذا تأكيد وتحذير، أما التأكيد فهو أن سنة رسول الله هي في الاعتدال، وأما التحذير فهو لكل من يبتعد عن الوسطية والاعتدال أنه بذلك يخرج من دائرة اتباع السنة النبوية. فالاعتدال والتوسط في العبادة هي الحالة الصحية والصحيحة ما بين مرضى التزمت، وما بين علتي التنفير والتعسير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين). وسطية المشاعر ولقد حثنا ديننا الحنيف أن نكون أيضاً وسطيين في مشاعرنا وأحاسيسنا ومعتدلين في محبتنا وبغضنا، وأن لا نذهب بعواطفنا إلى الميل أو التطرف، وأن لا نغالي حين نحب ولا نفرط حين نبغض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بفيضك يوما ما، وابغض عدوك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما) ولا شك أن هذا الاعتدال في إظهار المشاعر يتوافق تماما مع حقائق العلم الحديث الذي يحذر أشد الحذر من الانجرار وراء العواطف الجياشة، والاندفاع بقوة وراء الأحاسيس المتوترة، لما قد يؤدي إليه من اضطرابات نفسية أو صدمات عاطفية في حال حدوث خلل فيمن أحببت، أو قد يدفع إلى عصبية مقيتة أو تبعية بغيضة. وتتأكد حقيقة الوسطية في مبدأ من أهم مبادئ الإنسانية، وركيزة من أهم ركائز الإسلام وهو العدل، يقول الله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، ففي هذه الآية توجيه للمسلم أن ينقي العدل من شوائب التطرف العاطفي أو الميل القلبي والنفسي الذي قد يوقع صاحبه في الظلم والانحياز والانحراف عن الحق تحت ضغط وتأثير المغالاة في الحب والكره، فيختل حينها ميزان العدل الذي تقوم عليه السموات والأرض، وهذا قد يؤدي إلى الاضطراب في الاستقرار وسلامة الفرد والمجتمع. وكذلك يدعو الإسلام إتباعه إلى أن يكونوا وسطيين معتدلين في الإنفاق المالي فلا إسراف ولا تبذير، ولا بخل ولا تقتير، يقول الله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة) باعتبار أن التوازن والاعتدال في الإنفاق هو أهم قواعد الاقتصاد السليم الذي يؤمن صاحبه من العيلة والحاجة أو أن يتعرض للحسرة والملامة والندامة. الاعتدال ومن صور الوسطية في حياة المسلم اليومية الاعتدال في طعامه وشرابه، فلا نهم وشره، ولا جوع ولا عطش، بل مراعاة كاملة لحاجة الجسم إلى ما يحفظ سلامته وصحته، قال الله تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا أنه لا يحب المسرفين)، فالوسطية والاعتدال في الطعام والشراب تحمي الإنسان من كثير من العلل والأمراض التي أكد العلم أنها نتيجة لتجاوز الحد في الأكل والشرب. وأخيراً.. فإنه من الواجب على الجميع أقصى الجهد لإبراز هذا الفكر وترسيخه في أذهان وضمائر وعقول المجتمع، حتى نجنب أبناءنا الوقوع في فخ التطرف الفكري والانحراف السلوكي، وحتى نستطيع أن نتعامل بحكمة وعقلانية مع كافة المستجدات والتطورات العالمية بمرونة ودراية واعتدال وسعة أفق.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©