الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات تحيي اليوم ذكرى رحيل زايد العطاء

الإمارات تحيي اليوم ذكرى رحيل زايد العطاء
19 أغسطس 2011 01:08
تصادف اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك 1432 هجرية، الذكرى السنوية السابعة لرحيل مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها وعزتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي ستظل روحه حية وخالدة في ذاكرة ووجدان الوطن والمواطنين وقلوب ونفوس الأمة العربية والإسلامية، بعد حياة مشهودة حافلة بالعطاء، وهب خلالها نفسه وكرس كل جهده وعمل بتفان وإخلاص لخدمة وطنه وشعبه وأمته العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، ونقش سيرته في التاريخ كنموذج للقيادات الملهمة الحكيمة التي تجمعت وتوحدت قلوب الناس جميعاً حولها، وأجمعت على مبادلته الحب والوفاء والولاء المطلق. ووهب زايد نفسه لبناء وطنه وخدمة مواطنيه وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم في الحياة الكريمة الرغدة، وقاد ملحمة البناء من مرحلة الصفر بإقامة المدارس ونشر التعليم، وتوفير أرقى الخدمات الصحية ببناء أحدث المستشفيات والعيادات العلاجية في كل أرجاء الوطن، وإنجاز المئات من مشاريع المستوطنات البشرية التي شكلت منظومة من المدن العصرية الحديثة التي حققت الاستقرار للمواطنين. لقد كان بحق رجل التنمية. وأجمع العالم على أن زايد كان زعيماً رائداً ورجل دولة قوياً يتمتع بالحكمة وبُعد النظر، أسهم في دعم قضايا أمته العربية والإسلامية من أجل تحقيق وحدة الصف والتضامن بين شعوبها والدفاع عن حقوقها. كما دعم القضايا العالمية بمواقفه الصريحة والشجاعة، ومبادراته العديدة على صعيد العمل القومي وفي ساحات العمل الإنساني لخدمة البشرية جمعاء. كما أولى العالم اهتماماً وتجاوباً مع الجهود المتصلة لزايد في الدعوة إلى نشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال في الإسلام، والى الحوار والتقارب بين الثقافات والحضارات والأديان من أجل بناء مستقبل آمن ومزدهر للإنسانية جمعاء. وحفل سجل المغفور له القائد زايد بصفحات ثرية من المنجزات الوطنية العظيمة التي أوصلت بلادنا إلى ما هي عليه اليوم من مكانة ورفعة وعزة وازدهار ورخاء، وما تنعم به من أمن واستقرار وطمأنينة، وذلك على مدى نحو ستة عقود من العمل الوطني والقومي، منذ تعيينه حاكماً لمدينة العين والمنطقة الشرقية في العام 1946 إلى توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في السادس من أغسطس 1966 وحتى انتخابه رئيساً للبلاد بعد إعلان اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 1971. ولادة ونشأة ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في نحو العام 1918 في قصر الحصن بوسط مدينة أبوظبي، وهو رابع أربعة أبناء رزق بهم الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان الذي حكم إمارة أبوظبي بين أعوام 1922 و1926 وكان ترتيبه الحادي عشر في سلسلة حكام آل نهيان، وقد عرف عنه شجاعته وحكمته وقدراته على بسط الأمن والسلام والنظام ونظمه للشعر والنشيد واهتمامه بالزراعة والمياه والري، حيث بنى فلج “المويجعي” مما أدى إلى ازدهار قرية المويجعي في مطلع الستينيات. وقد