السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فيرجسون.. والتوقيف التحقيقي

3 سبتمبر 2014 23:00
رصد مسح أجراه مركز «بيو» لاستطلاعات الرأي، بوناً شاسعاً بين رؤية البيض ورؤية السود لما حدث في فيرجسون بولاية ميسوري الأميركية. فهناك ثمانون في المئة من السود يجدون أن إطلاق النار على مايكل براون الأميركي الأفريقي الأعزل من السلاح «يثير قضايا مهمة عن العنصرية يتعين مناقشتها». لكن 37 في المئة فقط من البيض يعتنقون الرأي نفسه. وبعد إجراء مقابلات مع مئات الأشخاص عن خبرات تعاملهم مع الشرطة تمكنا من معرفة سبب هذا التفاوت. فالأميركيون الأفارقة لا يتعرضون لعمليات توقيف من الشرطة أكثر من البيض فحسب، بل إن نوع عمليات التوقيف نفسها مختلف أيضاً. وبالنسبة لكثيرين من الأميركيين الأفارقة، فإن توقيف الشاب البالغ من العمر 18 عاماً في شارع بمدينة فيرجسون يذكرهم كثيراً بمرات التوقيف التي كان يخشون انزلاقها إلى العنف. وربما يقول الكثير من الرجال السود الآن «لولا فضل الله لما مرت بسلام». ونحن نطلب من القراء البيض أن يتمرنوا على هذا التدريب الذهني المستقى من أمثلة فعليه من مقابلاتنا: لتفترض أن ضابط شرطة استوقفك بينما كنت عائداً إلى المنزل قادماً من العمل. ولم يقل الضابط إنك تجاوزت السرعة المسموح بها أو كسرت إشارة حمراء. بل يسألك: من أين أتيت وإلى أين تذهب؟ وبينما تجيب يحوم حول سيارتك بكشاف. ثم يتركك تذهب دون توقيع غرامة أو أي تفسير. ثم بعد خمس دقائق يوقفك ضابط آخر ويطرح عليك الأسئلة نفسها ليخلي سبيلك ثانية. أو افترض أنك تقف في ساحة بحي عادي للطبقة العاملة تتحدث إلى أصدقائك. ثم يتقدم شرطي بسيارته ويتوقف ويقترب واضعاً يده على مسدسه. ثم يصيح «لا أحد يتحرك. . . اجعلوا أيديكم في أماكن يمكنني رؤيتها وأخرجوا بطاقات هوياتكم». أو افترض أنك تعود إلى المنزل قادماً من المدرسة مع زملائك ثم أمركم شرطي بالتوقف. ثم يخبركم أنكم تشبهون مشتبهين بهم في عملية سرقة وقعت في الآونة الأخيرة ثم يصفدكم جميعاً بالأغلال ويجعلكم تجلسون على جانب الطريق لتنتظروا وصول شاهد يتحقق منكم. ثم بعد ساعة، يخلي الشرطي سبيلكم دون أي تفسير. والآن افترض أنك أسود وسمعت الكثير جداً من قصص مثل هذه من الأصدقاء السود وأفراد العائلة. كيف ستشعر؟ نحن واثقون من أن شعورك سيكون شبيهاً بالسائقين السود الذين أجرينا معهم مقابلات وهو الاستياء والغضب بل وانتهاك الحقوق. والحوادث التي ذكرناها من قبل تسمى التوقيف التحقيقي. وعلى خلاف توقيف سلامة حركة السير التي يكون الغرض منها معاقبة منتهكي سلامة الطرق، يقصد بعمليات التوقيف التحقيقي فحص إذا ما كان الشخص متورطاً في نشاط إجرامي خطير. وكشفت مقابلاتنا عن أن البيض معتادون تماماً على التوقيف لفحص سلامة الطرق، بينما خبراتهم قليلة فيما يتعلق بالتوقيف التحقيقي. أما السود، فنصف عمليات التوقيف التي تحدثوا عنها كانت بغرض التحقيق. ويتسم التوقيف التحقيقي بالتوتر لأن الخاضعين له يعتبرونه غير منصف ويخشون مما قد يبدر من الضابط. ويتساءل الخاضعون لهذا النوع من التوقيف: إذا كان الضابط يستطيع تقييدي بالأغلال لمجرد أنني كنت أقود السيارة عبر حي للبيض فما الذي يمنعه من فعل ما هو أسوأ؟ وذكر أميركيون أفارقة أنهم يحاولون تفادي التصعيد من خلال تحمل تطفل الضابط في صمت وتعليم أطفالهم عمل الشيء نفسه. وضباط الشرطة يدركون أيضاً أن التوقيف التحقيقي يجعل الناس مستائين وعصبيين، ما يزيد في المقابل من توتر الضباط والجهد الذي يبذلونه كي يسيطروا على أنفسهم. والدرس المحوري من المقابلات التي أجريناها هو أن الأميركيين الأفارقة يخشون انزلاق هذا الجو المتوتر إلى العنف. والأميركان الأفارقة لا يستاؤون من الشرطة بل يستاؤون من تصرفات معينة وهم يقبلون مثل البيض توقيف الشرطة لهم في حالة وجود انتهاك واضح لا أن يكون التوقيف بغرض الاستجواب والتفتيش. وقال رجل أسود تم توقيفه مرات عدة «إذا كنت في الطريق الخاطـئ يمكنني الاعتراف بهذا، وإذا تجـاوزت السرعة يمكنني قبول هذا. لكن لن أقبل أن تجري مضايقتي إذا وجدت مسدساً مصوباً نحوي». إنهاء التوقيف التحقيقي قد يجعل إعادة بناء الثقة ممكناً. وتعيين المزيد من ضباط الشرطة السود ضروري لكنه لن يعالج المشكلة في ذاته. فالتنوع العرقي في مراكز الشرطة كما في نيويورك لم يمنع من تنفيذ عدد كبير من التوقيف التحقيقي مادام أن هذا هو سياسة الشرطة. التوقيف التحقيقي يسمم اتجاهات السود نحو الشرطة ونحو القانون نفسه ويقوض فعالية الشرطة ويحول مواطني النظام الديمقراطي إلى رعايا مذعنين ومستائين لدولة أمنية. لقد حان إنهاء التوقيف التحقيقي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©