السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مثقفون عرب: لا للمرشد وولاية الفقيه.. الدولة المدنيّة هي الحل

مثقفون عرب: لا للمرشد وولاية الفقيه.. الدولة المدنيّة هي الحل
13 أغسطس 2015 23:59
أجمع مثقفون وباحثون وكُتّاب وإعلاميون عرب على أن جرّ اليمن إلى مربّع الحكم الديني، بجناحيه: الإخواني أو الحوثي، هي محاولة فاشلة، وأن الشعب اليمني تعلم من دروس الحروب السابقة ألا يسلّم أمره إلى الزعامات الدينية، التي لن تفعل شيئاً سوى إدخاله في أتون المزيد من الاقتتال والاحتراب الطائفي الذي تعب منه، وملّه، ويرغب الآن بشدة في طيّ صفحته، والانتقال إلى يمن جديد آخر، يمن ديموقراطي، مدني، يتعايش فيه الجميع بعيداً عن كل تعصب مذهبي أو أيديولوجي... وهنا التفاصيل: استطلاع: محمد عبد السميع، محمود عبد الله، ساسي جبيل، محمد بوعود، إيهاب الملاح، محمود بري، مختار بوروينة يقول الكاتب السياسي أحمد الغز: أعتقد أن اليمن ذاهب باتجاه تأسيس دولة وطنية حقيقية ولأول مرة، بعد أن مر بمخاض عسير خلال السنوات الماضية. والبديل الممكن للخروج من المأزق، هو أن تقوم دولة تنموية وأن يكون هناك استثمار، ولذلك عندما تحولت عاصفة الحزم إلى «إعادة الأمل» كانت خطوة صائبة، لأن اليمن يحتاج إلى من يمد له يد العون في مسألة التنمية وتحديث البنى التحتية والتعليم. أما المخاوف من تسلّق الإخوان كرسي السلطة في اليمن، فهذا احتمال ضعيف جداً، ليس فقط للدعم الأساسي الذي تناله الشرعية اليمنية من دول التحالف العشري، بل أيضاً لأن النسيج الطبيعي للمجتمع اليمني لا يُعطي الاخوان من القوة ما يؤهلهم للوصول إلى السلطة. صحيح أنه كان لهم حضور في البرلمان وفي التركيبة السياسية اليمنية، فهذا أمر فرضه الواقع. جمعية الاصلاح كانت تتمتع بسلطان ما قبل انقلاب الحوثيين وعلي عبدالله صالح. لكن الإخوان اليوم فقدوا ثقة اليمنيين بهم، وتراجعت قواهم وتأثيرهم السياسي، ومن شبه المستحيل أن يعودوا إلى حكم البلد. لكن، عندما تدخل اليمن في تجربة الدولة الوطنية، لا أعتقد أنه سيكون هناك خوف على أي أحد. إن الحرب القائمة ضد الانقلاب الحوثي هي في الوقت نفسه حرب ضد التيارات الدينية الضالة، ومنها جماعة الإخوان. وتقليم أظافر الحوثيين سيشمل أيضاً إعادة ألإخوان إلى حجمهم الحقيقي في البلاد، وهو ليس بالحجم الكبير. إن ذهاب الشعوب نحو الأيديولوجيات الدينية وربما الغيبية، غالباً ما يكون نتيجة تداعي الأوضاع الاقتصادية وشيوع الفقر والعوز. ولقطع الطريق على هكذا إمكانية في اليمن، يأتي الدور الرافد الذي ينبغي أن تؤديه الدول الخليجية الشقيقة. والجزء الثاني من مشروع الخلاص يكون بالحكومة الائتلافية التي لا بد منها، والتي ينبغي أن تضمّ مختلف التيارات السياسية في البلد، تحت القيادة الشرعية المتمثلة بالرئيس منصور. حكومة وطنية ومؤسسات عاملة ويعتقد الأمين العام لحزب الوطنيين الاحرار إلياس ابي عاصي أن «الحل في اليمن يكون