تفتحت عينا زايد وسط البيئة القاسية والحياة الصعبة التي عاشها سكان إمارة أبوظبي في تلك المرحلة من تاريخها، حيث بدأ في الاطلاع على أصول الدين وحفظ القرآن الكريم ونسَج من معانيه نمط سلوكه ونهج حياته. ثم بدأت المرحلة الثانية من حياته، عندما انتقل من أبوظبي إلى العين، حيث أظهر شغفه المتزايد بالمكونات التقليدية التي يتصف بها البدوي الأصيل كالصيد بالصقور وركوب الخيل والهجن وإتقان الرماية، وقد أمضى في مدينة العين وضواحيها السنوات الأولى من فجر شبابه وترعرع بين تلالها وجبالها وصحرائها واستمد الكثير من صفائها ورحابتها واشتهر بشجاعته وإقدامه وهو لا يزال صبياً، وشكلت مكونات تلك الفترة بكل تجربتها وأبعادها خصائص زعامته الفذة وفلسفته في الحياة. وأتقن زايد، عندما أصبح شاباً، فنون القتال والصَّول والجوْل والإقدام، وبدأت ثقافته تكتسب بعداً جديداً فولع بالأدب والشعر والتاريخ وأبدى اهتماماً كبيراً بمعرفة وقائع تاريخ العرب وأمجادهم، وكان من أمتع أوقاته الجلوس إلى مجالس كبار السن ليستمع منهم عما يعرفونه من سِير الآباء والأجداد وبطولاتهم، حيث بدأت الشخصية القيادية للشيخ زايد تتبلور وتظهر بجلاء خلال هذه الحقبة من بداية الأربعينيات. وبعد أن عين حاكماً للمنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي في العام 1946، أظهر زايد قدرات كبيرة في إدارة شؤون العين والمناطق التابعة لها، وكرس كل طاقاته وجهوده لخدمة المواطنين وتحسين أحوالهم المعيشية. وتقدم صفوفهم في العمل رغم شح الإمكانات التي كانت متاحة. فقد لجأ زايد إلى تنمية الزراعة وحفر الأفلاج وكان يشارك الرجال النزول إلى جوف الأرض ويرفع معهم التراب، حيث شهدت تلك الفترة عملية إصلاح زراعي محدودة أسهمت في تطوير المنطقة وازدهارها. واستحدث أول نظام للري ألغى به تجارة الماء التي كانت سائدة في المنطقة الشرقية، مؤكداً.. “إن مياه الأفلاج الآتية من جوف الأرض يجب أن تكون من حق كل الناس الذين يعيشون فوق هذه الأرض”. وافتتح أول مدرسة في العين في العام 1959 وهي المدرسة “النهيانية” ثم أنشأ مستشفى العين وسوقا تجارية وشبكة محدودة من الطرق نظراً لشحّ الإمكانات المادية وقتها، واكتسب منذ ذلك الوقت حبّ مواطنيه وثقتهم فيه. وحظي زايد خلال فترة حكمه للمنطقة الشرقية بإجماع وولاء رعيته التي أحبته لأسلوبه السهل الواضح في معاملته لهم ولعلاقته الحميمة الودودة بهم ولحكمته وعدله، فقد كان بالنسبة لهم رب الأسرة، كما يؤكد ذلك الرحالة البريطاني ويلفريد ثيسجر أو مبارك بن لندن في مشاهداته التي تضمنها كتابه الشهير “الرمال العربية” بقوله، “إن زايد رب أسرة كبيرة يجلس دائما للاستماع إلى مشاكل الناس ويقوم بحلها. ويخرج المتخاصمون من عنده وكلهم رضا بأحكامه التي تتميز بالذكاء والحكمة والعدل”. ولم تتوقف طموحات زايد وتطلعاته بما أنجزه من تحولات إصلاحية محدودة في مدينة العين وبما حققه من استقرار في المنطقة، بل كانت نظرته الثاقبة للأمور وملَكته الفطرية على استشراف المستقبل تمتد إلى أبعد من العين بكثير. كان يتأمل بصبر الأحوال التي كان عليها وطنه الكبير والظروف الصعبة التي يعيش فيها المواطنون، وكان يتطلع بثقة وأمل إلى تبديل حال الوطن وتحسين أحوال المواطنين. وقد عبّر عن طموحاته