الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كتب للقراءة وكتب للماشية

كتب للقراءة وكتب للماشية
21 يناير 2011 20:57
أعترف بأنني لست الزوج الذي تحلم به النساء، فأنا في الحقيقة زوج كابوس وكنت أسأل نفسي بعد كل وجبة مشكلات: لماذا أنا سيئ إلى هذه الدرجة؟ قلت إنني «كنت» أسأل نفسي، أي أنني كنت في السابق أعيد حساباتي وأحاول فتح صفحة جديدة وأبادر إلى تنقية الأجواء التي كهربتها بتصرفاتي. لكنني توقفت عن كل مراجعة بعد أن قرأت كتاباً عن الحياة الزوجية. إلى ما قبل قراءة ذلك الكتاب كنت أعتقد أنني المخطئ في 99 بالمئة من الحالات، وبعد القراءة أصبحت موقناً أنني المخطئ في 49 بالمئة فقط، أي أقل من النصف، ذلك أن الكتاب أعطاني تفسيراً منطقياً للحالات التي كنت أثور فيها، واكتشفت أنني لم أكن ظالماً حين فعلت كذا وكذا، واتضح لي أن كل الأزواج مثلي، وكلهم لهم الحق في ردّات أفعالهم. بالطبع أنا أخذت من الكتاب ما هو لصالحي وتجاهلت كل ما هو لصالح الطرف الآخر. وكنت إلى ما قبل قراءة ذلك الكتاب اللعين أتغاضى أحياناً عن بعض الأشياء التي تثير حنقي وأقول في نفسي: «الأمر لا يستحق إثارة مشكلة، ويبدو أنني عصبي أكثر من اللازم، وربما أحتاج إلى زيارة طبيب نفسي». لكن الكتاب بصّرني ووضع الإصبع على جروحي، فأنا لست عصبياً ولا مجنوناً والأمر فعلاً يستحق إثارة مشكلة كبيرة. وصرت أتذكّر مقولات الكتاب ونظرياته قبل، وفي أثناء، وبعد، أي مشكلة. ويبدو أنني لم أوّفق في اختيار الكتاب المناسب لحالتي، فقد تسبّب هذا الكتاب في ترسيخ جذور طباعي السيئة في تربة روحي، وهو ما حصل أيضاً لصديق لي معتد برأيه بشكل غريب، ولا يتنازل عن حقه في أبسط الأشياء، ويتعامل مع الناس بالميزان والمسطرة، فهو مثلاً يرفض تلبية دعوة حضور حفل زواج أي شخص لم يلبي دعوته، بقطع النظر عن ظروف ذلك الشخص أو ملابسات عدم تلبيته الدعوة، وإذا طلب منك الولاعة فتأففت قليلاً من باب الدعابة، فإنه لن ينسى هذا التأفف ولا بد أن يتأفف في وجهك في يوم من الأيام ويقول لك: هل تذكر ذلك اليوم؟ وكنت بين الحين والآخر، وبسبب كثرة خلافاته مع الأصدقاء و»زعله» الذي لا نهاية له، أنصحه بعدم تضخيم الأمور وأحثّه على بعض المرونة والتغاضي والنسيان لتمضي الحياة. وكنت أقول له إن طبعه غليظ مثل العصير المركّز، وكي يكون مستساغاً ومقبولاً بين الناس، عليه أن يضيف بعض الماء على طبعه الحاد، فكان يهزّ رأسه بما يعني الموافقة. لكنه قرأ كتاباً ملخصه أن على المرء أن يأخذ حقه كي يستطيع أن يعطي الآخرين حقوقهم، وأنه لا ينبغي التنازل عن الرأي أو الموقف أو الحق في كل الحالات. وتسبّب هذا الكتاب في تحويله إلى قطعة فولاذ، لأن الكتاب عزف على الأوتار المحببة إليه في طبعه الأخرق، وأصبح لا يطيق النقاش بشأن هذه المسألة، لأنه ثبت له علمياً أنه على حق في كل ما يفعله. وأعرف أنني مبتلى بالكثير من العيوب، وأفكّر بين الحين والآخر في هذه العيوب وأعاهد نفسي على إزالتها في أقرب فرصة ممكنة، لكنني في الوقت نفسه أرى على رفوف مكتبتي كتباً أستشف من عناوينها أن بها تفسيرات منطقية لعيوبي وربما إيجابياتها، ولا أعرف إن كان من المناسب أن أقرأها أو أقدمها هدية للماشية؟ أحمد أميري me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©