بإقامة دولة مستقرّة ومؤسسات عاملة تحت قيادة، حكومة وطنية. وهذا يحتاج ولا شك إلى اتفاقية وطنية عامة. وبالنظر إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية والدول التسع الباقية، لإخراج اليمن من تحت نير التفرّد الحوثي، فمن الطبيعي افتراض مواصلة المساعدات من جهة دول هذا التحالف، لتمكين اليمن من تأسيس سلطة وطنية يتمثّل ضمنها مختلف الفرقاء الذين سيديرون اليمن بناء على اتفاق يصوغونه في ما بينهم ويكون مُلزماً للجميع في ظلّ سيادة القانون. هكذا يعتدل اليمن وتستقرّ أحواله، وطبعاً تحت رعاية عربية أخوية كما جرى الأمر بالنسبة للبنان. وحين تتمثل مختلف الأطياف السياسية اليمنية في المجموعة الحكومية التي تدير شؤون البلد، يتضاءل دور وتأثير الجماعات الشاذة، ومنها جماعة الاخوان ، ولا يكون هناك مجال بالتالي لتكرار التجربة المصرية المريرة. وبالمناسبة فإن وضع الإخوان في اليمن يختلف عنه في مصر. في مصر هناك وضع خاص، وكلنا يعرف أن حركة الاخوان بدأت من مصر، والاخوان المصريون لديهم نوع من التفرد، وينظرون إلى العالم من حولهم، نظرة استكبارية. من هنا كان من الصعب تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت هيمنتهم في مصر، ولذلك أيضاً ثارت مصر ضدّ حكمهم الأرعن بعد أن تفرّدوا بالسلطة وأداروها على هواهم. في اليمن يبدو الوضع مختلفاً. فجماعة الاخوان مكشوفون، ويعرفهم اليمنيون جيداً وقد خبروهم بما يكفي، بحيث لن يمكنهم ادعاء ما ليس فيهم. ولذا فلن تكون الطريق مفتوحة أمامهم نحو رئاسة البلد بأي شكل. إلى ذلك فاليمن ليس بلداً متروكاً للمقادير، واليد العربية الخليجية التي تمدّه بالعون للخروج من قبضة الحوثي، هي ذاتها الجديرة بإنقاذه من مؤامرات الاخوان. الأمل الأول اليوم يتجسّد في نزع يد الحوثي وشريكه المضارب (الرئيس السابق صالح) عن البلد. ومع عودة كل فريق من الفرقاء اليمنيين إلى حجمه، لا بد من إقامة حوار يُفضي إلى الاتفاق على خطة عامة لتسيير شؤون البلد. أقلية غير فاعلة ويشير صالح المقدم (محام وناشط سياسي) إلى أن الاخوان أقلية غير فاعلة في اليمن، ويضيف: يختلف وضع اليمن اليوم عما كان عليه قبل عاصفة الحزم. فالتحالف استطاع تفكيك قدرات الحوثيين المنفذين للسياسة الايرانية في اليمن وقلب ميزان القوى في البلد وضرب معاقلهم ومعسكراتهم ومستودعات الذخائر والأسلحة لديهم. وهذا لا بد أن يصل بالبلد إلى نوع من توازن القوى، يكون، برأيي، على حساب الحوثيين الذين حين أُتيحت لهم الفرصة، لم يتورّعوا عن اغتصاب البلد على حساب سلطاته الشرعية. والسؤال الابرز اليوم على الصعيد اليمني: «هل سيستمر الدعم الايراني للحوثيين بعد توقيع الاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة؟ أم أن إيران قد سلمت أوراق ومن ضمنها اليمن مقابل الحصول على ذلك الاتفاق ورفع العقوبات عنها وإعادة أرصدتها المالية المجمدة؟ أتحدث عن الحوثيين وليس عن الاخوان لأنني أرى أن الخطر جاء من ناحية الحوثيين حين سيطروا بالقوة الغاشمة على معظم اليمن. أما الاخوان فهم مجموعات لا يُعتدُّ بها، ولا يمكنها أن تشكّل خطراً حقيقياً، ولا بالطبع أن تقفز على رأس السلطة في البلاد. لذا فأنا لا أرى المخاوف من الاخوان في اليمن جديرة بالاهتمام. وبالعودة إلى الحوثيين، فلا شك أنهم، بعد انتهاء الحرب، سيعودون إلى حجمهم، وسيخضعون للسلطات الشرعية بحيث لن يشكلوا خطراً على اليمن. نصاب اليمن الداخلي من جهته، يلفت المفكر السياسي حارث سليمان إلى أن إيجابية الحكم ستقضي على خطر الاخوان، ويقول: ما تشهده مصر اليوم وما شهدته الجزائر أيضاً يؤكد خطورة الدور الذي يلعبه الاخوان في أي بلد ينشطون فيه، وضرورة التصدي المبكر لهم، ولا سيما في الداخل اليمني. وهذا ما ينبغي أخذه في الحسبان من قبل قوى التحالف العشري. من جهة أخرى، فإن قوى التحالف المشار إليها، لا علاقة لها بالميزان الداخلي اليمني. فهنا لدينا قوات الرئيس منصور، وجماعات الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحوثيين وآل الأحمر اي الجناح الآخر في حاشد، والحراك الجنوبي والقاعدة. هذا النصاب الداخلي في اليمن هو ما يحتاج الى المعالجة من باب أولى. ومن يتصور انه يمكن معالجته بأسلوب استئصالي، يكون مخطئاً. الأفضل تقديم البديل الإيجابي عن الفوضى الراهنة. وهذه هي مهمة الرئيس منصور. بالنسبة للاخوان في اليمن فهم يعتمدون على عصبية آل الأحمر الذين هم جزء من مكونات اليمن. والمطلوب هو معالجة الإشكالية التي يمثلونها من خلال تقديم البديل العصري والحضاري وغير المتطرّف، مع إبقاء العين عليهم بحيث لا يُتاح لهم تنفيذ مؤامراتهم. وبما أنهم يتجهون عادة إلى الاستئثار بالسلطة، وهو ما فعلوه في مصر وما حاولوه في الجزائر، فإن التصدي لهم من قبل الحكومة وأدواتها الشرعية يصبح مبرراً بل مطلوباً، وهو سيؤدي بالطبع إلى تحجيمهم وإلغاء خطرهم. في النهاية لا أرى مستقبلاً لليمن خارج التوافق والوحدة والحكومة الائتلافية الجامعة. هذا ما يجب العمل في سبيله. لا مكان لهم الباحث الفلسطيني أحمد الكحلاوي (ناشط مدني ورئيس لجنة الدفاع عن فلسطين والأمة العربية)، يرى أن اليمن «لا يمكن أن يخضع لحكم الإخوان مرة أخرى، وأن تجربة اليمنيين مع حزب الإصلاح وما شهدته السنوات السابقة من تلاعب لهذا الحزب بمستقبل اليمن ومصيره، لن تسمح له بالعودة إلى واجهة العمل السياسي». فيما يعتقد الاعلامي التونسي يوسف الوسلاتي (رئيس تحرير جريدة الشعب) أن «من يحاول جرّ اليمن إلى مربّع الحكم الإخواني واهم، وأن الشعب اليمني قد عانى الأمرّين من الفُرقة ومن الاقتتال الداخلي ومن فوضى السلاح وكثرة الأحزاب، وأن طموحه اليوم هو السلام قبل كل شيء ثم بناء دولة مدنية ديمقراطية يحترم فيها الجميع على أساس واحد هو الانتماء الوطني لليمن». ويتفق معه في ذلك المفكر الدكتور يوسف الصديق، الذي يرى أن «هناك محاولات عدة تريد الآن استنساخ التجربة المصرية