الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صورة المجتمع المسلم أشرقت بإشراق شمس الإسلام

صورة المجتمع المسلم أشرقت بإشراق شمس الإسلام
19 أغسطس 2011 22:29
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين ... وبعد يعيش المسلمون في ظلال أيام مباركة من شهر رمضان المبارك شهر الخير والجود والسخاء، فالإسلام دين يقوم على البذل والإنفاق، وينهى عن الشح والبخل، ومن المعلوم أن رسولنا الأكرم - صلى الله عليه وسلم - كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في هذا الشهر الكريم، حيث كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، والله سبحانه وتعالى وعد الأسخياء الكرماء بالمزيد من نعمه وفضله وإحسانه، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: (إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ)، “سورة التغابن الآية 17”، ومن المعلوم أن القرآن الكريم يحيي الأغنياء الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، وفي مقدمة هؤلاء صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا ينفقون أموالهم في سبيل الله، كأبي بكر وعمر وعثمان وابن عوف وصهيب وغيرهم كثير - رضي الله عنهم أجمعين-. لذلك فإننا نرى المؤسسات والجمعيات الخيرية تنشط في هذا الشهر المبارك في استقبال الصدقات والزكوات من الموسرين من أبناء الأمة لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، مسترشدين بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، (أخرجه الشيخان). المجتمع المسلم هذه هي صورة المجتمع المسلم منذ أشرقت شمس الإسلام، تعاون مستمر على الخير والبر. ودولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي تشمر عن ساعد الجدِّ في هذا الشهر المبارك، حيث نرى المؤسسات الخيرية تعمل كخلية نحل لرسم البسمة على الشفاه المحرومة، ولإدخال السرور على القلوب الحزينة، ولمسح الدمعة من عيون اليتامى والثكالى، وفي مقدمة تلك المؤسسات الخيرية جمعية الهلال الأحمر بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية، ومؤسسة خليفة للأعمال الخيرية، وغيرها من المؤسسات الخيرية في سائر إمارات الدولة. إن هذه الأعمال الخيرية التي تقوم بها هذه الجمعيات والمؤسسات تصل إلى كل المحتاجين في العالم وفي مقدمتهم أهالي فلسطين والصومال والسودان وسائر البلاد العربية والإسلامية، فالمال في الإسلام نعمة من النعم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: “نعم المال الصالح في يد العبد الصالح”، (أخرجه أحمد)، ومن المال الصالح تبرع الصحابة الكرام - رضي الله عنهم أجمعين - لنصرة الإسلام وإطعام الفقراء، ومنه اشترى عثمان بئر رومة، ومنه جهز - رضي الله عنه - جيش العسرة، ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بشر الأسخياء بحب خالقهم لهم، وبحب الناس لهم، وبقربهم من جنات النعيم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: السخي قريبٌ من الله، قريبٌ من الجنة، قريبٌ من الناس، بعيدٌ من النار، والبخيل بعيدٌ من الله، بعيدٌ من الجنة، بعيدٌ من الناس، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل”، (أخرجه الترمذي). والعمل الصالح هو أفضل وسيلة لمن أراد النجاح في دنياه وأخراه، قال تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)، وقال سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) “سورة النحل، الآية 97”. إسوة حسنة وعند دراستنا للسيرة النبوية نجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرشدنا إلى وجوب التراحم، كما يعلمنا أن الرحمة لا تكون بين الناس فحسب، بل بين الكائنات الأخرى من غير بني البشر، فقد جاء في الحديث الذي يرويه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً، فقال في كل كبد رطبة أجر، (أخرجه مسلم). نتعلم من هذا الحديث أن هذا الرجل قد سقي كلباً، فكان جزاؤه أن غفر الله له، فما بالك يا أخي الكريم بمن يسقى ظمآناً، أو يطعم جائعاً، أو يكسو عرياناً، ويمسح رأس يتيم، ويزيل الدمعة من عيني طفل صغير، أمثال هؤلاء سينالون الأجر الكبير والرحمة العظيمة، كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: “جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعاً وتسعين جزءاً، وأنزل في الأرض جزءاً واحدًا فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه”، (أخرجه البخاري). واقعنا المعاصر وعندما نلقي نظرة على واقعنا المعاصر، فإننا نجد أن بعض الناس من يشبع وجاره جائع، ومنهم من يلبس أفخر الثياب وجاره لا يجد ما يستر به عورته، فهل هذه هي الرحمة التي أتي بها النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل هذا هو منهج الإسلام في التعامل مع الآخرين؟ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”، (أخرجه البخاري). فالمجتمع المسلم مجتمع واحد، مبني على التعاون والتكاتف والتراحم، وللحقيقة فإن ما تقوم به الجمعيات والمؤسسات الخيرية في دولة الإمارات العربية المتحدة من أعمال خيرية في سائر أنحاء المعمورة، بهدف محاربة الفقر وتقليل نسبة البطالة ومساعدة المحتاجين لهو عمل مهم جداً، وذلك بتأهيل أبناء الأمة من خلال إقامة المشاريع التعليمية والتأهيلية، فالإسلام لا يريد مجتمعاً يعتمد على الصدقات بل يريد مجتمعاً عاملاً، يعمل ويبني كي يعيش حياة كريمة، فالإسلام دين يحث على العمل، ويدفع إلى السعي والاجتهاد، ويكره أن يرى المسلم خاملاً من غير عمل، حيث حارب كل من احتقر السعي والعمل، واستمرأ الخمول والكسل، مدعياً أن ذلك هو الزهد الذي دعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف. يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©