الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسجد مركز إشعاع حضاري وحصن لقيم المجتمع وفضائله

المسجد مركز إشعاع حضاري وحصن لقيم المجتمع وفضائله
17 أغسطس 2011 22:26
المساجد في الإسلام، والتردد عليها علامة على الإيمان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشه هي بيوت الله تعالى التي تتنزل فيها الرحمة والسكينة، وتحفها الملائكة، وهي مكان أنس المؤمنين وانشراح صدورهمدوا له بالإيمان) في المساجد تتجلى مظاهر حضارة المسلمين وتستبين معالم تقدمهم، ومن أول هذه المظاهر الحضارية نراه في وحدتهم صفاً، وتوحيدهم إيماناً وفكراً، ونراه في قمة المساواة عندما يلتقي غنيهم وفقيرهم، عالمهم وجاهلهم، أبيضهم وأسودهم، يلتقون في مكان واحد وتجمعهم عبادة واحدة لا يتمايز فيها أحد على أحد. ان الدور المطلوب من المساجد هو بحجم مسؤوليتنا الحضارية ونظرتنا الإنسانية والتي اختصرها الرحالة ابن جبير في قوله (إن المساجد كانت مكاناً يواسى فيه الفقراء ويطعمون، ويضاف فيه الغرباء ويكرمون، وينطلق منها الناس للتعارف والاجتماع بعلماء البلد ووجهائها)، لذلك يفترض بالمسجد أن يكون مكاناً لتعلم العلم ولتعلم الآداب الاجتماعية والفضائل العامة، والتمرس على صفات الرجولة والقدوة، والتدرب على الإتقان والانضباط والنظام واحترام المواعيد، ومعرفة قيمة الوقت، ويعود على التجمل والتزين، ويربي على التواضع والألفة والمحبة والمودة بين أبناء المجتمع الواحد، وكذلك ينمي مشاعر التفاعل بين المصلين، ومشاركة الآخرين في سرائهم وضرائهم. ومن هنا يفترض بالمساجد أن ترقى بالفرد وبالمجتمع إلى مستوى متقدم من التقارب الحضاري والتفاعل الاجتماعي، وأن تشكل صلة الوصل بين أبناء المجتمع، وتعطي القدرة الفكرية على استيعاب الآخر، وتؤمن النظرة الشمولية الواسعة لمفهوم التعاون الإيجابي بين بني البشر، لذلك كانت الإشارة النبوية واضحة في الحث على أن يكون المسلم عضواً متكاملاً مع مجتمعه، وفرداً ضمن مجموع بيئته. إن حاجة المجتمع لوجود المساجد تتلازم تماماً مع حاجته للعقيدة الصحيحة الأصيلة وللأفكار المعتدلة السليمة، وللسلوك الوسطي المستقيم، وللمثل الكاملة والأخلاق الراقية، وهذا ما حققه نبينا عليه الصلاة والسلام عندما دخل المدينة المنورة فكان أول ما فعل أن أقام مسجداً جعله أول ركيزة في بناء الصرح الإسلامي الحضاري، وكان محور استقطاب لكل حركة المجتمع الفكرية والدينية والاجتماعية، وباعتبار أن من أهم مقومات ومتطلبات الحضارة والتقدم تمتين أواصر المحبة والتعاون والتعارف والتقارب بين الناس جميعاً وخاصة بين المسلمين، فتلاشت فيه الفوارق والطبقات، وتلاقت فيه الأفكار والآراء، وظهرت فيه روح العدالة والمساواة، وتأصلت من خلاله روابط المحبة والألفة، وترسخت مبادئ الوسطية والاعتدال. الجهات التربوية أن تنشئة الأجيال تنشئة حضارية صالحة هي مهمة الجهات التربوية وخاصة البيت والأسرة، ودور المسجد هنا هو أن يشارك البيت في تربية وتوجيه أفراده وذلك من خلال خطب الجمعة وخطب الأعياد والدروس والوعظ اليومي والموسمي، والاحتفالات الدينية والنشاطات الاجتماعية والتواصل الدائم، فيساهم بذلك في صقل شخصيتهم، وصياغة مكوناتهم الفكرية والوجدانية صياغة إسلامية منفتحة معتدلة، وينشئهم على محبة الله ورسوله وعامة المسلمين، وقبولهم لمن عداهم على مبدأ التعاون والتكامل، ويربيهم على الولاء للأوطان وطاعة ولاة الأمر، وعلى الالتزام بالسلوك الإيماني الحسن في السر والعلن، ومع القريب أو البعيد على حد سواء. ومن أجل أن يكون المسجد كما نريده مركز اشعاع حضاري، وحصنا للقيم والفضائل، ومركز التقاء المسلمين وتناصحهم، ومنتداهم الذي فيه يتعارفون وفي ظلاله يتآلفون، وفي ربوعه يتعاونون على كل أنواع البر والخير والنفع العام، وأن يكون هو رحم الإيمان الذي يحتضن المسلم عند أي شدة أو بلوى أو مصيبة، فيعينه بالتعزية وبتجاوزها ويساعده على تخطيها. علينا أن نهيئ له الظروف والإمكانيات والمعطيات الكفيلة التي تؤهله للقيام بدوره وأداء المهام المنوطة به على أتم وجه. فعلينا أن نتعامل مع المساجد وننظر إليها على أنها ذات رسالة شاملة تستوعب الكثير من مناحي الحياة الاجتماعية، وتشمل الجوانب الشخصية والأسرية، وان لا نقصر دورها على أداء شعائر الصلاة وبعض مظاهر العبادات. التنمية الحضارية أننا عندما نتكلم عن دور المسجد في التنمية الحضارية والتربية المتقدمة، إنما نتكلم عن حقيقة لا عن خيال وعن واقع لا عن مثال وعن ممكن لا عن مستحيل، فهذا هو الدور المطلوب من المسجد، وهذا هو الهدف المراد تحقيقه من خلاله، وهذه هي الحكمة التي على ضوئها شرع لنا الله تعالى بناء المساجد ورتب على بنائها الأجر الكبير والثواب العظيم، فما كان الإسلام ليربط الجنة ونعيمها، ويبشر عمار المساجد بالظل يوم الحر، وبالحور والقصور، لولا أن القضية هي أكبر من بناء حجر، وأهم من رفع حائط، قال الله تعالى: (انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بنى مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) فهي عمارة يجب أن تساهم وتؤسس في نهضة المجتمع، وتقدمه الحضاري والإنساني، وفي تكوين الفكر المنفتح والثقافة الواسعة، وبلورة شخصية المسلم، وهذا أوجب ما يكون اليوم مع تقارب الحضارات وتواصل العالم والتقدم العلمي والتكنولوجي والحضاري، فيجب أن نطور نظرتنا إلى مساجدنا لتأخذ دورها في مواكبة المستجدات واللحاق بركب التطور. هشام يحيى خليفة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©