السابقة في اليمن، وأن كثيرين سواء في الداخل اليمني أو المحيط الإقليمي يحلمون بتكرار تجربة مرسي وإعادة حكم الإخوان إلى اليمن، لكن هذا أقرب إلى الحلم منه إلى الواقع». بينما يرى نجم الدين العكاري (رئيس تحرير الأنوار التونسية) أن الحل في اليمن «يتأتى من الميدان بتحرير واسترجاع المحافظات التي تم الاستيلاء عليها، والتصدي للمشروع الإخواني الذي تدعمه إيران ودوّل أخرى في إطار استراتيجية إقليمية جديدة تصنع للمنطقة»، مضيفاً أن الحل لا يمكن أن يتحقق من دون «تحرك وضغط دبلوماسي يمني وعربي، وتكوين لوبي غربي قوي يدافع عن عروبة اليمن واستقرارها ووحدتها، والنأي عن محاولات إثارة الفتن المذهبية، وخلق فراغ ييسر إقامة حكم إخواني». خطر التشطير وبحسب هشام الحاجي (باحث وإعلامي تونسي) فإن «اليمن يدفع ضريبة موقعه الذي يجعله مرتهناً لملفات أخرى في مقدمتها الملف السوري. ويلفت زيد القرشي (شاعر عراقي) إلى تعقيدات الوضع اليمني بعد أن «بدأت الكفة تميل لصالح التحالف العربي وللشرعية وانحسر التواجد الحوثيّ وبدت أمارات الهزيمة تلوح في أفق الحوثيّين المدعومين بقوات صالح. وأن على الشرعية المنتخبة في اليمن أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لتدعيم بوادر النصر لأن المعركة لم تحسم بعد بين جميع الأطراف»، لافتاً إلى أن «الخطر الأكبر هو إمكانية وصول الإخوان إلى سدة الحكم. وبالتالي، إمكانية دخول اليمن في صراع جديد حول السلطة. ولحماية المكتسبات التي أنجزها التحالف، على العاملين في الدولة أن يحصروا السلاح بيد الدولة، بحيث تلقي جميع الفصائل السلاح إذا ما أرادت السلام والدخول في عملية الانتخابات، التي من خلالها يمكن للشعب أن يختار بدقة من يمثله لضمان دوام السلام في اليمن. ومن ثم البدء في عملية الإعمار والبناء». وختم بأن اليمن «لن يستعيد عافيته، في ظل هذه الظروف، بدون حل كل المشكلات القبلية وتحول الدولة إلى دولة مدنية في المدى البعيد. فهي الوسيلة الكفيلة بانتشال اليمن من مستنقع الحرب والموت». ليسوا بديلاً ?ويعتبر الشاعر الكويتي بدر الصفوق? (عضو اللجنة الاستشارية لمسابقة شاعر المليون) أن «تصريحات كثير ممن يعتنقون هذا الفكر الضال ليست سوى محاولة لخلط الأوراق، وإحداث ثغرة في جدار التحالف والمقاومة، كي يتمكنوا من الدخول منها وتقديم أنفسهم كبديل مناسب، وهو ما انتبه له كثير من الإخوة اليمنيين الذين يقاتلون في الميادين والشوارع والذين لم يختبئوا لعشرة أشهر كما فعل الزنداني والأربعين ألف مقاتل إخواني كما زعم في أحد تصريحاته». ويضيف: «أبناء اليمن يعرفون جيداً من معهم، ومن ضدهم، ومن ظل قابعاً في خانة الحياد الانتهازي، بينما هم يقدمون الغالي والثمين لإخراج اليمن من محاولة جره للمستنقع الإيراني.. هم لا يحتاجون لحكمة الزنداني ولا لكثير ممن يلوون أعناق النصوص القرآنية للوصول لمآرب سياسية?». من جهته، يرى محمد الغربي عمران (روائي يمني) أن اليمن «تتقاذفه قوى الإسلام السياسي من حوثيّين وإخوان، ولإبعاد خطر سيطرة الإسلام السياسي عن اليمن: لابد من قمع الطرفين لأنهم يؤمنون بالعنف لتمرير مشاريعهم». ويطالب الغربي بـ «نزع جميع الأسلحة من جميع المليشيات والشخصيات، وتجريم قيام وإنشاء جماعات مسلحة، وتأسيس مجلس رئاسي يتولى إدارة حكم البلد كفترة مؤقتة، وإنجاز دستور يحرم قيام الأحزاب السياسية على أسس دينية وسلالية ومذهبية ومناطقيّة وتجريم ذلك، والعمل على تهيئة انتخابات حرة في اليمن». نفق مظلم ويعتقد صالح غريب (كاتب وإعلامي قطري) أن الوضع في اليمن «سوف يسير إلى نفق مظلم في ظل التجاذبات الدولية لطرح ضد آخر»، ويضيف: «من الصعب وصول الإخوان لسدّة الحكم والمشهد اليمني لن يتكرر أبدا في أي دولة من دول ما يسمى بالربيع العربي، فاليمنيون بأمس الحاجة الآن إلى استقرار ورغيف الخبز. أما الحلّ فيكمن في كفّ يد إيران وأميركا عن التدخل في اليمن وترك الشعب اليمني يحدد من يختار، وبالتالي سيكون المستقبل أفضل بعد خروج الفاسدين (صالح والحوثيّين)». ويؤكد محمد جميل خضر (كاتب وإعلامي أردني) «أن ما يعيشه هذا البلد الشقيق من وضع سياسي واقتصادي مترد يبعث التساؤل حول المستقبل، خصوصاً تلك المخططات التي ترسم في عواصم عديدة لتمكين ما يسمى بـ «الاخوان» من الحكم والاستيلاء على السلطة، وفي تقديري أن هذا لن يتحقق طالما أن هناك رؤية عربية موحدة نحو هذه القضية الخطيرة وشديدة الخصوصية». ويضيف: «سيناريوهات كثيرة يقف على أعتابها هذا البلد بعد هذا الانقلاب الكبير في كل المعادلات السياسية والقبلية والعسكرية والإقليمية التي كانت تحكمه طوال السنوات الخمسين الماضية، وأرى أن الخروج من المأزق اليمني يتمثل في حراك عربي أعم وأشمل نحو التنمية والاستقرار وتنفيذ مشاريع اقتصادية وثقافية محفّزة تبعث على مزيد من التفاؤل، إلى جانب ما ينفذه التحالف العربي حاليا لوضع اليمن على مرفأ الأمان من فوضى السلاح، وخطر الجماعات المتطرفة». مواجهة ثقافة التطرف ويذهب أحمد الماجد (كاتب وباحث عراقي) إلى أن «الإخوان»، وبما لا يقبل الشك، هم الذراع السياسية لقوى الشر التي ابتليت بها المنطقة العربية، فالخراب الذي جلبوه على الأمتين العربية والإسلامية لا يعادله خراب على مر التاريخ»، مضيفاً: «إن وصول الإخوان إلى الحكم أو أي قوى ظلامية رجعية متطرفة أخرى تختبئ وراء شعار الدفاع عن الإسلام، الذي هو في تقديرنا براء منها ومن أفعالها تماما، هو كارثة جديدة ستحلّ على المنطقة، إن ما يحدث في اليمن الآن هو مسؤولية عربية بوجه خاص، ودولية بوجه عام، فلا بد من وضع إستراتيجية عربية أكثر تطورا وملاءمة للحالة اليمنية، وتبنّي الخيار الشعبي، ليكون في الصدارة أمام المخطط الذي يكتب في الخفاء بأصابع متطرفة». من ناحيته، يؤكد فتحي عبد الرحمن (كاتب ومسرحي فلسطيني) أن «الأمن الوطني لليمن هو جزء مهم من منظومة الأمن القومي العربي، وأن في حماية الشعب اليمني واستقراره