الجناح الأوكراني.. معروضات تتحدث بلغة الطبيعة

أشرف جمعة (أبوظبي) يعانق جمهور مهرجان الشيخ زايد التراثي، الذي تستمر فعالياته في العاصمة أبوظبي حتى 27 من يناير المقبل بمنطقة الوثبة، مفردات الموروث الشعبي العالمي بألوانه كافة، وفي الجناح الأوكراني كانت المنتجات الطبيعية الغذائية والجلدية الخزفية والرسم على الألواح تزين الدكاكين التراثية، فأوكرانيا التي تحل ضيفاً على المهرجان في دورته الحالية، هي ثاني أكبر دول أوروبا الشرقية، وهي موطن لمجموعة واسعة من الحيوانات والنباتات، فضلاً عن مناخها القاري المعتدل. جذب الجناح الكثير من الزوار بفضل التشكيلات الممزوجة بعبق الحرف التقليدية في صناعة الحقائب والمجسمات الحيوانية المصنوعة من الخشب والنحاس والأزياء التقليدية ومحاكاة الطبيعة في كل المعروضات ما يضع الجناح الأوكراني في موقع متميز، كما أن المهرجان استطاع أن يمزج الثقافات التراثية والموروثات الشعبية للأجنحة المشاركة مع بعضها بعضاً، فالتحمت الهويات الحضارية بتناغم عجيب في ساحات وأجنحة «زايد التراثي». صناعات تقليدية في مدخل جناح أوكرانيا في المهرجان كانت «جوليا جلوسي» ترتب بعض المعروضات التقليدية مع «إلينا ملينك»، في دكان يشتمل على الكثير من الحقائب الجلدية والأزياء الأوكرانية التراثية، وخصوصاً الأزياء الخاصة بالوقاية من المطر، فضلاً عن الأحذية الجلدية التراثية للأطفال والكبار والتي يتم ارتداؤها عادة في المناسبات الوطنية، بالإضافة إلى قطع منزلية تصلح لتزيين البيوت، وتبين جوليا أن الجناح الأوكراني يعبر عن الطبيعة الخصبة والحياة التي يعيشها المواطنون في أجواء الطبيعة البكر في أوكرانيا والمناخ القاري المعتدل، مشيرة إلى أن معظم هذه المعروضات تعبر عن أهمية الصناعات التقليدية والحرف اليدوية التي تشغل عقول الكثير من الحرفيين، وهو ما يجعل معظم المعروضات تزدهي بأشكالها المتنوعة التي تمتلئ بروح الفن والجمال، لافتة إلى أن الجناح الأوكراني يحرص على تفاعل الموروثات الأخرى، خصوصاً أن التراث العالمي عامل مشترك لأنه يحفظ الهوية الثقافية والإنسانية والحضارية للشعوب والأمم. مجسمات فنية ولا يخفي ألكسندر بيكو، أن المهرجان يتفاعل مع طموحات الفنانين الذين يؤدون أعمالهم في ضوء التراث ويستلهمون أفكارهم من الماضي ويستوحون أيضاً من الطبيعة ما يشبع رغبتهم في تقديم قطع ومجسمات ولوحات تعبر عن بلدانهم والأجواء التاريخية والإنسانية التي نشؤوا فيها، ويذكر أنه يجمع في دكانه الكثير من التحف التي عمل على تصنيعها بشكل تراثي مثل القطع الخشبية للحيوانات، وبعض المجسمات التي تحتوي على نقوش فنية ولوحات للزهور والطبيعة، ويشير إلى أن المهرجان يعبر عن أوجه التراث العالمي ويرسم صورة مزدهرة للماضي، وهو من المهرجانات العالمية المهمة التي ترسخ لجانب مهم من الأعمال الحرفية التي تثري الحياة وتجذب أفراد المجتمع. عقود وأساور جانب آخر ظلل أحد دكاكين جناح أوكرانيا في المهرجان يتمثل في عرض مجموعة من العقود والأساور والحلي التقليدية للنساء والأطفال مطعمة بالعقيق والخرز، حيث تشير جانا نيفيرا إلى أنها تعمل في إطار الحفاظ على الحرف التقليدية في صناعة العقود والأساور التي يستخدمها الكثيرون، مما يعبر عن ثراء الصناعات اليدوية ومن ثم الاعتماد على الحرفية والإبداع في التشكيل، وتشير إلى أنها تعمل في هذه المهنة من أجل المحافظة على موروثات شعبية من خلال تشكيل قطع من النحاس والجلد والفضة وتطعمها بأحجار العقيق الأصيلة، وهو ما يجعل معظم المعروضات تأخذ نسقاً جمالياً، وتبين جانا، أن المهرجان جمع أصحاب الحرف في