السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرواة العرب أول من أضاف الإثارة إلى القصص التراثي

الرواة العرب أول من أضاف الإثارة إلى القصص التراثي
21 أكتوبر 2006 23:48
عدنان عضيمة: في تاريخ الأمم والشعوب ذات التراث الثقافي والحضاري الغني، يكون للأساطير والروايات دورها في التعبير عن مشاغل الناس وتطلعاتهم· وكثيراً ما تحولت الطريقة التي تُروى بها الحكايات إلى فنّ يتناقله الناس بعد أن يضيفوا إليها المزيد من الأحداث أو يختذلوا منها ما يشاؤون· وهذه هي وظيفة (الحكواتية) الذين ينزلون بقصصهم وحكاياتهم ضيوفاً على روّاد المقاهي الشعبية وخاصة في ليالي شهر رمضان لينقلوا إليهم هذا المزيج العجيب من الحقائق والتصورات المستقاة من تاريخ الأمة ووجدانها· وكانت للحكواتية منزلتهم الرفيعة بين الناس التي تشبه منزلة نجوم السينما والتلفزيون هذه الأيام· وكانوا يصيبون من مرتادي المقاهي رزقاً وفيراً بعد أن يتفننوا في حبك القصص والروايات ويبرعوا في تعذيب بطل روايتهم ثم الانتصار له حتى يفوزوا بمكافآت مستمعيهم· وكانت قصص الحروب التي نشبت في بلاد العرب منذ أيام الجاهلية وسير أبطالها من أمثال (المهلهل) الذي اشتهر أكثر باسم (الزير)، وعنترة بن شداد، النبع الثرّ الذي اغترف منه الحكواتية قصصهم، ومنه دبجوا الملاحم الأدبية وابتدعوا الحكايات المثيرة· وتتفق آراء ثقاة مؤرخي الأدب العربي على أن حرب البسوس كانت من أهم مصادر الأسطورة العربية بالرغم من أنها قصة حقيقية من حيث مادتها التاريخية الأساسية· وتتفق آراء المؤرخين على أن بطولات (المهلهل) ما برزت إلا في تلك الحرب الشعواء التي دامت أكثر من 40 سنة وعرفت أيضاً باسم (حرب داحس والغبراء)· و(المهلهل) هو عدي بن ربيعة التغلبي، وكان يقضي حياته متسكعاً ضارباً إلى حب اللهو، وكان له أخ اسمه وائل، ولكن لقبه (كليب) غلب عليه· ولقد تولى كليب رئاسة جيش بكر وتغلب زمناً فدخله زهو شديد وبغى على قومه، وذهب به بغيه أنه كان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى حماه، وإن جلس لا يمرّ أحد بين يديه ولا تورد إبل أحد مع إبله· وتزوج جليلة ابنة مرة من شيبان من بكر· وكان لمرة عشرة بنين أصغرهم جساس، وكانت لجساس خالة اسمها البسوس بنت منقذ من بني تميم، نزلت على ابن أختها جساس، فكانت جارة لبني مرة، ولها ناقة خوّارة اسمها سراب ومعها فصيل لها؛ فخرج كليب ذات مرة من عند امرأته غاضباً لأنها فخرت أمامه بأخويها جساس وهمام، ورأى فصيل الناقة فرماه بقوسه فقتله، فولت الناقة ولها عجيج حتى بركت بفناء البسوس، فلما رأتها صاحت: (وا ذلاه!)، فقال لها جساس: (اسكتي فلك بناقتك ناقة أعظم منها)، فأبت أن ترضى حتى صاروا عشراً فلم ترضَ بها فقال لها جساس: (اسكتي ولا تراعي، فسوف أقتل جملاً أعظم من هذه الناقة، سأقتل غلالاً)· وكان غلال فحل إبل كليب وقد أراد به جساس كليباً ذاته· ثم خرج فوجده عند أحد الغدران النجدية فطعنه برمحه فمات· فهب المهلهل يطلب ثأر أخيه فشبت الحرب بين بكر وتغلب دامت 40 عاماً كان الطرفان يتبادلان فيها الانتصار والهزيمة· وملت جموع تغلب الحرب فصالحوا بكراً والمهلهل غائب عنهم ورجعوا إلى بلادهم، ثم عاد المهلهل فأشعل نار الحرب وأرسل من قتل جساساً، ثم أسر المهلهل ومات في أسره سنة 531 ميلادية ويروى أن الملك المنذر بن ماء السماء والد عمرو بن هند ملك الحيرة هو الذي أصلح بين الفريقين بعد موت المهلهل· ويبدو بوضوح من هذه القصة الحقيقية أنها تصلح لأن تتحول إلى نبع حقيقية للأساطير، فراح الرواة والحكواتية ينسجون حولها ما شاءوا من مادة قصصية تشعل في سامعيهم الحماس وتدفعهم إلى سماع المزيد· وما كان الحكواتية الذين يملأون على رواد المقاهي حياتهم في أيام رمضان، يضنّون على سامعيهم بسرد الأساطير حول بطولات (الزير) ومغامراته· وكان الحكواتي الناجح هو ذلك الذي يحرص على إغناء رواياته بعناصر الحبكة الصحفية الناجحة، وخاصة منها عنصر التشويق فكانوا يشدون انتباه واهتمام سامعيهم إلى الحد يدفعهم إلى عرض المال الوفير مقابل فك البطل من موقف مؤلم أو مهين· وكان الكثير من حكّائي المقاهي يتناولون بطولات عنترة بن شداد الشهيرة؛ حتى أن اختيار القصص ذاتها كان واحداً من عناصر التنافس بين الحكائين· ---------------- **** ملاحظة: هذه الصور سبق إرسالها لموضوع حكواتي·· يرجى اختيار صورة لهذه الموضوع لم تنشر سابقاً كلام صورة: -
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©