وتقليص خطر وأثر المخططات الخارجية عن محيطه وإزاحة تشوهات التطرف والارهاب عنه، هو بمثابة الاستراتيجية العربية التي يجب أن تكون سيدة المشهد في هذا الوقت الفارق»، مضيفاً: «علينا أن نهتم ونلتفت بقوة إلى خطورة أن يتسيد الاخوان المشهد السياسي في هذا البلد الشقيق، وأن نعي ونفهم أن في ذلك تهديدا لكيان الدولة والهوية والوحدة الوطنية»، لافتاً إلى أن ما يقوم به التحالف العربي الآن، «ليس مجرد ترف سياسي كما يدعي البعض، إنه يجسد مسألة وجود وترسيخ مفهوم الأمن القومي العربي، الذي يتحمل مسؤولية صياغة استراتيجية متكاملة لإنقاذ شعب من الفتنة». ?خطر انتعاش «الإخوان» ويذهب الرشيد أحمد عيسى (كاتب مسرحي سوداني) إلى أن هناك خطرا من انتعاش الإخوان في اليمن، ويقول: «علينا أن ننتبه بشدّة إلى الخطر القادم ممثلا بقوى التشدد والتطرف والارهاب الاخواني، والذي يستهدف ديننا وهويتنا وثقافتنا وأمننا واستقرارنا». ويضيف: «يكمن الحل، في تقديري، في مواجهات عربية عدة على مستوى إعادة قراءة المنظومة السياسية والفكرية والثقافية، واستعادة إستراتيجية وعمل الأحزاب كما كانت في الستينيات، لخدمة وتثقيف الشباب الذي يشكل اليوم ما نسبته 60% من تعداد الشعب، هذا بالإضافة إلى دعم عملية (عاصفة الحزم) للتحالف العربي، بعملية سياسية وإعلامية وثقافية واسعة، تسهم في تأكيد الحضور الشرعي والرسمي والشعبي لمواجهة خطر الإخوان والجهات الداعمة لهم، تحسبا لتكرار التجربة المصرية مع المخططات الإخوانية المهزومة، والتي انتهت لصالح الشرعية والوطنية». ?ويعتقد يحيى البشتاوي (كاتب وناقد وأستاذ الدراما في الجامعة الأردنية) أن «مستقبل اليمن الآن يتجه إلى شيء من الاستقرار لا سيما بعد تدخل التحالف العربي ووقفه لتقدم المتمردين، لكن الحكومة الشرعية في اليمن تحتاج إلى مزيد من الدعم العسكري واللوجستي، كذلك يحتاج الشعب اليمني إلى دعم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي حتى لا يقع فريسة للمليشيات والتنظيمات المتطرفة»، داعياً إلى «دعم اليمن فكريا وثقافيا وشعبيا وإعلاميا»، ومطالباً بمبادرات من المثقفين، للتصدي لظاهرة الارهاب. عودة اليمن سعيداً يعتقد العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني، نزار عبد القادر أن الدرس المستفاد من تاريخ اليمن، يضعنا أمام ضرورة استبعاد وصول الإخوان إلى الحكم في ذلك البلد، وبالتالي فإن التخوّف من تكرار الحال المصرية في اليمن، ليس في محلّه، وإن كان الحذر واجبا. وغداً عندما تنتهي عملية الرد على الانقلاب الذي نفذه الحوثي بالتعاون مع الرئيس المخلوع على عبدالله صالح، فإن المشكلة الأساسية الكبرى ستكون متعلّقة بمصير البلد عموماً: هل سوف يسير إلى الوحدة أم نحو الانفصال؟. هذا هو السؤال الكبير الذي سيجد اليمنيون أنفسهم أمامه. غير أن الخسائر الفادحة التي نزلت باليمن، ستعلّم اليمنيين درساً ثمينا في أهمية استعادة وحدتهم الوطنية وبناء دولتهم