السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ديننا الحنيف حض على طلب العلم والاستزادة منه

ديننا الحنيف حض على طلب العلم والاستزادة منه
4 سبتمبر 2014 21:00
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:- يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (يَرفَعِ ?للَّهُ ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُم وَ?لَّذِينَ أُوتُواْ ?لعِلمَ دَرَجَ?ت واللَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِير)، «سورة المجادلة: الآية 11». فتحت المدارس أبوابها لاستقبال عام دراسي جديد، وأقبل عليها الطلاب لينهلوا من معين العلم والمعرفة، والتربية والتوجيه، وبهذه المناسبة، فإننا نهنئ أبناءنا الطلاب بعامهم الدراسي الجديد، سائلين المولى عز وجل أن يكون عام خير وبركة. من المعلوم أن للعلم والتعلم مكانة عظيمة في ديننا الإسلامي الحنيف، فقد اعتنى ديننا الإسلامي أعظم عناية بالعلوم الشرعية والكونية وسائر العلوم النافعة للإنسان في شتى المجالات، لذلك، فإننا نجد أن النصوص الشرعية في الكتاب والسنة تدعو الأمة إلى طلب العلم وتحصيله والاستزادة منه، وضرورة اكتساب المعرفة في مختلف المجالات، فقد ذكر القرآن الكريم فضل العلم في عدد من الآيات القرآنية، منها: - قوله سبحانه وتعالى: (اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، «سورة العلق الآيات 1 - 5». - وقوله سبحانه وتعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)، «سورة الزمر: الآية 9». - وقوله سبحانه وتعالى أيضاً: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، «سورة فاطر: الآية 28». كما وذكرت السنة النبوية الشريفة فضل العلم في عدد من الأحاديث النبوية، منها: - قوله- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، والْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ ليلةَ البدرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ»، (أخرجه أبو داود). - وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ»، (أخرجه الترمذي). - وقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»، (أخرجه الترمذي). - وقوله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: (. . . إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»، (أخرجه الترمذي). كما بيّن الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- منزلة العلم والعلماء في كثير من أقوالهم ووصاياهم، فمن ذلك ما أُثِرَ عن الإمام علي - رضي الله عنه - قوله: «العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزيد بالإنفاق»، كما وذكرت كتب السيرة حرص الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - على حضور مجالس العلم. ومن خلال هذا التقدير الكبير، وهذه المكانة الرفيعة للعلم والعلماء، فقد برع عدد من العلماء المسلمين في تخصصات عديدة والحمد لله، منهم الخوارزمي، والفارابي، وابن سينا، وابن الهيثم، وابن النفيس، والكندي، وغيرهم كثير، فأين نحن من هؤلاء العلماء الأجلاء الذين تُدَرَّس كتبهم في الجامعات الغربية اليوم. إن التربية والتعليم منظومة متكاملة وسلسلة متصلة لا ينفكّ بعضها عن بعض، ومع بداية العام الدراسي الجديد يتحمل الجميع مسؤوليات كثيرة، والواجب علينا جميعاً أن نقوم بهذه المسؤولية على أكمل وجه، وفي مقدمة أولئك الطالب والمعلم وولي الأمر: 1- الطالب: من المعلوم أن على الطالب واجباً كبيراً يجب عليه القيام به على أكمل وجه، وفي مقدمة ذلك الحرص على الاجتهاد في الدراسة ومتابعتها أولاً بأول، ووجوب الانتباه إلى شرح المعلم والإنصات إليه. كما يجب على الطالب احترام المعلمين وتقديرهم وتنفيذ أوامرهم، فالمعلم هو أساس التعلم، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ، وَتَعَلَّمُوا لَهُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ»، (أخرجه الطبراني). 2- المعلم: انطلاقاً من الحديث الذي يخاطب فيه رسولنا - صلى الله عليه وسلم - المعلمين، كما رُوِيَ عَنْ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقْنُوهُمْ، قُلْتُ لِلْحَكَمِ: مَا اقْنُوهُمْ، قَالَ: عَلِّمُوهُمْ»، (أخرجه ابن ماجة)، لذلك فإنه يقع على المعلم واجب كبير ومهمة جليلة، فالمعلم اليوم في مقام الوالد للولد، لذلك يجب عليه أن يغرس فيهم الأخلاق العالية والآداب الحسنة، وأن يعمل على تنمية مواهبهم وزيادة قدراتهم وتصحيح أخطائهم، فالمعلم له دور كبير في صقل الطالب وتهذيب خُلُقِه، والأخذ بيده إلى ما فيه الخير وإرشاده إلى ما يلائمه من دراسة وعمل، لذلك يجب علينا احترام المعلمين وتقديرهم، فقد ورد أن الإمام أبي حنيفة النعمان - رحمه الله - كرَّم معلم ولده بألف درهم لأنه علمه سورة الفاتحة، فما بَالُكَ بأساتذتنا الفضلاء ومعلمينا الكرام، الذين يُخَرِّجون للمجتمع: الطبيب، والمهندس، والمحامي، والعالم، وأصحاب الكفاءات، ونحن في هذه المناسبة نقول لأساتذتنا الفضلاء: أنتم تستحقون كل خير، وكل تقدير، فمن علمني حرفاً كنتُ له عبداً، فجزاكم الله عنا خير الجزاء. 3- ولي الأمر: إنَّ مهمّةَ تربيةِ الأبناء مهمّةٌ جليلة، خصوصاً في هذه الأوقات، فليس دوركم أيها الآباء هو توفير الزي المدرسي والقرطاسية فقط، بل هذا واجب عليكم تجاه أبنائكم، ولكن أيها الأب الكريم عليك واجب عظيم، وهو تحمل المسؤولية الكبرى في تعليم أبنائك وتربيتهم ومتابعتهم، وغرس حبّ المدرسة وحبّ المعلم والتعليم والمعرفة في نفوسهم، كما يجب على ولي الأمر أن يحث أبناءه على الدراسة والمواظبة والاجتهاد في التحصيل العلمي ليؤدوا واجباتهم على أكمل وجه، وكذلك وجوب الاستعداد للدروس الجديدة. كما ويجب عليه إن كان على قسط من التعليم أن يعلم أبناءه ويراجع معهم ما قطعوه في دراستهم، وأن يوجههم إلى الطريق السليم حتى يكونوا أبناء صالحين، وأن يختار لهم المستقبل المناسب علمياً كان أو مهنياً حسب قدرات ولده، وما يؤسف له أن بعض الآباء لا يعرفون أبناءهم في أي مستوى دراسي ولا في أي فصل، وهذه طامة كبرى، ومنهم من يقضي الساعات الطوال خارج البيت في الثرثرة، ولا يجلس لحظة مع أولاده يعلمهم ويناقشهم ويستمع إلى مشاكلهم، وصدق الرسول الكريم: «وليسعك بيتك»، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا ما حَقُّ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ، فَمَا حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ؟ قَالَ: أَنْ يُحْسِنَ اسْمَهُ، وَيُحْسِنَ أَدَبَهُ»، (أخرجه البيهقي). لذلك، فإن على ولي الأمر مسؤولية كبرى، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فيجب على ولي الأمر زيارة ولده في مدرسته ولو شهرياً على الأقل، يسأل عن ولده ويشجعه ويأخذ بيده إلى الأمام، فيشعر الطالب بالأمن وأن عين أبيه معه وبجانبه تراقبه، فيهتم بدروسه ويتحسن سلوكه وتستقيم أخلاقه، كما ويشعر المعلم أن ولي الأمر معه يسانده ويقدر جهده وعمله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©