وتطلعاته لتحقيق هذه الأهداف بقوله.. “كانت أحلامي كثيرة. كنت أحلم بأرضنا تواكب حضارة العالم الحديث ولكنني لم أستطع أن افعل شيئاً ولم يكن بين يدي ما يحقق الأحلام، ولكنني كنت واثقاً من أن الأحلام سوف تتحقّق في يوم من الأيام”. وشكّلت أول رحلة قام بها زايد خارج البلاد في العام 1953 إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والتي أعقبها زيارات إلى عدد من الدول العربية والإسلامية، روية واضحة زادت من قناعاته بمدى حاجة البلاد إلى التنمية والتطور واللحاق بركب الحضارة والتقدم. وحظيت هذه الجولات لعدد من عواصم العالم المهمة بأصداء واسعة سياسياً وإعلامياً وقوبلت بارتياح محلى وباهتمام عالمي، خاصة وأنها تزامنت مع بدء جهود التنقيب عن النفط في إمارة أبوظبي والإعلان عن اكتشاف البترول بكميات تجارية في العام 1958 ومن ثم تصدير أول شحنة من النفط الخام المنتج من حقل أم الشيف البحري في العام 1962. وبرزت بعد هذه الجولات شخصية زايد القيادية وقدراته السياسية ليكون رجل البلاد القوي المنتظر في إمارة أبوظبي. مقاليد الحكم وبالفعل، سطعت شمس السادس من أغسطس من العام 1966 لتضيء بإشراقتها المستقبل الباهر الذي شهدته إمارة أبوظبي بإعلان القرار التاريخي بمبايعة أسرة آل نهيان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكماً لإمارة ابوظبي. وقد قبل الشيخ زايد تحمل المسؤولية الجسيمة تجاوباً مع إجماع أسرة آل نهيان ونبض الشعب وبذلك بدأت مرحلة تحول تاريخي في البلاد. وأعلن زايد، منذ اللحظات الأولى لتوليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، عزمه على تسخير عائدات الثروات النفطية لبناء تقدم الوطن وتحقيق سعادة المواطنين، مؤكداً “إذا كان الله عز وجل قد منّ علينا بالثروة فإن أول ما نلتزم به لرضا الله وشكره هو أن نوجّه هذه الثروة لإصلاح البلاد ولسوْق الخير إلى شعبها”. وتعهد زايد للرعية.. “إن من حقوق الله علينا رعاية من ولاّنا الله إياهم بقدر ما في الوسع والطاقة، وإن من رضوان الله على عباده أن يقوم بعضهم بالبعض الآخر، وإن الله لا يولّي على عباده إلا من يرفق بهم ويطبق شريعته”. وأضاف مؤكداً.. “إنني مثل الأب الكبير الذي يرعى أسرته ويتعهد أولاده ويأخذ بيدهم حتى يجتازوا الصعاب ويشقوا طريقهم في الحياة بنجاح”. وانطلقت عجلة البناء والتعمير في كل مكان تقهر الصعاب وتهزم المستحيل بجهود مخلصة وعزيمة معطاءة وإرادة صلبة لقائد فذّ نذر نفسه لازدهار وطنه وإسعاد شعبه. وكانت مدينة أبوظبي، عندما تولى زايد مقاليد الحكم فيها كما هو الحال بالنسبة لمناطق إمارة أبوظبي الأخرى، جزيرة رملية صحراوية قاحلة تحيط بها مياه الخليج من كل الجوانب، لا يوجد بها سوى مجموعة من البيوت المتناثرة معظمها من “العريش” وكانت تفتقر إلى أبسط الخدمات من طرق أو مياه أو كهرباء أو مدارس أو مستشفيات وغيرها من الخدمات الأساسية الضرورية للسكان. وبدأت مرحلة سنوات خالدة حافلة بالعمل الدؤوب والإنجازات المتلاحقة بأن سخّر زايد عائدات الثروة النفطية لانتشال إمارة أبوظبي من حالة التردي الاقتصادي والاجتماعي التي كانت عليها، حيث أكد في هذا الخصوص.. “إن مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار ويتوجب أن تسبق بالأولوية والاهتمام