الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

2010 عام المحافظين... والسبب أوباما!

14 نوفمبر 2010 21:25
كما وعد أوباما بذلك، فقد انطوت سنتاه الرئاسيتان على تحولات مهمة، لكن ليس بالطريقة التي كان يريدها، فسواء استمر في الرئاسة لعامين قادمين أم لستة أعوام أخرى، تبقى رئاسته بركاناً مفتوحاً لأن أهم ما فيها حدث بالفعل، حيث نجح في إعادة الحياة لليمين الأميركي ليصبح عام 2010 الأفضل بالنسبة للتيار المحافظ منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أي منذ انتخاب الرئيس ريجان. فالمكاسب الجمهورية تحققت أساساً بسبب إصرار أوباما على تمرير خطة الرعاية الصحية التي كانت بمثابة الصدمة للعديد من الأميركيين، حيث فوجئ أحد القضاة الفدراليين بعد سبعة أشهر على المصادقة على الخطة وهو يسمع حججاً تؤكد دستورية معاقبة الأميركيين الذين لا ينخرطون في برنامج الرعاية الصحية باعتبار أن الرسوم التي سيدفعها الأميركي للحصول على الرعاية ليست حسب المحامين المدافعين عن التشريع أكثر من ضريبة عادية يدفعها المعني بالأمر مقابل حصوله على التأمين الصحي. لكن الديمقراطيين نفوا نفياً قاطعاً أن تكون الرسوم ضريبة مفروضة من الحكومة، فجاء رد القاضي على هذا الارتباك: "لا يتعين على الكونجرس اللجوء إلى تأويل التشريعات بالطريقة التي تناسبه لكسب الأصوات". والأمر لا يتعلق فقط بالرعاية الصحية التي أخذت الأميركيين على حين غرة عندما مررها الكونجرس الديمقراطي، بل يمتد أيضاً إلى محاولات أخرى فاشلة قامت بها الحكومة لمراقبة سلوك الأميركيين، أحدها يتعلق بمراقبة العملية السياسية والتحكم في مفاصلها، والثانية مرتبطة بسن قوانين تتعلق بالتغير المناخي والاحتباس الحراري. ففي شهر يناير الماضي، رفضت المحكمة العليا محاولات بعض الإصلاحيين تمكين الحكومة من مراقبة حرية التعبير السياسي وفرض قيود على دعم الشركات لبعض المرشحين، فقد اعتبرت المحكمة أنه مادام الدستور في بنده الأول يمنع القوانين المقيدة لحرية التعبير السياسي، فإنه يمنع أيضاً القوانين التي تسعى إلى فرض قيود على دعم مرشحين من قبل هيئات مستقلة قد تكون شركات أو غيرها. وفي عام 2007، قضت المحكمة بأن الدستور لا يمنع الدفاع عن بعض القضايا الانتخابية وسعي أصحابها إلى مساندة المرشحين الذين يتبنون تلك القضايا. وترجع هذه المحاولات الرامية إلى تقزيم حرية التعبير إلى الحملة الانتخابية الشرسة التي قادها أوباما في فصل الخريف الماضي، عندما كان يخوض السباق الرئاسي، حيث اشتكى وقتها من أن المحكمة العليا تسمح بتدخل المال في السلطة وتضليل الناخبين. لكن الأميركيين عموماً لا يهتمون كثيراً بالطريقة أو الأسلوب الذي تجري به الحملات الانتخابية بقدر ما يهتمون بالمضمون وبالقضايا الملحة التي تطال حياتهم اليومية، تلك القضايا التي يسعى المدافعون عن تقليص حرية التعبير إلى التغطية عليها بإثارة مسألة تمويل الحملات الانتخابية. هذا فيما يتعلق بالجانب السياسي، أما المسألة الأخرى التي انخرطت فيها إدارة أوباما، وكان لها تأثير واضح في صعود اليمين وتجنده ضده، فتمثلت في قانون الطاقة الذي يريد من خلاله فرض سقف على انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. فرغم دعم أوباما والمرشح ماكين للقانون خلال حملتهما الانتخابية، فإن الكونجرس رفض تمرير القانون، مُحبِطاً بذلك مساعي الرئيس أوباما، وهو ما يعني أن المؤتمر الدولي حول التغير المناخي الذي ستستضيفه "كانكون" في 29 نوفمبر الحالي، والذي يعقب مباحثات كوبنهاجن وطوكيو وريوديجانيرو، لن ينجح هو الآخر في تكبيد الاقتصاد الأميركي تريليونات الدولارات من الخسائر في حال إقرار قوانين صارمة في مجال الطاقة. اليمين استفاد أيضاً في العام 2010 عندما استيقظ الأميركيون على حقيقة مرة مفادها أن مستقبلهم المالي أصبح أكثر هشاشة من أي وقت مضى، حيث أدركوا أنهم مدينون بتريليونات الدولارات لصناديق التقاعد الخاصة بالموظفين الحكوميين، وهو ما أطلق نقاشاً حاداً قد يهيمن على الساحة العامة على مدى العقد القادم، إذ كيف أمكن للتواطؤ بين نقابات موظفي الحكومة وبين المسؤولين المنتخبين أن يحْرم خزينة الدولة من أموالها، وهو ما بدأ حاكم ولاية نيوجيرسي "كريس كريستي" في شهر يناير الماضي تسليط الضوء عليه لافتاً النظر إلى الطريقة التي تزدهر بها نقابات القطاع العام، فهم يجمعون المساهمات من الأعضاء لإنفاقها على انتخاب مشغليهم الذين بدورهم يستعينون بخدمات أعضاء النقابات الذين يدفعون أكثر. هذا التسخير الغريب للنقابات لدعم مرشحين بعينهم يخدمون مصالح موظفي القطاع العام يستنزف الميزانية العامة للولايات ويجعل باقي الموظفين في القطاع الخاص الأقل تمثيلا في النقابات في وضع تفاوضي صعب. والأكثر من ذلك، حقق المحافظون في عام 2010 نجاحاً آخر على الصعيد الإعلامي هذه المرة، تمثل في الضجة التي أثارتها إقالة المذيع "جوان ويليامز" من الإذاعة الوطنية الأميركية لأنه أدلى بملاحظات اعتبرت مسيئة لقطاع واسع من المسلمين. والحقيقة أن إقالة المذيع ربما جاءت لتعكس وجهة نظر القائمين على الإذاعة والمعروفين بتوجهاتهم الليبرالية، وهو ما حرض المزيد من المحافظين على مهاجمتها، بل والتوعد بالبدء بها ما دامت تابعة للحكومة عندما تحين فرصة تقليص النفقات الحكومية، الأمر الذي تتخوف منه الحكومة وباقي وسائل الإعلام المستفيدة من الدعم الفدرالي. جورج ويل كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبورج ميديا سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©