الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثبات على الطاعات من أخلاق المسلمين في أعقاب رمضان

الثبات على الطاعات من أخلاق المسلمين في أعقاب رمضان
15 أغسطس 2013 20:47
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.. وبعد منذ أيام غادرنا شهر رمضان، شهر القرآن والإيمان، فودعه المؤمنون بقلوب يملؤها الحزن العميق، ونفوس يعتصرها الألم على فقده وفراقه وبعده. وَلَكَم يتمنى المؤمنون أن يكون رمضان العام كله، لما يعلمون فيه من الخير والبركة، وغفران الذنوب والرحمة، وصلاح القلب والأعمال. الثبات على الطاعات إن الثبات والاستمرار على الطاعة من أخلاق المؤمنين، فقد كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يدعو قائلاً: «يا مُقَلِّب القلوب ثبِّتْ قلبي على دينك»، (أخرجه الترمذي)، ومن دعاء الراسخين في العلم: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)، «سورة آل عمران، الآية 8»، أي لا تزيغ بعد الهداية، ولا تنحرف بعد الاستقامة، لذلك كان رسولنا عليه الصلاة والسلام يحث المسلمين على وجوب الاستمرار في الطاعات لقوله صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ»، (أخرجه الشيخان). ومما يُؤْسف له أن بعض المسلمين الذين حافظوا على الطاعات خلال شهر رمضان المبارك من صلاة وصيام وصدقات وتلاوة للقرآن الكريم، قد هجروا المساجد وانقطعوا عن الطاعات، ومن المعلوم أن راحة المؤمن في طاعة ربه، وأن عمله لا ينقضي حتى يأتيه أجله، لذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بوجوب الثبات على الطاعات والخيرات: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، «سور الحجر، الآية 99». ولقد استقبل المسلمون قبل أيام عيد الفطر المبارك، ومن المعلوم أن العيد مناسبة طيبة ومباركة، يجمع الله بها شمل المؤمنين ويؤلف بها بين قلوبهم، حيث يتقابلون في المساجد والمُصَلَّيات والأسواق والطُرقات فيصافح كلٌ منهم الآخر، ويتبادلون التهاني، وبهذه المناسبة يسعدنا أن نتقدم من أبناء الأمتين العربية والإسلامية بأصدق التهاني والتبريكات قائلين: كل عام وأنتم بخير، «تقبل الله منا ومنكم»، (أخرجه الطبراني). قلوب متحابة ففي يوم العيد يتجلى الله على عباده، فيغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم، ويرحمهم ويوفيهم أجرهم بغير حساب، وفيه يظهر الناس وقلوبهم مُتَحابة، وصدورهم مُتَصافية، وأيديهم مُتَصافحة، فتبدو أخوة المسلمين كأقوى رابطة، وأوثق صلة، ومن المعلوم أن العيد في الإسلام مناسبة طيبة لجمع الشمل وصفاء القلوب، وبرّ الوالدين واجتماع الإخوة، ووسيلة للتعارف وصلة الأرحام. وفي العيد، دعوة إلى تأكيد أواصر المودة بين الجيران والأصدقاء، والتراحم بين الأقرباء، والتعالي على أسباب الحقد والشحناء. وفي يوم العيد يعطف الأغنياء على الأيتام و الفقراء والمحتاجين، فتدخل البسمة والفرحة كل البيوت، وتظهر وحدة المسلمين وتكافلهم، فهم كالجسد الواحد، فليس بينهم محزون ولا محروم. الجوائز والمكافآت مضى شهر رمضان، وجاء عيد الفطر المبارك، وَهَنَّأَ المسلمون بعضهم بعضا في أيام العيد مرددين: «تقبل الله منَّا ومنكم الطاعات، وكل عام وأنتم بخير». نعم جاء العيد، ليفرح فيه المؤمنون الصائمون، يفرحون شكراً لله سبحانه وتعالى الذي وفقهم لصيام نهاره وقيام ليله، كما جاء في الحديث الشريف: «وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه»، (أخرجه البخاري)، والله عزَّ وجل يُقَدِّمُ لعباده المؤمنين الذين صاموا نهار رمضان حقَّ الصيام، وقاموا لَيلَهُ حقَّ القيام، جائزة التوفيق في أعمالهم، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: «إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا: اغدوا يا معشر المسلمين إلى ربٍّ كريم، يَمُنُّ بالخير، ثم يُثيب عليه الجزيل، لقد أُمِرتم بقيام الليل فَقُمْتم، وَأُمِرتم بصيام النهار فَصُمْتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صَلُّوا نادي منادٍ: ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويُسَمَّى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة»، (أخرجه الطبراني). حكمة الأعياد لقد ارتبطت الأعياد في الإسلام بمواقف مشهودة وعبادات جليلة، فهناك عيدان سنويان هما: عيد الفطر ويرتبط بشهر رمضان المبارك، وعيد الأضحى ويرتبط بمناسك الحج المقدسة. فقد ورد في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: «قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما»، فقال: «ما هذان اليومان»؟ قالوا: كنَّا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر»، (أخرجه أبو داود). ورحل شهر الصيام مضى وانقضى شهر الخيرات والبركات، شهر رمضان المبارك، والناس قسمان: منهم من أطاع ربه وخاف يوم الوعيد، فهنيئاً له، وله عند الله المزيد، ومنهم من عصى ربَّه، وقصّر في طاعته، ونسي يوم الوعيد (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ)، «سورة ق الآية (30)»، هذا الصنف من الناس ندعو الله لهم بالهداية والرشاد، والتوبة الصادقة قبل الممات (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بقَلْبٍ سَلِيمٍ)، «سورة الشعراء، الآيتان (88 - 89)». لقد انقضى رمضان، ككلِّ شيء في هذه الدنيا ينقضي ويزول، كلُّ جمع إلى شتات، وكلُّ حي إِلى ممات، وكلُّ شيء في هذه الدنيا إلى زوال، (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، «سورة القصص، الآية 88)». صومُ الستِّ من شوال شُرِعَ الصومُ بعد شهر رمضان لما ورد في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر»، (أخرجه مسلم)، كما ورُوِيَ عن ثوبان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من صام ستةَ أيام بعد الفطر، كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها»، (أخرجه ابن ماجة والدارمي)، كما ورُوِىَ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صيام شهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعدهن بشهرين، فذلك تمام سنة، (أخرجه الدارمي) يعني شهر رمضان، وستة أيام بعده. الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©