والغاية أي مصلحة أخرى”. وانطلقت عمليات التطوير والبناء بإرساء قواعد الإدارة الحكومية السليمة وبناء المؤسسات التنظيمية والمالية والإدارية والمرافق والدوائر الحكومية التي تتولى الإشراف على تنفيذ مشاريع التنمية. وتدفقت عائدات الثروات البترولية بسخاء للإنفاق في إقامة مشاريع التطوير والخدمات والبنية الأساسية، وبدأ العمل في تنفيذ برامج طموحة سريعة وأخرى طويلة الأجل للتنمية الشاملة التي استهدفت شتى نواحي الحياة بالتبديل والتحديث للحاق بركب الحضارة والتقدم، فلا فائدة في المال كما كان يقول زايد.. “إذا لم يسخر لمصلحة الشعب”. ولم يسخّر زايد المال فقط ويوظفه لإسعاد أمته، بل نذر نفسه لخدمتها وأخذ يجوب البلاد طولًا وعرضاً يتابع بنفسه عمليات التشييد والبناء ويتنقل بين الحضر والقرى والصحارى يتفقد مشاريع الإنماء والإعمار، ويقود تحدياً غير مسبوق للحاق بركب الحضارة والتحديث والتقدم. منجزات عملاقة وحقّقت إمارة أبوظبي، خلال سنوات قلائل، منجزات عملاقة تم تنفيذها في زمن قياسي بكل المعايير والمعدلات الدولية للتنمية، وشهدت تحولات جذرية على طريق التقدم والازدهار، حيث تم في إطار خطط متلاحقة للتنمية الشاملة تنفيذ المئات من مشاريع التطوير والتحديث والخدمات في آن واحد، والتي انطلقت من وضع أول مخططات حديثة لتطوير المدينة على أسس عصرية، بإقامة العديد من المدن السكنية الحديثة وبناء المستشفيات والعيادات الصحية والهياكل الأساسية للبنية التحتية من طرق وجسور وأنفاق وكهرباء ومياه وخدمات المواصلات والاتصالات وغيرها من مرافق الخدمات الأساسية لبناء نهضة الوطن وتلبية طموحات المواطنين وتطلعاتهم في الرخاء والأمن والاستقرار. وشملت مخططات التطوير والتحديث لإمارة أبوظبي إقامة العديد من المدن العصرية الحديثة، وتجميل المدينة بإنجاز معجزة التشجير والمسطحات الخضراء، مما أحال الصحراء القاحلة التي كانت تحيط بالجزيرة إلى حدائق غناء تحتضن المئات من مختلف الأنواع والألوان من الزهور. دولة الإمارات وتحولت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال سنوات قلائل من بناء اتحادها إلى دولة عصرية مزدهرة ينعم مواطنوها بالرفاه والرخاء بفضل القيادة الحكيمة والعطاء السخي والجهود المخلصة بقيادة زايد، كما عمل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خلال المسيرة الاتحادية على تحقيق الوحدة الوطنية بين المواطنين وتوفير الحياة الكريمة لهم. وقد تكللت هذه الجهود المخلصة في بناء الإنسان بالنجاح الباهر، وأصبح الواقع المعاش لما وصل إليه الإنسان في دولة الإمارات من رقى يعكس مدى أهمية هذا الإنجاز في مسيرة الاتحاد والوطن. وكان الشيخ زايد يحرص، في إطار اهتمامه ببناء الإنسان، على الالتقاء بأبنائه المواطنين الذين يدرسون في الخارج لحثهم على الجد والمثابرة في التحصيل العلمي لخدمة وطنهم ومواطنيهم والمساهمة في مسيرة البناء والتقدم بجد وإخلاص. وأعطى زايد اهتماماً كبيراً في رعاية ثروة الوطن من الشباب، وحرص على دعوتهم باستمرار إلى التسلح بالعلم والأخلاق حتى يسهموا بدورهم في خدمة الوطن، وأن يلموا بالماضي وظروفه الصعبة والمشاق التي عاشها آباؤهم وأجدادهم ليلموا بحاضرهم ويستشرفوا آفاق مستقبلهم. وتحققت اليوم رؤيته المستقبلية الثاقبة في النجاح