الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيون أجملها وأغلاها اللآلئ·· عطايا البحر

الجيون أجملها وأغلاها اللآلئ·· عطايا البحر
6 يناير 2008 00:28
كانت الإمارات في عهد الغوص بحثاً عن اللؤلؤ تتمتع بعلاقات وطيدة وصلات كبيرة مع التجار الذين تعود أصولهم إلى قبائل عربية عريقة في الحسب والنسب· وكان هؤلاء التجار يتميزون بالذكاء والدراية العميقة بتفاصيل ودقائق اللؤلؤ الطبيعي، ولم يقتصر عملهم على بيع أوشراء اللؤلؤ، بل أتقنوا فنون ثقب حباته التي تتطلب مهارة حتى لا تشوه حبة اللؤلؤ النفيس، وكانوا يصنعون منه قلائد، وكان أحد أهمِّ وأكبر عقود اللؤلؤ ذلك الذي يملكه التاجر المرحوم علي بن عبدالله العويس· ويضم الخليج العربي في أعماقه أنواعاً كثيرة من المحار الذي يعرف بأسماء مختلفة بحسب الحجم والشكل· ويوجد المحار في القاع إما ملتصقاً في مجموعات، فيقطع الغواص المجموعة بأكملها، أو ملتصقاً في قاع البحر كالجذور فيقوم بقطعه بالسكين· وربما يستطيع التقاط بعضه باليد، وعادة ما يكون المحار مغطى بالطحالب والأعشاب وبعض المرجان، ولكن في كل الأحوال لا يستطيع الغواص أن يميز أي المحارات يكمن في أحشائها اللؤلؤ، ويعرف أهل البحر أن من بين كل ألف محارة ربما توجد لؤلؤة واحدة· أنواع المحار يقول الكابتن جمعة خليفة بن ثالث، منسق قسم التراث بجمعية الإمارات للغوص: ''المحار أنواع منه (العسيرين) وهو من المحار الصغير الحجم، و(الزنية) وهو مستطيل الشكل ولونه أسود، و(الفصمة) وهو من الحجم المتوسط، و(الخالوف) وشكله مختلف تماماً عن بقية المحار ولذلك سمي الخالوف، و(محار الصديفي) ويختلف من شكل إلى آخر حسب المكان (من هير إلى آخر- والهير مكان الغوص وتسمى هيور أو هيرات)، والصديفي نوع مشهور وسائد في دول الخليج، والهند وسيريلانكا، وتتدرج ألوانه ما بين البيج والكريمي والأحمر والبني المائل إلى الاخضرار''· أنواع اللؤلؤ وعن أنواع اللؤلؤ يشير بن ثالث إلى وجود أنواع كثيرة من اللؤلؤ مختلفة في الجمال والجودة، ومن أجملها (الجيون)، وهي الثمينة نظراً لتمتعها بالصفاء والنقاء ولاستدارتها المكتملة، وتتميز أيضاً بلونها الأبيض المشرب بحمرة خفيفة· كما تداول أهل الخليج نوعاً من الدر عرف باسم فارسي (الشيرين) وتعني الحلو، أما (الخشن) فلها صفات الجيون إلا أنها صغيرة الحجم· ومن أنواع اللؤلؤ (القولوة) وهي غير كاملة الاستدارة وتعتبر من الأنواع الجيدة، أما (البدلة) فتأتي في المرتبة الخامسة من حيث جودتها وجمالها، وعيبها يكمن في عدم استدارتها بشكل كامل· ومن اللآلئ الجميلة والمستديرة بشكل كامل (الناعم أو الناعمة) ويميزها حجمها الصغير، وهناك نوع آخر صغير الحجم غير كامل الاستدارة وهو (البوكة)، أما لؤلؤ (الفص) فعادة ما تكون ملتصقة بجدار المحارة وتتطلب مهارة لتخليصها منها، ومن أعظم اللآلئ أيضاً الحصباة، واليكة، وهناك الخشرة التي هي كالتراب في حجمها· أسواق اللؤلؤ جرى العرف عند تجار اللؤلؤ على أن المنامة في مملكة البحرين أحد أهم أسواق اللؤلؤ في الخليج، و(لنجة) على الساحل الشمالي من الخليج، ومن أهم الأسواق التي اشتهرت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، سوق بومباي في الهند، وسوق سيريلانكا، وسوق الكويت، وسوق دبي، وفي الوقت ذاته كانت أسواق اللؤلؤ في الهند من أهم أسواق تصريف اللؤلؤ، وكذلك الأصداف والمحار، وخصوصاً اللآلئ الكبيرة التي يكثر عليها الطلب· وفي الوقت الذي كان التجار الهنود يتعرضون لأية عوائق سياسية أو اجتماعية تمنعهم من السفر إلى أسواق الخليج، فإن التجار الخليجيين كانوا لا يتوقفون عن التجارة ويبادرون إلى السفر إلى الهند وغيرها، بحثاً عن مستثمرين لبيع اللؤلؤ· وكان تجار اللؤلؤ يعتمدون معايير بعينها لتحديد ثمن اللؤلؤ -كما يقول جمعة بن ثالث- وهي الصنف والحجم والوزن، وهناك معايير أخرى مثل النوع والشكل واللون، ومعه النقاء والصفاء، أو نعومة الملمس· وفي زمن الغوص عندما كان أحد البحارة يجد في محارته حصباة أو دانة، فإنه يركض إلى (النوخذة) بالبشارة فينهض له النوخذة، وفي هذه الحالة يمنحه مبلغاً من المال وبشتاً (وهو عباءة الرجال التي تدل على الفخامة) مكافأة له، لأن وجود لؤلؤة ثمينة يعني حصولهم على أرباح كثيرة، وفي الغالب كانت السفينة تعود إلى الديار مكتفية من رحلة الغوص بتلك اللؤلؤة الثمينة، وبعد بيعها يأخذون استراحة قصيرة كمكافأة لأنفسهم ثم يعودون إلى مغاصات أخرى· الطواش من أهم شخصيات سيناريو الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، هو الذي ينتقل من سفينة إلى أخرى في (الهيرات) لشراء اللؤلؤ، يستيقظ في الصباح الباكر ويركب سفن (الطواشة) ليزور سفن الغوص المتناثرة هنا وهناك· وكانت سفن الطواشة محملة ومجهزة بكافة الاحتياجات الخاصة بالرحلات، وتقدم للبحارة على ظهرها 3 وجبات غذائية بعكس سفن الغوص التي تقدم عليها فقط وجبة العشاء، وكانت سفن (الطواشة) تمول بعض سفن الغوص بما ينقصها من مواد غذائية واحتياجات الرحلة، ولذلك لم يكن بوسع سفن الغوص التصرف بما تجمعه من لؤلؤ، وكأنها أصبحت محتكرة لذلك الطواش· يبقى الطواش منتظراً خلال مرحلة فلق المحار في شوق وترقب ولهفة، وتمتد ساعات عمله إلى بضع ساعات في الصباح، ثم يركن للراحة مع بحارته، وربما يتزاور مع طواش آخر لتبادل الأحاديث وسرد الأخبار التجارية أو السياسية أو الاجتماعية، ولكن كل طواش يعمل بحنكة كي يسبق بقية زملاء المهنة إلى أكبر عدد من سفن الغوص، ومن قوانين البحر أن لا يصعد الطواش لأي سفينة غوص إلا بعد أن يكون الجميع قد انتهوا من عملية فلق المحار، واليوم يعتبر اللؤلؤ الطبيعي من أثمن الجواهر وقد أصبح باهظ الثمن·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©