إطار التفاعل والتقارب للتعريف بعادات وتقاليد الشعوب، في إطار المحافظة على موروثه، عبر أعمال تحاكي جمال الطبيعة وتغوص في أسرار الصناعات التقليدية. العسل الأوكراني ونظراً للطبيعة البكر في أوكرانيا وانتشار الكثير من الزهور الطبيعية والأشجار النادرة والأجواء المناخية المعتدلة، فإن بعض أنواع العسل الأوكراني يمتاز بالجودة، فالنحل يتغذى على نباتات وأشجار وزهور نادرة، وهنا يشير أركادي جولاي إلى أنه يعرض في دكانه تشكيلة متنوعة من العسل الطبيعي الصحي والذي يعالج الكثير من الأمراض ويعزز مناعة الإنسان، فضلاً عن عرض بعض الأطباق والمزهريات ومجسمات للحيوانات كتحف منزلية وأكواب مصنوعة من الفخار ويضع أيضاً على جدران المحل عدداً من اللوحات التي تعبر عن الطبيعة الخضراء، وأنه يرسم مزهريات بأشكال متنوعة ويحاول أن يحاكي من خلال النقوش الورود الطبيعية، ويرى أن التفاعل مع موروثات الشعوب الأخرى يعمق لديه تجربة جمالية خاصة ويطلعه على الكثير من الموروثات الشعبية الأصيلة، لافتاً إلى أنه تعمق في أسرار الموروث الإماراتي، الذي يتخذ لوناً مختلفاً مما يجعله متميزاً بين مفردات التراث العالمي. عصائر طبيعية وتقول تاليا أولاتشي، إنها تقدم مجموعة من العصائر الطبيعية الخالية من السكر، وخبز الأرز وكعك الأرز أيضاً، وأعواد الذرة الحلوة غير المصقولة بطعم الحليب، وكذلك أطعمة طبيعية وزيوت أصيلة نقية مستخلصة من زهرة دوار الشمس، وتلفت إلى أن العالم في كل أزماته الصحية يعود للطبيعة والماضي في صنع الأطعمة الخالية من الدسم والتي تعمل على تعزيز الصحة وتعيد للمرء الحيوية والنشاط، وأنها سعيدة بالتجربة التي خاضت غمارها في هذا المهرجان العالمي الذي يؤكد أن العودة للماضي تجمل طبيعة الحاضر وتحافظ على موروث الإنسان في المستقبل. طعام صحي تذكر جوليا أوليبي، أنها تعمل على تقديم قطع من الأطعمة الصحية المشهورة في أوكرانيا، خصوصاً أن الطبيعة هناك تسهم في وجود أغذية صحية يتم إنتاجها من نباتات طبيعية، وتذكر أنها تحاول أن تقدم منتجات تسهم في تعزيز صحة أفراد المجتمع في ظل انتشار الأمراض التي يرجع أسبابها إلى تناول الأطعمة السريعة، وتوضح أن هذه الأغذية التي تعرضها تلقى إقبالاً كثيراً من زوار المهرجان على الجناح الأوكراني، خصوصاً أن المعروضات تتفاعل مع الموروثات العالمية الأخرى لكن بشكل مختلف، وهو ما يجعل لكل جناح طابعه الخاص، وتلفت إلى أن المهرجان يشمل عدداً من الموروثات التي تعبر عن رصيد وافر للحياة الإنسانية والعملية في الماضي وأن مثل هذه الموروثات طفت على صفحة الحاضر بفضل الجهود المبذولة من قبل رعاة التراث الإنساني والتي تظهر بجلاء في مثل هذه الفعاليات الكبرى. لوحات ناطقة تورد إرينا مارتين، التي تضع في دكانها مجموعة من اللوحات الناطقة المعبرة، أنها تستوحي من الطبيعية الرحبة في أوكرانيا الكثير من الموضوعات التي تشكل لوحاتها الفنية، لافتة إلى أنها تعرض لوحات زيتية للأنهار والأشجار والبيوت التقليدية، وكذلك لوحات للطبيعة الباردة ومنظر تدافع الثلوج، فضلاً عن أعمال أخرى تتعرض بالتشكيل الفني لتجسيد الخيول بأشكالها المختلفة، وتشير إلى أنها أيضاً استطاعت أن تشكل مجسمات للطيور وترسم لوحات للجمل «سفينة الصحراء»، وأنها رسمت بعض هذه الأعمال محاكاة للطبيعة، خصوصاً أن الدولة المستضيفة لها تاريخ طويل في الحفاظ على موروثات عريقة تتعلق بالجمل والخيل والصحراء، وتبين أنها أيضاً قدمت لوحات تصور المرأة الأوكرانية في المناطق الريفية، موضحة أن الفنون جزء من تاريخ وثقافات الشعوب، وهي تعبر عن رؤيتها للماضي في إطار الحاضر.