الذي حققته مؤسسة صندوق الزواج منذ تأسيسها في العام 1993 في دعم النسيج الاجتماعي وتعميق الانتماء في بناء أكثر من 60 ألف خلية أسرية جديدة، عدا مبادرة الأعراس الجماعية التي ابتكرتها مؤسسة صندوق الزواج، والتي يتكفل بنفقاتها أصحاب السمو الشيوخ ورجال الأعمال وأهل الخير، وأسهمت أيضاً في بناء خلايا المجتمع المواطن. الاهتمام بالمرأة واهتم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بنهضة المرأة وتقدمها وانتشالها من أغلال القهر التي كانت تكبلها، معلناً “إن المرأة نصف المجتمع وهي ربة البيت ولا ينبغي لدولة تبنى نفسها أن تبقى المرأة غارقة في ظلام الجهل أسيرة لأغلال القهر”، مؤكداً، “أنا نصير المرأة في كل ما يضيمها”. وحدد رؤية واضحة وشاملة لدور المرأة ومكانتها في المجتمع قائلاً.. “إن مشاركة المرأة في التنمية وإعادة تفعيل المجتمع أمر مهم، حيث إن الإسلام يحترم المرأة ويوقرها، وخصص لها مكانتها اللائقة والمناسبة في المجتمع”. ويضيف.. “إنني أشجع عمل المرأة في المواقع التي تتناسب مع طبيعتها وبما يحفظ لها احترامها وكرامتها كأم وصانعة أجيال”. وعمل على حث المرأة على اقتحام التعليم بجميع مراحله قائلاً.. “إن أملي في اليوم الذي أرى فيه الطبيبة والمهندسة والدبلوماسية بين فتيات الإمارات”. وشجع إنشاء الجمعيات النسائية وعمل على دعمها معنوياً ومادياً حتى تأسست جمعية نهضة المرأة الظبيانية في بدايات العام 1972 والتي أعقبها إنشاء جمعيات مماثلة في جميع إمارات الدولة، ومن ثم تأسيس الاتحاد النسائي العام في أغسطس عام 1975. ودعا إلى أن تفتح كل مجالات العمل أمام المرأة في إطار العادات والتقاليد العربية وأيد دخول المرأة معترك الحياة السياسية، مؤكداً على “مواكبة المرأة الإماراتية للرجل في كافة أوجه الحياة وأن لها الحق الكامل في المشاركة السياسية واتخاذ القرار”. وسبقت دولة الإمارات الكثير من دول العالم بالإقرار في دستور البلاد على المساواة بين المرأة والرجل وتمتعها بنفس الحقوق والواجبات، بما في ذلك حق العلم والعمل والحصول على الأجر المتساوي مع الرجل، وحق التملك وإدارة الأموال والأعمال، إضافة إلى امتيازات الوضع ورعاية الأطفال وغيرها من المكاسب التشريعية التي تكفل حقوقها الدستورية. وتواصلت إنجازات المرأة اتساقاً مع هذه الرؤية الواضحة، وأصبحت تشغل اليوم أربعة مقاعد وزارية في مجلس الوزراء، وتتمثل بتسع عضوات في المجلس الوطني الاتحادي، وبسفيرتين للدولة في إسبانيا والسويد من بين أكثر من 65 دبلوماسية يعملن في وزارة الخارجية، بالإضافة إلى عملها في الهيئة القضائية والنيابة العامة ومجالات الطيران العسكري والمدني وغيرها من المناصب العليا. الأبواب الديمقراطية وتفرد القائد زايد، بجانب ما يتفرد به من خصائص الزعامة الفذة والقيادة الرشيدة، بنهجين متميزين اتسمت بهما المسيرة الاتحادية، وهما أسلوب الأبواب المفتوحة في الممارسة الديمقراطية وتطبيق مبادئ الشورى بين المواطنين، وأسلوب القدوة في القيادة الذي يقوم على استنهاض الهمم واستنفار المشاعر الوطنية للرعية للمشاركة الفاعلة في مسؤوليات العمل الوطني. فالقيادة ومسؤوليات الحكم في فكر زايد أمانة عظيمة وبذل مستمر وعطاء سخي في خدمة الرعية. وأسهم نهج الشورى الذي اتبعه زايد