الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرقمي أصعب

18 أغسطس 2011 22:32
بقدر ما قدّم العصر الرقمي فرصاً لم تخطر على بال العاملين في صناعة ومهنة الإعلام بقدر ما يجعل مهمة البقاء والتطوير شاقة وشائكة، وحتى الآن لم ينته خبراء ورواد الإعلام الرقمي إلى معادلة أو خلطة واضحة المواصفات اللازمة للنجاح. لذا تعيش الكثير من المؤسسات الحقيقية حالًا من صراع البقاء حتى وأنها بدأت تتعايش مع التكنولوجيا الإعلامية الجديدة بالتوفيق بين القديم والجديد. ولوهلة، سادت في البداية الرقمية نظرية، سطحية للغاية، ومفادها أن المحتويات المجانية، للمواقع الإعلامية والإخبارية ستؤدي إلى جذب عدد زوار كفيل بجذب إعلانات تغطي التكلفة اللازمة للاستمرار، وقد توفر ربحاً يضمن حداً من التطوير والتوسع. لكن لم يلبث أن أخذ هذا المنظور يتداعى، شاملاً الجميع: المؤسسات العريقة التي تحولت إلكترونياً ورقمياً، أو المؤسسات الرقمية البحتة التي تعفي نفسها من الفاتورة الباهظة للطباعة والتوزيع على نقاط البيع والتي لا يكاد مردود معظمها الإعلاني، يغطي مصاريف القهوة للعاملين فيها. حيال هذه الخيبة الأولى سارع البعض من المؤسسات الغربية إلى اعتماد نموذج المحتويات المدفوعة كلياً أو نسبياً، وهو أمر قوبل ولايزال بموجة انتقادات وشكوك واسعة، لاسيما بعدما ظهرت مؤشرات أولية تدل على أن الارتفاع في عدد المشتركين في المواقع يتم غالباً على حساب المشتركين بالنسخ المطبوعة. هذه التجربة الغامضة النتائج «الاستراتيجية» حتى الآن لا تعني أن هناك بدائل وخيارات كثيرة. مؤخراً لفتني ما أدلى به قبل يومين الرئيس التنفيذي لصحيفة «شيبستد» (Schibsted) أريك رايسدال الصادرة في النرويج التي تعتبر أول من خاض تجربة العالم الرقمي، والصحيفة الأكثر تعمقاً فيه برأي بعض المتخصصين، ويقول رايسدال إن المحتوى المجاني لايمكن أن يستمر طويلاً، مطلقاً صرخة عامة بضرورة البحث عن طرق لتعويض ما تخسره الصحف من العوائد التي كانت تجنيها من «العصر الطباعي». لكن أهم تحدٍ أشار إليه رايسدال هو ضرورة البحث عن مواد «مستديمة» تسمح للصحف الرقمية بممارسة «الأعمال المهمة» التي تمارسها الصحف القديمة أي الصحافة الاستقصائية. كلام رايسدال جاء في إطار التحضير لمؤتمر عام للناشرين ورؤساء تحرير الصحف يعقد بعد أقل من شهرين في فيينا لبحث سبل إعادة نظر الشركات الصحفية في أوضاعها من أجل الاستعداد للمستقبل. وأنا على ثقة بأن المؤتمر والمشاركين فيه لابد أن يتوصلوا عاجلاً أو آجلاً إلى الوصفة المطلوبة للنجاح، لسبب أساسي وهو أنهم جزء مهم من صناعة القرار في بلدانهم، ولأنهم يتشاركون في التجارب والمخاطر، ولأن الوضع المالي لمعظم شركاتهم تقوم على أسس «اقتصادية» تدفعهم للإنتاج والتفكير والابتكار. وهنا يكمن وجه الاختلاف عن ناشري وأصحاب المؤسسات القائمة على أسس غير منطقية وغير تجارية ويكمن سبب عدم اهتمامهم بما سيجري في العالم الرقمي، وبما سيؤول إليه الإعلام طالما أن الوارد وارد والصادر صادر، سواء كانت أعمالهم مهمة أو غير مهمة، وسواء كان ذلك في الصحافة القديمة أو الجديدة. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©