المستقرّة على أسس عصرية. ولا أشك في أن حكومة هادي ستعمل على استتباب الأمر.. أما الحاضنة الأساسية للدولة الجديدة فستكون مكوّنة من دول مجلس التعاون الخليجي وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا سيشكّل نوعاً من الضمانة الموثوقة لمستقبل جديد ومتفائل لليمن الذي لا بد أن يعود سعيداً. اليمن موحداً السياسي اللبناني العريق النائب والوزير السابق عمر مسقاوي نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، يعتقد أن النزاعات الجارية في اليمن تناقض قيمة الدعوة الإسلامية أساساً. فالعمل الإسلامي يتم بارتباط مع القرآن كمرجعية، لكن بعض التنظيمات الأيديولوجية التي تنطلق من الإسلام، تدفع في حراكها باتجاه أن تقوم هي أو قياداتها مقام الرسول الكريم، وفي هذا خروج على الصراط ويفضي إلى مزيد من المتاعب. لذا فأنا لا أحبذ لمثل هذه التنظيمات أن تسيطر على أي دولة، لا اليمن ولا غيرها. وبالنسبة لما تشهده بلاد اليمن اليوم، فأرى أن الأفضل هو العمل كي يعود ذلك البلد كما كان أساساً، بلداً آمناً مطمئناً في ظل حكم متوازن وعادل. لا أحبذ أن تكون اليمن يمنين، بل أريدها دولة واحدة، وأرى ضرورة قيام توازن بين مختلف القوى اليمنية الفاعلة ضمن بوتقة وحدة وطنية. وبصراحة، فإنني ضد تقسيم البلد وضد استقلال قسمه الجنوبي أو أيّ قسم فيه، عن بقية الأقسام. فاليمن الواحد الموحد هو ما أراه الأفضل لليمنيين وللمسلمين، وكل قوة تعمل على تحقيق هذا الهدف، هي بالضرورة قوة إيجابية وعامل بناء لا هدم. معالجة شاملة يعتبر مشري بن خليفة (كاتب وأستاذ بجامعة الجزائر) أن الوضع في اليمن خطير جدا ودقيق للغاية، ويحتاج إلى معالجة عميقة وشاملة، ليست سياسية فقط كما يتوهم البعض، وإنما ينبغي أن تتضافر الجهود وتتجه إلى توحيد الخطاب إزاء القضايا الجوهرية والمصيرية، والتي هي من متطلبات إخراج الشعب اليمني من محنته، وإبعاد كل بعد ديني أو طائفي في الصراع الدائر حول السلطة، والبحث عن المشترك لتحقيق نقلة نوعية في الرؤية والخطاب لتوعية فئات الشعب اليمني بأن مصيره بيده، وأن خيارات العنف المسلح والحرب المدمرة لكل مقدرات الشعب لن تجدي في النهاية». وقال: ينبغي الاتفاق أولا، على أن تضع الحرب أوزارها، ثم وضع خطة لهدنة طويلة الأمد، حتى تسترجع الدولة سلطتها، وضرورة قبول الحوثيين وصالح وكل الأطراف اليمنية بالحل السياسي والذهاب إلى طاولة الحوار الوطني تحت سقف الشرعية الدستورية، ومذكرة التفاهم والمبادرة الخليجية، مع الإقرار بأن الهدف من الحوار الوطني ليس تقاسم السلطة، وإنما بناء اليمن والحفاظ على مؤسسات الدولة اليمنية، في الشمال والجنوب، ولن يتأتى ذلك إلا بوضع برنامج مشترك سياسي وثقافي واجتماعي، مسعاه توفير كل الشروط للنهوض باليمن، بعيدا عن أي محاصصات دينية أو طائفية أو عائلية أو قبلية أو فئوية، فهو بحاجة إلى جميع أبنائه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©