الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» أفغانستان.. هاجس لـ«طالبان» وأميركا معاً!

14 أغسطس 2015 22:04
ترسل عملية انتقال القيادة التي تمت داخل حركة «طالبان» بعد اعترافها بموت «الملا محمد عمر»، رسالة واضحة الدلالة، وهي أن الحركة تشعر بعصبية زائدة جراء الصعود المحتمل لتنظيم «داعش» في أفغانستان، في حالة ما إذا فشلت الحركة في إظهار وحدتها، وهذه الحقيقة يفترض أن تكون ذات فائدة للولايات المتحدة الأميركية، التي تقوم بمحاولات للتفاوض بشأن صفقة انتقالية بين الحكومة الأفغانية و«طالبان» معاً، وربما تطلب «طالبان» - كجزء من الصفقة - شيئاً قريباً من حق السيطرة الفعلية بحكم الأمر الواقع، أما بعد وفاة الملا عمر فقد بات لديها دافع للدخول في المحادثات لم يكن لديها من قبل، ألا وهو صعود «داعش» المحتمل. الرجل الذي حل محل «عمر» هو «الملا اختر محمد منصور» الذي كان نائبه، وكان القائد الفعلي للحركة منذ وقت، أما نائبا منصور فأحدهما من قادة «شبكة حقاني» والثاني قاض سابق في «طالبان» يعد قريبا من «حقاني»، مما يدل على أن هناك نوعاً من التسوية بين «شورى كويتا» و«شبكة حقاني»، وهما جناحان متصارعان داخل الحركة منذ سنوات. والاستنتاج الذي يمكن الخروج به هو أن «شورى كويتا» و«شبكة حقاني» قد توصلا إلى أن إبراز وحدة «طالبان» الآن تمثل هدفاً أكثر أهمية من الصراعات المحتدمة بينهما. فالإعلان عن الترتيبات الجديدة تم على عجل، قبل أن يتلوه على الفور اعتراف علني بوفاة عمر، ولم يكن جميع قادة «طالبان» حاضرين لدى اتخاذ القرار، وهو مؤشر آخر على أن الوقت كان عنصراً ضاغطاً. والسؤال هنا هو: ما الذي أدى إلى هذه السرعة في اتخاذ القرار بتوحيد الصفوف داخل «طالبان» المعروفة بانقساماتها؟ الذي أدى إلى ذلك هو إدراكها بأن وجود فراغ في القيادة حالياً قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، بالإضافة - وهو الأهم - إلى صعود «داعش» في أفغانستان. صحيح أن تنظيم «داعش» في مركزه الرئيسي في سوريا والعراق، وهو بعيد جغرافياً عن أفغانستان، ولا صلة سياسية تربطه بالتحالفات البشتونية في قلب البنى الطالبانية المعقدة، لكن من الصحيح أيضاً أن «داعش» قدّم نفسه كبديل جديد ومنافس لـ«طالبان». وهناك عنصر آخر مهم وهو أن تنظيم «داعش»، تعريفاً ووجوداً، يطمح لحكم العالم الإسلامي كله ويزعم أنه يسعى لإقامة الخلافة، بينما «طالبان» تطلق على نفسها «إمارة أفغانستان الإسلامية». وتهديد «داعش» المحتمل لـ«طالبان» يعتبر نعمة للولايات المتحدة أو بصيصا ضئيلا من الأمل وسط السحب المتجمعة في الأفق كما يمثلها تهديد «داعش». وحتى الآن تعتبر المشكلة الهيكلية في محادثات السلام بين حكومة الرئيس الأفغاني «أشرف غني» وحركة «طالبان»، هي أن الأخيرة لم يكن لديها سوى حافز ضئيل للتخلي عن القتال، وأن الحكومة الأفغانية، في نهاية المطاف، لا يمكنها أن تسيطر على الكثير من الأراضي، من دون دعم من الولايات المتحدة، وهو دعم يبدو أنه لن يستمر طويلا. والخطوة التكتيكية لـ«طالبان» في مثل هذه الأحوال تمثلت في مواصلة القتال على مستوى متوسط، والانتظار والتذرع بالصبر إلى أن تنسحب الولايات المتحدة، وتسقط حكومة «غني»! لكن السقوط البطيء لأفغانستان كلها، يتضمن أكلافاً محتملة حيث يمكن أن تجلب الفوضى، وفراغ السلطة، والصراع الداخلي في «طالبان» مما قد يتيح لـ«داعش» تقويضها. وإلى ذلك، لا تريد «طالبان» أن تجد فيه نفسها، بعد أن أحرزت نجاحاً جزئياً في حربها الطويلة ضد الولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان، مضطرة لخوض حرب أهلية مع الفرع المحلي لتنظيم «داعش». إن هدف الولايات المتحدة حالياً هو أن ترى انتقالا يتم في أفغانستان من دون عمليات قتل انتقامية واسعة النطاق، ودون قهر مطلق للنساء في مختلف أنحاء البلاد، لذلك فهي مطالبة، وعلى ضوء ذلك، بانتهاز فرصة استعداد «طالبان» لإجراء صفقة. لابد أن نعترف أن نتيجة العملية الانتقالية الأسرع وتيرة، قد تكون متواضعة بحيث تبدو في النهاية وكأنها غير مبررة.. لكن هذه هي طبيعة السياسات في أفغانستان وهي أنها لعبة «تجنب السيناريو الأسوأ». وفي النهاية فإن المزيد من الحرب الأهلية في أفغانستان، متبوعاً باحتمال دخول «داعش» إلى أراضيها، أسوأ بالنسبة للولايات المتحدة بكثير من نظام طالباني يحكم بحكم الأمر الواقع، و«طالبان» تدرك ذلك جيداً. نوح فيلدمان* *أستاذ القانون الدولي بجامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©