والذي يتمثل في حرصه على اللقاءات المباشرة مع المواطنين في مواقع عملهم وبواديهم ومدنهم من خلال جولاته الميدانية المنتظمة لأرجاء الوطن، في ترسيخ ركائز الاتحاد وتدعيم بنيانه والتواصل مع المواطنين من خلال سياسة الأبواب المفتوحة بينه وبينهم، حيث أكد دائماً على هذا النهج بقوله.. “إن بابنا مفتوح وسيظل دائماً كذلك، ونحن نرجو الله أن يجعلنا دائماً سنداً لكل مظلوم. إن صاحب أي شكوى يستطيع أن يقابلني في أي وقت ويحدثني عن مظلمته مباشرة”. وحرص زايد، خلال هذه الجولات الميدانية لأرجاء الوطن كافة، على الالتقاء بالمواطنين على الطبيعة وتفقد احتياجاتهم والاطمئنان على أحوالهم ومتابعة سير العمل في مشاريع التنمية الزراعية والعمرانية والخدمية. كما حرص في هذه الجولات على الوقوف على الإنجازات التي تحققت لخدمة الشعب والاستماع إلى مطالب المواطنين واحتياجاتهم من مشاريع الخدمات بمناطقهم، وهو يقول لهم بكل رحابة صدر.. “إن هدفنا هو إسعادكم وكل ما تطلبونه هو رهن إشارتكم ما دام المال متوافراً، وهذه الثروة ملك للجميع وهدفنا النهوض بهذه البلاد، وهذه الثروة التي أنعم الله بها علينا يجب أن ينعم بها الجميع. ويتجلى حرص زايد على بسط العدل والعدالة ورعاية مصالح المواطنين والارتقاء بمستواهم المعيشي، في حديثه أمام المجلس الأعلى للاتحاد يوم 30 مايو 1996 حينما قال لهم.. “إن أولى الواجبات علينا كحكام أن نعمل جميعاً يداً واحدة للارتقاء بالمستوى المعيشي للشعب، وإنني أول من تقع عليه مسؤولية رعاية الوطن والمواطنين. وأداء الواجب فرضه الله علينا وأن المتابعة هي مسؤولية الجميع الكبير والصغير لكي نقوم بكل ما نستطيع على الوجه الأكمل، لان الشعوب ترتكز دائماً على القيادة وما تبذله من رعاية”. اتحاد إمارات الدولة بادر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بعد نحو عامين من توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي التي كانت قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق النهضة والتقدم، إلى دعوة إخوانه حكام الإمارات إلى الاتحاد في دولة واحدة قوية، انطلاقاً من توجهه الوحدوي المتأصل في فكره وفلسفته منذ أن كان حاكماً على منطقة العين في عام 1946 والذي ينبع من إيمانه القوي بالتراث العربي والإسلامي الذي يدعو إلى التعاون والتآزر والترابط والعمل على أعمار الأرض وإسعاد البشر، مؤكداً.. “إن الاتحاد هو طريق القوة وطريق العزة والمنعة والخير المشترك وان الفرقة لا ينتج عنها إلا الضعف وإن الكيانات الهزيلة لا مكان لها في عالم اليوم.. فتلك، كما كان يقول، عبر التاريخ على امتداد عصوره”. ولاقت المبادرة الخيرة أصداء واسعة واستجابة وقبولاً سريعين من إخوانه الحكام، وتواصلت بعدها سلسلة من المشاورات واللقاءات بين حكام الإمارات، أثمرت في الثاني من ديسمبر 1971 عن عقد أصحاب السمو حكام الإمارات الست جلسة تاريخية بقصر الضيافة بالجميرة بدبي برئاسة زايد أقروا فيها الدستور المؤقت للدولة الاتحادية، وتم انتخاب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي نائباً للرئيس، وتعيين الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيساً لأول وزارة اتحادية في البلاد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©